الباحث القرآني

﴿وما يَنظُرُ هَؤُلاء﴾ أي: أهل مكة ﴿إلا صَيْحَةً واحِدَةً﴾ هي نفخة الفزع ﴿مّا لَها مِن فواقٍ﴾: من رجوع أي: نفخة واحدة لا تُثنّى ولا تردَّد أو ما لها من توقف مقدار فواق، وهو ما بين الحلبتين ﴿وقالُوا رَبنا عَجِّل لنا قِطَّنا﴾: نصيبنا من العذاب الذي يعد من يدعي النبوة، أو كتابنا الذي فيه أعمالنا ننظر فيه، أو نصيبنا من الجنة التي بعدها ﴿قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ﴾ قالوا ذلك استهزاء، فإنهم غير مؤمنين بالجنة ولا بالنار ولا بيوم الحساب ﴿اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ﴾: من السخرية ﴿واذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ﴾ أي: اصبر واذكر قصته كيف لقي من توبيخ الله تعالى بسبب زلة يسيرة [[عبارة فيها سوء أدب مع نبي الله داود - عليه السلام - وأين هذه الزلة والآيات تفتتح بالثناء عليه - عليه وعلى نبينا أزكى الصلاة وأتم التسليم.]]، فصُنْ نفسك عن أن تزل فيما أمرتك من تحمل أذاهم، وقيل معناه: اصبر وعظم أمر معصية الله تعالى في أعينهم بذكر قصة داود ﴿ذا الأيْدِ﴾: ذا القوة في الطاعة ﴿إنَّهُ أوّابٌ﴾: رجاع إلى الله تعالى في أموره وشئونه ﴿إنّا سَخَّرْنا الجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ﴾ أي مسبحات معه ﴿بِالعَشِيِّ والإشْراقِ﴾ وقت الإشراق حين تشرق الشمس وهو وقت الضحى ﴿والطيْرَ﴾ عطف على الجبال ﴿محْشُورَةً﴾: مجتمعة محبوسة إليه من كل جانب ﴿كُلٌّ لَهُ أوّابٌ﴾: مطيع أو رجاع إلى التسبيح كلما رجع داود إلى التسبيح، فهذه الأشياء كانت ترجع إلى تسبيحها ﴿وشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾: قويناه بالهيبة وكثرة الجنود ﴿وآتيْناهُ الحِكْمَةَ﴾: الفهم والعقل والإصابة في الأمور أو النبوة ﴿وفَصْلَ الخِطابِ﴾: الفاصل من الخطاب بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل ﴿وهَلْ أتاكَ نَبَأُ الخَصْمِ﴾ الخصم في الأصل مصدر، فلذلك أطلق على غير واحد، والمراد من هذا الاستفهام التشويق إلى استماعه ﴿إذْ تَسَوَّرُوا المِحْرابَ﴾: تصعدوا سور الغرفة ونزلوا إليه، وإذ ظرف للنبأ على حذف مضاف أي: قصة نبأ الخصم، أو متعلق بمحذوف أي: نبأ تحاكم الخصم، أو بالخصم لما فيه من معنى الفعل ﴿إذْ دَخَلُوا عَلى داوُودَ﴾ بدل من إذ تسوروا، أو ظرف لتسوروا ﴿فَفَزِعَ مِنهُمْ﴾ إذ دخلوا بغير إذنٍ في غير وقت دخول الخصوم، فإن له يومًا معينًا للقضاء ﴿قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ﴾ أي: نحن خصمان، والتحاكم بين ملكين تصورا في صورة خصمين من بني آدم، والظاهر أن معهما غيرهما فمعناه: نحن فوجان متخاصمان ﴿بَغى﴾: ظلم ﴿بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ﴾ وهذا تمثيل منهم، وتعريض بحال داود، وما صدر عنه، وتصوير للمسألة، وفرض لها ﴿فاحْكُم بَيْنَنا بِالحَقِّ ولا تُشْطِطْ﴾: لا تجر في الحكومة ﴿واهْدِنا إلى سَواء الصِّراطِ﴾: إلى وسطه وهو العدل ﴿إنَّ هَذا أخي﴾: في الصداقة ﴿لَهُ تِسْعٌ وتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾ هي الأنثى من الضأن كناية عن المرأة [[وإن وردت به اللغة لكنه ليس مرادا في هذا المقام، وقد أصاب وأجاد المؤلف - رحمه الله - عندما حكم على كلام القصاص بالبطلان وعدم الصحة.]] ﴿ولِى نعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أكْفِلْنِيها﴾: ملكنيها واجعلني أكفلها ﴿وعَزَّنِي في الخِطابِ﴾: غلبني: في مخاطبته إياي، لأنه أقدر على النطق فقهرني ﴿قالَ﴾: داود لما اعترف الخصم الآخر: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعاجِهِ﴾ في السؤال تضمين كأنه قال: بإضافة نعجتك إلى نعاجه على وجه الطلب، وقصته أن عين داود وقعت على امرأة رجل فأعجبها، فسأله النزول عنها، فذنبه مجرد أنه التمس النزول عن امرأته، وعن بعضهم ذنبه أن زوجها قتل في بعض الغزوات، فلم يغتم داود اغتمامه بالشهداء، فتزوج امرأته، وما يذكره القصاص ليس له أصل يعتمد عليه، بل منقول عن علي - رضى الله عنه - أنه قال: من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين ﴿وإن كَثِيرًا مِّنْ الخُلَطاءِ﴾: الشركاء ﴿لَيَبْغِي﴾ يظلم ﴿بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ إلّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وقَلِيلٌ ما هُمْ﴾ ما مزيدة للإبهام، وفيه تعجب من قلتهم ﴿وظَنَّ﴾ أي: علم ﴿داوُودُ أنَّما فَتَنّاهُ﴾ ابتليناه ذكر أنه لما قضى بينهما نظر أحدهما إلى صاحبه، فضحك فصعدا إلى السماء، فعلم أنه تمثيل بحاله ﴿فاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ﴾: من ذنبه ﴿وخَرَّ راكِعًا﴾ سمي السجود ركوعًا، لأنه مبدأه، أو معناه خر للسجود حال كونه راكعًا أى: مصليًا ﴿وأنابَ﴾ رجع إلى الله تعالى بالتوبة، وذُكِرَ أنه استمر ساجدًا أربعين يومًا ﴿فَغَفَرنا لَهُ ذَلِكَ وإن لَهُ عِندَنا لَزُلْفى﴾: لقربة ﴿وحُسْنَ مَآبٍ﴾: مرجع ومنقلب ﴿يا داوُودُ إنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً﴾: استخلفناك على الملك ﴿فِى الأرْضِ﴾ أو خليفة ممن قبلك من الأنبياء ﴿فاحْكُم بَيْنَ النّاسِ بالحَقِّ﴾: الذي هو حكم الله تعالى ﴿ولا تَتَّبِعِ الهَوى﴾ هوى النفس في قضائك ﴿فَيُضِلَّكَ﴾: اتباع الهوى ﴿عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ طريقه المستقيم ﴿إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهم عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الحِسابِ﴾: بسبب نسيانهم يوم القيامة فلم يعملوا له، وقيل ظرف متعلق بلهم، ومفعول نسوا متروك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب