الباحث القرآني

﴿أفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإسْلامِ﴾: وسَّعه لقبول الحق، ﴿فَهُوَ عَلى نُورٍ مِن رَبِّهِ﴾: يهتدي به إلى الحق، وخبره محذوف، أي: كمن أقسى الله قلبه، ويدل عليه قوله: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهم مِن ذِكْرِ اللهِ﴾، أي: غلظ وجفا عن قبول ذكره، كما تقول: أتخمت من طعام، وعن طعام أكلت، ﴿أُولَئِكَ في ضَلالٍ مبِينٍ اللهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ﴾، أي: القرآن، ﴿كتابًا﴾، بدل أو حال، ﴿متَشابِهًا﴾: يشبه بعضه بعضًا في الفصاحة، أو صحة المعنى من غير مخالفة، ﴿مَثانِيَ﴾ جمع مثني مفعل، من التثنية بمعنى الإعادة، والتكرير، فإن قصصه وأحكامه ومواعظه ووعده ووعيده مكرر معاد صفة لـ كتابًا، وهو في الحقيقة صفة ما يتضمنه الكتاب من السور، والآيات، وعن بعضهم: إن سياق الكلام إذا كان في معنى واحد يناسب بعضه بعضًا فهو المتشابه، وإن كان يذكر الشيء وضده كذكر المؤمنين، ثم الكافرين، والجنة، ثم النار، كقوله تعالى: ”إن الأبرار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم“ [الانفطار ١٣، ١٤] فهو من المثاني، ﴿تَقْشَعِرُّ﴾: تضطرب وتشمئز، ﴿منه﴾: من القرآن، لأجل خشية الله، ﴿جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾، وفي الحديث: ”إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تعالي، تحاتت منه ذنوبه كما يتحات عن الشجر اليابسة ورقها“ ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهم وقُلُوبُهم إلى ذِكْرِ اللهِ﴾، لما يرجون من رحمته، ولطفه، فهم بين الخوف والرجاء، ولتضمين معنى السكون عداه بإلى، ﴿ذلِكَ﴾، أي: الكتاب، أو الخوف والرجاء، ﴿هُدى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشاءُ ومَن يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِن هادٍ أفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ العَذابِ﴾: شدته، ﴿يَوْمَ القِيامَةِ﴾، ظرف ليتقي، وخبره محذوف، أي: كمن يأتى آمنًا يوم القيامة، والإنسان إذا لقى مخوفًا استقبله بيده، ويقي بها وجهه الذي هو أعز أعضائه، والكافر الغلول لا يتهيَّأ له أن يتقي النار إلا بوجهه، ﴿وقِيلَ﴾، حال بتقدير قد، ﴿لِلظّالِمِينَ﴾، أي: لهم، ﴿ذُوقُوا﴾: وبال، ﴿ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾: القرون الماضية، ﴿فَأتاهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لاَ يَشْعُرُونَ﴾: من الجهة التي هم آمنون منها، أي: على حين غفلة، ﴿فَأذاقَهُمُ اللهُ الخِزْيَ﴾: الذل، ﴿فِى الحَياةِ الدُّنْيا ولَعَذابُ الآخِرَةِ﴾: المعد لهم، ﴿أكبَرُ﴾، من عذاب الدنيا، ﴿لَو كانُوا يَعلَمُون﴾، لو كانوا من أهل العلم لعلموا ذلك، ﴿ولَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ في هَذا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾، محتاج إليه في الدين، ﴿لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ قُرْآنًا﴾، حال موطئة من هذا، ثم وصفه بما هو المقصود بالحالية، ﴿عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾: اختلال بوجه من الوجوه، ﴿لَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾، علة أخرى مترتبة على الأولى، ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا﴾، للمشرك والمخلص، ﴿رَجُلًا﴾، بدل من مثلًا، ﴿فِيهِ شُرَكاءُ﴾، مبتدأ وخبر، ﴿مُتَشاكِسُونَ﴾: متنازعون، صفة لشركاء، والجملة صفة رجلًا، أي: مثل المشرك كعبد يتشارك فيه جمع، يختلف كل منهم في أنه عبد له، فيتداولونه في مهامهم، فهو متحير لا يدري أيهم يرضي، وعلى أيهم يعتمد إذا سنح سانح، ﴿ورَجُلًا سَلَمًا﴾: ذا خلوص، ﴿لرَجُلٍ﴾: واحد، يعرف أن له سيدًا واحدًا يخدمه خالصة، ويتكل عليه في حاله وماله، ﴿هَلْ يَسْتَوِيان﴾، هذان الرجلان، ﴿مَثَلًا﴾، تمييز، أي: صفة وحالًا، ﴿الحَمْدُ لله﴾: لا حمد لغيره، فإنه هو المنعم وحده، ﴿بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْلَمُونَ﴾، فيشركون به غيره، ﴿إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهم مَيِّتُونَ﴾، أي: أنتم في عداد الموتى، فإن ما هو كائن، فكأنه قد كان، ﴿ثُمَّ إنَّكُمْ﴾، فيه تغليب المخاطب، ﴿يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكم تَخْتَصِمُونَ﴾، أي: إنك وإياهم تختصمون، فتحتج أنت عليهم بما لا شبهة فيه، ويعتذرون بما لا طائل تحته، وأكثر السلف حمل ذلك على اختصام الجميع حتى الروح والجسد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب