الباحث القرآني

﴿وما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ﴾ من الجرائم فأنتم السبب، والفاء لتضمين ”ما“ معنى الشرط، ومن قرأ بغير الفاء فمن غير تضمين ﴿ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ فلا يعاقبكم لا في الدنيا ولا في الآخرة بها ”ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا“ [فاطر: ٤٥] وعن علي - رضي الله عنه - قال: ألا أخبركم بأفضل آية حدثنا بها رسول الله ﷺ؟ ”ما أصابكم من مصيبة“ الآية قال: وسأفسرها لك يا علي ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا، فبما كسبت أيديكم والله أحلم من أن يثني عليهم العقوبة في الآخرة، وما عفى الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه ”﴿وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرْضِ﴾ فيصل إليكم لا محالة ما قدر الله تعالى لكم ﴿وما لَكم مِن دُونِ اللهِ مِن ولِيٍّ ولا نَصِيرٍ﴾ فإنه هو المتولي والناصر وحده ﴿ومِن آياتِهِ الجَوارِ في البَحْرِ كالأعْلامِ﴾ أي: السفن كالجبال في العِظَم، والظرف متعلق بما يتعلق به“ من آياته ”وكالأعلام حال من ضميره ﴿إنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ﴾: يصرن ﴿رَواكِدَ﴾: ثوابت ﴿عَلى ظَهْرِهِ﴾ أي: ظهر البحر ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ﴾: لكل مؤمن سافر في البحر ورأى عجائبه، فإنه صبر على شدائد البحر وشكر عند الخلاص، والكافر يجزع فلا يشكر ﴿أوْ يُوبِقْهُنَّ بما كَسَبُوا﴾: يهلك أهلهن بالغرق بسبب ذنوبهم، عطف على يسكن الريح ﴿ويَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ﴾ تقديره: أو إن يشأ يعصف الريح، فيوبق بعضًا من أهلهن، وينج بعضًا على العفو عنهم ﴿ويَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِنا﴾ لإبطالها ﴿ما لَهمْ مِن مَحِيصٍ﴾: مهرب من عذابه المقدر، ومن قرأ بنصب“ يعلم ”فعنده عطف على تعليل محذوف، أي: يوبقهن لينتقم منهم ويعلم ﴿فَما أُوتِيتُمْ مِن شَيْءٍ فَمَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ لا يبقى بعد الموت ﴿وما عِندَ اللهِ﴾ من الثواب ﴿خَيْرٌ وأبْقى﴾ لما كانت سببية كون الشيء عند الله تعالى لخيريته أمرًا مقررًا في العقول، غنيًّا عن الدلالة عليه بحرف موضوع له، بخلاف سببية كون الشيء عندكم لقلته وحقارته أتى بالفاء في الأول دون الثاني ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ قيل: نزلت في أبي يكر - رضى الله عنه - حين تصدق بجميع ماله ولامه الناس ﴿والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ﴾ عطف على ﴿لِلَّذِينَ﴾، والأصح أن الكبائر: كل ما ورد فيه وعيد شديد في الكتاب والسنة ﴿والفَواحِشَ﴾: تزايد قبحه، أو ما يتعلق بالفروج، تخصيص يعد تعميم ﴿وإذا ما غَضِبُوا هم يَغْفِرُونَ﴾ سجيتهم الصفح لا الانتقام ﴿والَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ﴾: أجابوه حين دعاهم إلى الطاعة بلسان رسوله - عليه الصلاة والسلام ﴿وأقامُوا الصَّلاةَ وأمْرُهم شُورى بَيْنَهُمْ﴾: ذو شورى، لا يبرمون أمرًا حتى يتشاوروا فيه ﴿ومِمّا رَزَقْناهم يُنْفِقُونَ والَّذِينَ إذا أصابَهُمُ البَغيُ﴾: الظلم ﴿همْ يَنْتَصِرونَ﴾ يعني: يعفون فى محل العفو، وينتقمون في محل الانتقام، ليسوا أذلة عاجزين ﴿وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها﴾ عقب وصف الانتقام بهذا إشارة إلى منع التعدي، وسمى الثانية سيئة للازدواج ﴿فَمَن عَفا وأصْلَحَ﴾ بينه ويبن عدوه ﴿فَأجْرُهُ عَلى اللهِ﴾ أبهم الجزاء للتعظيم ﴿إنَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ﴾: الذين يبدءون بالظلم ﴿ولَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾ من إضافة المصدر إلى المفعول، أي: بعد ظلم الظالم إياه ﴿فأُولَئِكَ﴾ إشارة إلى معنى“ من " ﴿ما عَلَيْهِمْ مِن سَبِيلٍ﴾ بعقوبة ومؤاخذة ﴿إنَّما السَّبِيلُ﴾ أي: ما السبيل بالمعاقبة إلا ﴿عَلى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ﴾ لا على من ينتصر ﴿ويَبْغُونَ في الأرْضِ بغَيْرِ الحَقِّ أُولَئِكَ لَهم عَذابٌ ألِيمٌ ولَمَن صَبَرَ﴾ على الأذى ﴿وغَفَرَ﴾ ولم ينتصر ﴿إنَّ ذَلِكَ﴾ إشارة إلى صبره، لا إلى مطلق الصبر، فلا يحتاج إلى تقدير ضمير ﴿لَمِن عَزْمِ الأمُورِ﴾: لمن الأمور المشكورة، والأفعال الحميدة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب