الباحث القرآني

﴿ولَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا﴾ لما نزل ”إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم“ [الأنبياء: ٨٩] جادل ابن الزبعري وقال: رضينا، إن آلهتنا مع عيسى فجعلوه مثلًا حجة سائدة، أو مقياسًا ومثالًا في بيان إبطال ما ذكر من أنكم وما تعبدون ﴿إذا قَوْمُكَ﴾: قريش ﴿مِنهُ يَصِدُّونَ﴾: يضجون فرحًا بأنه أسكت رسول الله ﷺ ومن قرأ بضم الصاد فمعناه: من أجل هذا المثل يعرضون عن الحق، وعن الكسائي: هما لغتان كـ يعرُش ويعرِش، قال الواحدي: إذا قومك المؤمنون يضجون من هذا يعني غمًّا وشكًّا ﴿وقالُوا أآلِهَتُنا خَيْرٌ﴾ عندك ﴿أمْ هُوَ﴾ أي: عيسى فإن كان هو حصب جهنم فليكن آلهتنا كذلك ﴿ما ضَربوهُ﴾ أي: المثل ﴿لَكَ إلّا جَدَلًا﴾ لأجل الجدل فإنه معلوم لكل من له نظر، أن المراد مما تعبدون: الأصنام، سيما إذا جعل ﴿ما﴾ لغير العقلاء على ما هو المتبادر إلى الفهم عند الإطلاق ﴿بَلْ هم قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ فهذا رد الله تعالى عليه إجمالًا، وتفصيله في موضع آخر، حيث قال: ”إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى“ كالملائكة وعيسى وعزير ﴿أولئك عنها مبعدون﴾ ﴿إنْ هوَ﴾: عيسى ﴿إلّا عَبْدٌ أنعَمْنا عَلَيْهِ﴾ بالنبوة ﴿وجَعَلْناهُ مَثَلًا﴾: أمرا عجيبًا ﴿لِبَنِي إسْرائِيلَ (٥٩) ولَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنكُمْ﴾ بدلكم ﴿مَلائِكَةً في الأرْضِ يَخْلُفُونَ﴾ أي: يخلفونكم في الأرض يعبدونني، فالملائكة وعيسى لا يستحقون الألوهية، وقيل: معنى لجعلنا منكم لولدنا منكم يا رجال ملائكة، كما ولدنا عيسى من غير فحل، لتعرفوا أن الملائكة مثلكم أجسام، وأن الله تعالى قادر على كل شيء ﴿وإنَّهُ﴾: عيسى ﴿لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ﴾ أي: علامتها، فإن نزوله من أشراطها وقيل ما وضعت على يديه من إحياء الموتى وغيرها، كفى به دليلًا على علم الساعة وقيل: الضمير للقرآن فإن فيه الدلالة عليها، ﴿فَلا تَمْتَرُنَّ بِها﴾: لا تشكن فيها، ﴿واتَّبِعُون﴾ أي: شرعي وما أخبركم به، ﴿هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾: أي ما أدعوكم إليه صراط لا يضل سالكه، ﴿ولا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ﴾: عن اتباعه، ﴿إنَّهُ لَكم عَدُوٌّ مُبِينٌ ولَمّا جاءَ عِيسى بِالبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكم بِالحِكْمَةِ﴾: النبوة، ﴿ولِأُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ هو من عطف الجملة أي: جئتكم بالحكمة وجئتكم لأبين لكم، وجاز عطفه على محذوف عام، أي: جئتكم بالحكمة لمصالحكم ولأبين، ﴿بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ أي: بعضًا توضيحه صلاح دينكم، أو بعض ما أنتم تختلفون فيه من أحكام التوراة فإن الذي لم يختلفوا فيه لما احتاج إلى تبيين، ﴿فاتَّقُوا اللهَ وأطِيعُونِ إنَّ اللهَ هو رَبِّي ورَبُّكم فاعْبُدُوهُ هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فاخْتَلَفَ الأحْزابُ مِن بَيْنِهِمْ﴾ الفرق المتحزبة، منهم من يقر بأنه عبد الله ورسوله، ومنهم من يدعي أنه ولد الله أو هو الله ومنهم من يدعي أنه كذاب، ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِن عَذابِ يَوْمٍ ألِيمٍ هَلْ يَنْظُرُونَ﴾: ينتظرون، ﴿إلّا السّاعَةَ أنْ تَأْتِيَهُمْ﴾: إلا إتيان الساعة، وأن تأتيهم بدل من الساعة، ﴿بَغْتَةً﴾: فجأة، مفعول مطلق، ﴿وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ لإنكارهم، أو لانهماكهم في دنياهم، يعني: أنها تأتيهم لا محالة، فكأنهم ينتظرونها، ﴿الأخِلّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ يومئذ ظرف، عدو والفصل بالمبتدأ غير مانع، ﴿إلّا المُتَّقِينَ﴾ فإن محبتهم تبقى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب