الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ أهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ﴾، يا أهل مكة، ﴿مِنَ القُرى﴾، كحجر ثمود، وقرى قوم لوط، ﴿وصَرَّفْنا الآياتِ﴾: بيناها مكررًا، ﴿لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ﴾، عن ضلالتهم، ﴿فَلَوْلاَ﴾: فهلا، ﴿نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ قُرْبانًا آلِهَةً﴾، أي: الذين اتخذوهم متجاوزين الله تعالى آلهة متقربًا بهم، كما قالوا: ﴿هؤلاء شفعاؤنا﴾ [يونس: ١٨] فـ قربانا حال من المفعول الثاني، أي: آلهة، أو مفعول له، ﴿بَل ضَلوا عَنْهُمْ﴾، لم ينفعهم عند نزول العذاب، ﴿وذلِكَ﴾، أي: ضلالهم عنهم، ﴿إفْكُهُم﴾، أي: أثر صرفهم عن الحق، ﴿وما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾، وافترائهم، وهذا كمن أدب أحدًا فلم يتأدب، وظهر منه سوء أدب، فيقال له تقريعًا: هذا تأديبك، ﴿وإذ صَرَفنا﴾: أملنا، ﴿إلَيْكَ نَفَرًا﴾، هو ما دون العشرة، ﴿مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ﴾، وهو عطف على قوله: ﴿أخا عادٍ﴾، أي: واذكر إذ صرفنا، ﴿فَلَمّا حَضَرُوهُ﴾: القرآن أو رسول الله ﷺ، ﴿قالُوا﴾، بعضهم لبعض: ﴿أنْصِتُوا﴾: نستمع القرآن، ﴿فَلَمّا قُضِيَ﴾: فرغ عن قراءته، ﴿ولَّوْا﴾: رجعوا، ﴿إلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾، إياهم بما سمعوا، والأحاديث الصحاح والحسان بطرق مختلفة، تدل على أنه عليه السلام ذهب إلى الجن قصدًا فتلا عليهم، والأظهر كما قاله كثير من العلماء: أن استماعهم القرآن ليس مرة واحدة ولا يمكن توفيق الأحاديث المتضادة إلا بذلك، فمرة في طريق الطائف، ومرة في شعاب مكة، ومرة في بوادي المدينة، ﴿قالُوا يا قَوْمَنا إنّا سَمِعْنا كِتابًا أُنْزِلَ مِن بَعْدِ مُوسى﴾، لم يذكروا عيسى لأن الإنجيل فيه مواعظ، وقليل نادر من الأحكام، فهو كالمتمم للتوراة، وقيل: لأنّهُم كانوا يهودًا، ﴿مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ﴾، من كتب الله، ﴿يَهْدِي إلى الحَقِّ وإلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يا قَوْمَنا أجِيبُوا داعِيَ اللهِ وآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكم مِن ذُنُوبِكُمْ﴾، أي: بعضها، فإن المظالم لا تغفر في حق الذمي بالإيمان بخلاف الحربي، فإنه لا تبقى عليه تبعة، ﴿ويُجِرْكم مِن عَذابٍ ألِيمٍ ومَن لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ في الأرْضِ﴾، لا يعجز الله تعالى فيفوته، ﴿ولَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أوْلِياءُ﴾، ينصرونهم، ﴿أوْلَئِكَ في ضَلالٍ مبِينٍ أوَلَمْ يَرَوْا أنَّ الله الَّذِي خَلَقَ السماواتِ والأرْضَ ولَمْ يَعْيَ﴾: لم يتعب، ﴿بِخَلْقِهِنَّ﴾، ولم يضعف عن إبداعهن، ﴿بِقادرٍ﴾، خبر أن، والباء لاشتمال النفي على أن وما في حيزها كأنه قال: ”أليس الله بقادر“، ﴿عَلى أن يُحْيي المَوْتى بَلى﴾، مقررة للقدرة الواقعة بعد ليس تقديرًا، ﴿إنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ويَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلى النّارِ﴾: يعذبون عليها، ﴿ألَيْسَ هَذا بِالحَقِّ﴾، أي: قال لهم في ذلك اليوم أليس هذا، تقريعًا، ﴿قالُوا بَلى ورَبِّنا قالَ فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾: بسببه، ﴿فاصْبِرْ﴾، يا محمد، ﴿كَما صَبَرَ أُولُو العَزْمِ﴾، أي: أولو الثبات والجد منهم، والأشهر أنّهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وخاتم النبيين عليهم الصلاة والسلام، ﴿مِنَ الرُّسُلِ﴾، حال، ومن للتبعيض وعن بعضهم: إن جميع الأنبياء أولو العزم، فمن للتبيين، ﴿ولاَ تَسْتَعْجِل﴾، بالعذاب، ﴿لَهُمْ﴾: لقريش، ﴿كَأنَّهم يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلّا ساعَةً مِن نَهارٍ﴾، أي: يحسبون يوم القيامة أن مدة لبثهم في الدنيا ساعة فإنه نازل بهم لا محالة، ﴿بَلاغٌ﴾، أي: هذا يعني القرآن، أو ما وعظتم به بلاغ كفاية، أو تبليغ من الرسول، ﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إلّا القَوْمُ الفاسِقُونَ﴾: الخارجون عن الاتعاظ: والطاعة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب