﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا﴾: أعرضوا، أو منعوا الناس، ﴿عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾: عن الدخول فى الإسلام، ﴿أضَلَّ أعْمالَهُمْ﴾: أبطلها، وما جعل لها ثوابًا كتصدقهم وصلة أرحامهم، ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ﴾ تخصيص بعد التعميم تعظيمًا لشأنه، وأكده بالجملة الاعتراضية يعني قوله: ﴿وهُوَ الحَقُّ مِن ربِّهِمْ﴾، الظرف حال من ضمير الحق، ﴿كَفرَ عَنْهم سَيِّئاتِهمْ وأصْلَحَ بالَهُمْ﴾: حالهم وأمرهم، ﴿ذَلِكَ﴾ أي: الإضلال والتكفير، ﴿بِأنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الباطِلَ﴾: الشيطان، ﴿وأنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الحَقَّ﴾: القرآن، ﴿مِن ربهِمْ﴾، حال من الحق، ﴿كَذَلِكَ﴾: مثل ذلك الضرب، ﴿يَضْرِبُ اللهُ لِلنّاسِ أمْثالَهُمْ﴾ أي: لأجل الناس أمثال الفريقين، أو أمثال الناس للناس بأن جعل اتِّباع الباطل والإضلال مثلا للكفار، واتباع الحق والتكفير مثلًا للمؤمنين، ﴿فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: حاربتموهم، ﴿فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ أي: فاضربوا رقابهم ضربًا قدم المصدر مضافًا إلى المفعول بعد حذف فعله، والمراد منه القتل بأي وجه كان، ﴿حَتّى إذا أثْخَنْتُمُوهُمْ﴾: أغلظتم قتلهم، وجعلتموه كثيرًا كثيفًا قال تعالى: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى حَتّى يُثْخِنَ في الأرْضِ﴾ [الأنفال: ٦٧] ﴿فَشُدُّوا الوَثاقَ﴾ أي: فأسروهم، والوثاق ما يوثق به، ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ أي: تمنون منًّا بعد الأسر، أو يفدون فداء أراد التخيير بين الإطلاق بلا عوض وبين العوض، وعند بعض السلف أنها منسوخة بقوله ”فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم“ الآية [التوبة: ٥]، والأكثرون على أنها محكمة، ثم قال بعضهم التخيير بين القسمين فلا يجوز قتله، والأكثرون منهم وهو قول أكثر السلف على التخيير بين المنِّ والمفاداة والقتل والاسترقاق، ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْب أوْزارَها﴾: أثقالها وآلاتها أي: لا يبقى حرب، وهو بأن لا يبقى كافر، ﴿وقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله﴾ [الأنفال: ٣٩] قيل: حتى تضع الحرب آثام أهلها بأن يتوبوا، أو شرك أهلها وقبائحهم، ﴿ذَلِكَ﴾ أي: الأمر ذلك، ﴿ولَوْ يَشاءُ الله لانتَصَرَ﴾: لانتقم، ﴿مِنهُمْ﴾: بأن أهلكهم من غير قتال، ﴿ولَكِنْ﴾ شرع لكم الجهاد، ﴿لِيَبْلوَ﴾: الله تعالى، ﴿بَعْضَكمْ بِبَعْضٍ﴾: فيمحص ويخلص المؤمنين بالجهاد، ويمحق الكافرين فهو من البلية، أو من الابتلاء أي: الاختبار قال تعالى: ”أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم اللهُ“ الآية [آل عمران: ١٤٢]، ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا﴾: جاهدوا، ﴿فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ﴾: يضيع، ﴿أعْمالَهم سَيَهْدِيهِمْ﴾: إلى سبل السلام، ﴿ويُصْلِحُ بالَهُمْ﴾: حالهم فيما بقي من عمرهم، وفي الآخرة، ﴿ويُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ﴾: بينها لهم لكل منهم يعرف منزله، وفي البخاري ”والذي نفس محمد بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله كان في الدنيا“ وعن بعض: طيبها لهم من العَرْف وهو طيب الرائحة قيل: عرفها لهم في الدنيا حتى اشتاقوا إليها، ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَنْصُرُوا اللهَ﴾ أي: في دينه، ﴿يَنصُرْكُمْ﴾: على عدوكم، ﴿ويُثَبِّتْ أقْدامَكُمْ﴾: في الجهاد والطاعات، ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ﴾، مفعول مطلق وجب حذف فعله أي: تعس أو أتعسه الله تعالى تعسًا أي: أهلكه إهلاكًا، والجملة خبر الذين كفروا كأنه قال والذين كفروا أهلكهم الله ﴿وأضَلَّ أعْمالَهُمْ﴾، عطف على ناصب تعسًا، ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم كَرِهُوا ما أنْزَلَ اللهُ﴾: القرآن، ﴿فَأحْبَطَ أعْمالَهم أفَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ﴾: استأصل، ﴿اللهُ عَلَيْهِمْ ولِلْكافِرِينَ أمْثالُها﴾ أي: ولمطلق الكافرين أمثال تلك العاقبة، فيه وعيد لقريش، ﴿ذَلِكَ بِأنَّ الله مَوْلى﴾: ناصر، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وأنَّ الكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ﴾: لا ناصر لهم، ولكن هو مولاهم بمعنى مالكهم.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ","وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَءَامَنُوا۟ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدࣲ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡبَـٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَـٰلَهُمۡ","فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ","سَیَهۡدِیهِمۡ وَیُصۡلِحُ بَالَهُمۡ","وَیُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ یَنصُرۡكُمۡ وَیُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ","وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَتَعۡسࣰا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلَهُمۡ","۞ أَفَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡۖ وَلِلۡكَـٰفِرِینَ أَمۡثَـٰلُهَا","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَأَنَّ ٱلۡكَـٰفِرِینَ لَا مَوۡلَىٰ لَهُمۡ"],"ayah":"ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ"}