الباحث القرآني

﴿إنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِها الأنْهارُ والَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ﴾: في الدنيا بها، ﴿ويَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الأنْعامُ﴾: لا يهتمون بالحل، والحرمة، ولا بالقلة والكثرة لا شكر ولا حمد، ﴿والنّارُ مَثْوًى﴾: منزل، ﴿لَهم وكَأيِّنْ مِن قَرْيَةٍ﴾ أي: وكم من أهل قرية، ﴿هِيَ أشَدُّ قُوَّةً مِن قَرْيَتِكَ﴾: مكة، أي: من أهلها، ﴿الَّتِي أخْرَجَتْكَ﴾: كانوا سبب خروجك، ﴿أهْلَكْناهُمْ﴾: بأنواع العذاب، ﴿فَلا ناصِرَ لَهُمْ﴾، معناه على المضي أي: لم يكن لهم ناصر فهو كالحال المحكية نزلت حين قال - عليه السلام - في الغار ملتفتًا إلى مكة: ”أنت أحَبُّ بلاد الله إلى الله وأحَبُّ بلاد الله إليَّ ولولا أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك“، فأعدى الأعداء من عدا على الله في حرمه، أو قتل غير قاتله، ﴿أفَمَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ﴾: حجة، ﴿مِن رَبِّهِ﴾: كالقرآن والدلائل، ﴿كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ واتَّبَعُوا﴾، جمع الضمير باعتبار المعنى، ﴿أهْواءَهُمْ﴾: لا حجة لهم أصلًا، ﴿مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ﴾ أي: وعدها، ﴿فِيها أنْهارٌ مِن ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾: غير متغير طعمه ولا ريحه، ﴿وأنْهارٌ مِن لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾: لم يصر حامضًا ولا قارصًا، ﴿وأنْهارٌ مِن خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ﴾: طيبة الطعم والرائحة لا فيها غول، وهي تأنيث لَذ، وهو اللذيذ أو مصدر وصف به للمبالغة، ﴿وأنْهارٌ مِن عَسَلٍ مُصَفًّى﴾: من الشمع والوسخ، ﴿ولَهم فِيها مِن كُلِّ الثَّمَراتِ﴾ أي: بعضه، ﴿ومَغْفِرَةٌ﴾، عطف على معنى من كل الثمرات، ﴿مِن رَبِّهِمْ كَمَن هو خالِدٌ في النّارِ وسُقُوا ماءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أمْعاءَهُمْ﴾: من شدة الحرارة، واعلم أن ”مثل الجنة“ مبتدأ خبره ”كمن هو خالد“ بتقدير في الخبر والمبتدأ على حاله أي: كمثل جزاء من هو خالد أو في المبتدأ، أو الخبر على حاله أي: مثل أهل الجنة كمن هو خالد وقوله ”فيها أنهار“ إما صلة لا بعد صلة، أو استئناف، أو مثل مبتدأ، وفيها أنهار خبره من غير احتياج بتقدير أي: صفتها هذه، أو مبتدأ خبره محذوف أي: فيما قصصنا عليكم مثل الجنة ثم أخذ يبين، وعلى هذين الوجهين كمن هو خالد خبر محذوف أي: المنفي الذي له تلك الجنة كمن هو خالد، والقرينة وعد المتقون، ﴿ومِنهم مَن يَسْتَمِعُ إلَيْكَ﴾: المنافقون يحضرون ويسمعون كلامه الأشرف، ﴿حَتى إذا خَرَجُوا مِن عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾: علماء الصحابة، ﴿ماذا قالَ﴾: محمد، ﴿آنِفًا﴾: الساعة استهزاءً وإعلامًا بأنا ما كنا ملتفتين إليه مستمعين له، وآنفًا ظرف بمعنى أول وقت يقرب منا، ﴿أُولَئِكَ الذِينَ طَبَعَ الله عَلى قُلُوبِهِمْ﴾: ختم عليها فلا يدخل فيها الهدى، ﴿واتَّبَعُوا أهْواءَهم والَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ﴾: الله، أو قول الرسول، ﴿هُدًى﴾: وفقهم على تكثير الحسنات وتقليل السيئات، ﴿وآتاهم تَقْواهُمْ﴾: أعانهم على التقوى أو أعطاهم ثواب التقوى أو بين لهم ما يتقون، ﴿فَهَلْ يَنظُرُون﴾: ينتظرون، ﴿إلا السّاعَةَ﴾ أي: لا يؤخرون الإيمان إلا لانتظار القيامة، ﴿أنْ تَأتِيَهم بَغتَة﴾، بدل اشتمال من الساعة، ﴿فَقَدْ جاءَ أشْراطُها﴾ كالعلة كأنه قال لا ينتظرون إلا إتيانها بغتة؛ لأنه قد جاء أشراطها، وبعد مجيء الأشراط لابد من وقوع الساعة، ومن أشراطها مبعث رسول الله ﷺ ﴿فَأنّى لَهم إذا جاءَتْهم ذِكْراهُمْ﴾: فمن أين لهم التذكر والاتعاظ إذا جاءتهم الساعة؟ يعني حينئذ لا تنفعهم، ﴿فاعْلَمْ أنَّهُ لا إلَهَ إلّا اللهُ﴾ أي: إذا علمت حال الفريقين فاثبت على التوحيد، ﴿واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾، ذكره للتوطئة والتمهيد لقوله: ﴿ولِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ﴾، فالمقصود الاستغفار لهم، وأمره به لتستن به أمته، ﴿واللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ﴾. متصرفكم بالنهار، ﴿ومَثْواكُمْ﴾: مستقركم في الليل، أو متقلبكم في الدنيا ومثواكم في الآخرة، أو متقلبكم من ظهر إلى بطن، ومثواكم مقامكم في الأرض أو في القبور.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب