الباحث القرآني

﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ الفتح: صلح الحديبية، وما فتح الله تعالى على باطنه الأشرف، وروي محيي السنة أنه لما نزل قال عمر - رضي الله عنه - أو فتح هو يا رسول الله؛ قال: ”نعم، والذي نفسى بيده“ وهو صلح بسببه خير الدنيا والآخرة فيه بيعة الرضوان، وظهور الإسلام، وانتشار العلم، وهو سبب لفتح مكة نزلت في طريق الرجوع إلى المدينة، ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ﴾: لما كان ذلك الفتح متضمنًا لأمور عظيمة القدر عند الله تعالى كان سببًا للغفران، فجمع له عز الدارين، ﴿ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ﴾: من يجوز الصغائر على الأنبياء فمعناه ظاهر، وإلا فجميع ما فرط منك، ويفرط وسماه ذنبًا تغليظًا، وعن بعض ما تقدم في الجاهلية، وما تأخر مما لم يعمله كما تقول مبالغة: ضرب من لقيه ولم يلقه، وعن بعض ما تقدم أي: ذنوب أبويك آدم وحواء وما تأخر ذنوب أمتك بدعوتك، ﴿ويُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ويَهْدِيَكَ صِراطًا مُسْتَقِيمًاا﴾: يثبتك عليه، أو في تبليغ الرسالة، ﴿ويَنْصُرَكَ اللهُ نَصْرًا عَزِيزًا﴾: فيه عز، ﴿هُوَ الَّذِي أنزَلَ السَّكِينَةَ﴾: الطمأنينة والوقار، ﴿فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ﴾: كما أنزل على الصحابة يوم الحديبية، واطمأنت قلوبهم بالصلح فانقادوا لله تعالى ﴿لِيَزْدادُوا إيمانًا مَعَ إيمانِهِمْ﴾: يقينًا مع يقينهم، وإيمانًا بما أمر النبي عليه السلام - ورآه من المصلحة مقرونًا مع إيمانهم باللهِ ورسوله، ﴿ولله جُنُودُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾: هو المدبر والمتصرف فيهم، ﴿وكانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾: فما أمر رسوله من الصلح لمصلحة وحكمة، ﴿لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها﴾، في الصحيحين ”لما نزل“ ليغفر لك الله ”إلخ قالوا: هنيئًا مريئًا يبن الله تعالى ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت إلى قوله تعالى:“ فوزًا عظيمًا ”فعلى هذا الظاهر أنه أيضًا علة“ لـ إنّا فتحنا ”، أو لجميع ما ذكر، وقيل: لما دل عليه“ ولله جنود السَّماوات والأرض ”من معنى التدبير أي: دبر ما دبر وسكن قلوبهم ليعرفوا نعمه ويشكروها، فيدخلوا الجنة، ويعذب المنافقين والكافرين لما غاظهم من ذلك وكرهوا، ﴿ويُكَفِّرَ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ وكانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزًا عَظِيمًا﴾، و“ عند ”حال من الفوز مقدم، ﴿ويُعَذِّبَ﴾، عطف على يدخل، ﴿المُنافِقِينَ والمُنافِقاتِ والمُشْرِكِينَ والمُشْرِكاتِ الظّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾: يظنون أن لن ينصر الموحدين أي: ظن الشيء السوء، ﴿عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ﴾ أي: عليهم خاصة ما يظنونه بالمؤمنين يحيط بهم إحاطة الدائرة بما فيها، والإضافة بمعنى من، ﴿وغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ولَعَنَهم وأعَدَّ لَهم جَهَنَّمَ وساءَتْ مَصِيرًا﴾: جهنم، ﴿ولله جُنُودُ السَّماواتِ والأرْضِ وكانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾: فلا أحد يمنعه من الانتقام الذي فيه الحِكَم، ﴿إنّا أرْسَلْناكَ شاهِدًا﴾: على أمتك في القيامة، ﴿ومُبَشِّرًا﴾: للمؤمنين، ﴿ونَذِيرًا﴾: للكافرين، ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ ورَسُولِهِ﴾، الضمير للأمة على أن جعل خطابه في“ إنا أرسلناك " منزلًا منزلة خطابهم، ﴿وتُعَزِّرُوهُ﴾: تعظموه، ﴿وتُوَقِّرُوهُ﴾: تجلوه، ﴿وتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلًا﴾: تنزهوه غدوة وعشيًّا، ﴿إنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ﴾: في الحديبية، وهي بيعة الرضوان، ﴿إنَّما يُبايِعُونَ اللهَ﴾، نحو ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ [النساء: ٨٠] ﴿يَدُ اللهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ﴾ استئناف مؤكد له على سبيل التخييل يعني: يد رسوله يده، وعن بعض: نعمة الله تعالى عليهم بالهداية فوق ما صنعوا من البيعة، أو كناية عن أن كمال القدرة والقوة لله تعالى فيكون مقدمة لقوله: ﴿فَمَن نَكَثَ﴾: نقض العهد، ﴿فَإنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ﴾: عليه وباله، ﴿ومَن أوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أجْرًا عَظِيمًا﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب