الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللهُ لَكُمْ﴾ أي: ما طاب ولذ منه ﴿ولاَ تَعْتَدُوا﴾: لا تبالغوا في التضييق على أنفسكم في تحريم المباحات عليها، أو لا تجاوزوا حدود ما أحل لكم إلى ما حرم، أو لا تعتدوا في تناول الحلال بل خذوا منه بقدر الكفاية ﴿إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾: لا يرضى عمن تجاوز الحد في الأمور نزلت في جمع من الصحابة منهم علي بن أبي طالب رضى الله عنه تبتلوا واعتزلوا النساء وطيبات الطعام واللباس وهموا بالإخصاء ولذلك قيل الاعتداء: الإخصاء ﴿وكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالًا طَيِّبًا﴾ من ابتدائية متعلقة بكلوا وحلالًا مفعوله أو للتبعيض مفعول كلوا وحلالًا حال من الموصول ﴿واتَّقُوا الله الَّذِي أنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ قيل لما نزلت الآية في منعهم عما اتفقوا عليه من الإخصاء وغيره قالوا: يا رسول الله: إنا قد حلفنا على ذلك فنزل قوله ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أيْمانِكُمْ﴾: هو قول الرجل في الكلام من غير قصد: لا واللهِ، وبلى واللهِ، أو في الهزل أو في المعصية أو على غلبة الظن أو في الغضب أو في النسيان أو هو في ترك المأكل والملبس ﴿ولَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما عَقَّدْتُمُ الأيْمانَ﴾: بما صممتم عليه وقصدتموه إذا حنثتم ﴿فَكَفارَتُهُ﴾ أى: كفارة نكثه التي تذهب إثمه ﴿إطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ﴾: وهو من لا يجد ما يكفيه ﴿مِن أوْسَطِ﴾ صفة إطعام أو تقديره إطعامًا من أوسط أو طعامًا من أوسط ﴿ما تُطْعِمُون أهْلِيكُمْ﴾ أي: من أعدله أو من أمثله، قال كثير من السلف: لكل واحد مدّ من برٍّ ومعه إدامه، وقال بعضهم: نصف صاع من برٍّ أو تمر ونحوهما وعند الشافعي مدّ بمدّ النبي ﷺ وقيل غير ذلك ﴿أوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ عطف على إطعام أى: ما يقع عليه اسم الكسوة أو كسوة تجوز صلاته فيها وقيل غير ذلك ﴿أوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾: مؤمنة عند الشافعي فالحانث مخير بين هذه الثلاثة ﴿فمَن لمْ يَجِدْ﴾: واحدًا منها بأن لم يفضل ما يطعم عشرة مساكين من قوته وقوت عياله في يومه وليلته ﴿فصِيامُ ثَلاَثةِ أيّامٍ﴾ أي: فكفارته ذلك، والتتابع ليس بشرط عند الشافعي ﴿ذلِكَ﴾ أى: المذكور ﴿كَفارَةُ أيْمانِكم إذا حَلَفْتُمْ﴾ يعني: حنثتم ﴿واحْفَظُوا أيْمانَكُمْ﴾ لا تتركوها بغير تكفير أو لا تحلفوا أو عن الحنث إذا لم يكن على ترك مندوب أو فعل مكروه فإن الأفضل الحنث والكفارة حينئذ ﴿كَذَلِكَ﴾: مثل ذلك البيان ﴿يُبَيِّنُ اللهُ لَكم آياتِهِ لَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾: نعمه فيزيدنكم ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾: هو القمار بجميع أنواعه ﴿والأنصابُ﴾: هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها ﴿والأزلامُ﴾: هي قداح كانوا يستقسمون بها وقد مر ﴿رِجْسٌ﴾: سخط وإثم خبر للخمر وخبر الباقي محذوف أو تقديره تعاطي الخمر والميسر رجس ﴿مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطان﴾، لأنه مسبب من تسويله ﴿فاجْتَنِبُوهُ﴾ أي: الرجس ﴿لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾: لكي تفلحوا بالاجتناب عنه ﴿إنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ في الخَمْرِ والمَيْسِرِ ويَصُدَّكُمْ﴾: يمنعكم ﴿عَن ذِكْرِ اللهِ وعَن الصَّلاةِ﴾ ذكر الأنصاب والأزلام اللذين هما من الكفر مع الخمر والميسر كأنه للدلالة على أنهما مثلهما في الحرمة، ولذلك خصهما بإعادة الذكر ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ من أبلغ عبارة في النهي كأنه قال قد تلوت عليكم من أنواع الصوارف فهل أنتم معها منتهون أم أنتم على ما كنتم عليه ولم ينفعكم الزجر؟! ﴿وأطِيعُوا اللهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ واحْذَرُوا﴾: مخالفتهما ﴿فَإنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ عن الطاعة ﴿فاعْلَمُوا أنَّما عَلى رَسُولِنا البَلاغُ المُبِينُ﴾ فلا ضرر له، وإنما ضررتم به أنفسكم، ولما نزل تحريم الخمر قالوا كيف بمن كان يشربها قبل التحريم وبعض الذين قتلوا يوم أحد شهداء والخمر في بطونهم فأنزل الله تعالى ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَملُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ﴾: إثم ﴿فِيما طَعِمُوا﴾: مما لم يحرم عليهم ﴿إذا ما اتقَوْا﴾: الحرامَ ﴿وآمنوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾: وثبتوا على الإيمان والأعمال الصالحات ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا﴾ ما حرم عليهم بعد ﴿وآمنوا﴾ بتحريمه ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا﴾ استمروا على اتقاء المعاصي ﴿وأحْسنوا﴾: العمل ومعناه في الأول: اتقوا الشرك وآمنوا ثم اتقوا أي: داموا على ذلك وآمنوا وثبتوا عليه وازدادوا إيمانًا ثم اتقوا المعاصي كلها وأحسنوا العمل ﴿واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ فلا يؤاخذهم بشيء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب