الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ ونَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾: ما يخطر بضميره، ”ما“ موصولة والباء صلة لـ توسوس أي: الذي تحدث نفسه به أو مصدرية، والباء للتعدية والضمير للإنسان، ﴿ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ﴾ المراد قرب علمه منه فتجوز بقرب الذات، لأنه سبب أو المراد قرب الملائكة منه، ﴿مِن حَبْلِ﴾: عرق، ﴿الوَرِيدِ﴾: عرق العنق، والإضافة بيانية، ﴿إذ يَتَلَقّى﴾: يتلقن بالحفظ، ﴿المُتَلَقِّيانِ﴾: الملكان الحفيظان، إذ ظرف لأقرب، وفيه إشعار بأنه تعالى غني عن استحفاظ المَلكين لكن إقامتهما لحكمة، أو إذ تعليل لقرب الملائكة، ﴿عَنِ اليَمِينِ﴾: قعيد، ﴿وعَنِ الشِّمالِ قعيدٌ﴾، حذف المبتدأ من الأول لدلالة الثاني عليه، وقيل: الفعيل للواحد والجمع، ﴿ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلّا لَدَيْهِ﴾: لدى القول، أو الإنسان، ﴿رَقِيبٌ﴾: ملك يرقبه، ﴿عَتِيدٌ﴾: حاضر، وهو يكتب كل شيء؟ فيثبت في القيامة ما كان فيه من خير أو شر وألقى سائره، أو لا يكتب إلا الخير والشر؟ فيه خلاف بين السلف، والقرآن يشعر بالأول، ولو قيل: المراد من قوله إلا لديه رقيب ملك يسمعه لا يحفظه، ويكتبه فقلنا: فالمناسب رقيبان، لأن السماعَ لا يختص بواحد، ﴿وجاءتْ سَكْرَةُ المَوْتِ﴾: شدته، ﴿بِالحَقِّ﴾، الباء للتعدية أي: أتت بحقيقة الأمر الذي كنت تمتري فيه، ﴿ذلِكَ﴾: الحق، ﴿ما كُنْتَ مِنهُ تَحِيدُ﴾: تميل فلم تقربه، لما ذكر إنكارهم البعث، واحتج عليهم بشمول علمه وقدرته أعلمهم أن ما أنكروه يلاقون عن قريب فنبه على الاقتراب بلفظ الماضي، أو معناه جاءت سكرته متلبسة بالحكمة ذلك الموت مما كنت تفر منه، ﴿ونُفِخَ في الصُّورِ﴾ أي: نفخة البعث، ﴿ذلِكَ﴾: النفخ أي: وقته، ﴿وجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ﴾: من الملك يسوقه إلى الله تعالى، ﴿وشَهِيدٌ﴾: منه يشهد عليه بأعماله فمعه ملكان، وعن بعض المراد من الشهيد جوارحه، وكل نفس وإن كان نكرة صورة، لكن معرفة معنى، لأنه بمعنى النفوس فجاز أن يكون ذا الحال، ﴿لَقَدْ كُنْتَ في غَفْلَةٍ مِن هَذا﴾ أي: يقال لكل نفس، فإن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا يقظة، ﴿فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ﴾: حتى عاينته، ﴿فَبَصَرُكَ اليَوْمَ حَدِيدٌ﴾: نافذ لزوال الحاجب، وعن بعض الخطاب للكفار، والمراد من الغفلة الإنكار، ﴿وقالَ قَرِينُهُ هَذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ أي: قال الملك -الموكل عليه: هذا ما لدي من كتاب أعماله حاضرًا، وقال ملك- يسوقه: هذا شخص لدى حاضر قيل: القرين الشيطان، ومعناه هذا شيء عندي، وفي ملكتي عتيد لجهتم هيأته بإغوائي لها، وعتيد خبر بعد خبر إن جعلت ما موصولة وصفة لما إن جعلتها موصوفة، قيل: هذا إشارة إلى مبهم يفسره جملة ”ما لدي عتيد“ ﴿ألْقِيا﴾: يا أيها السائق، والشهيد، وقيل: الخطاب للملكين من خزنة النار، ومن قال: الشهيد جوارحه يقول: هو خطاب الواحد بلفظ التثنية على عادة العرب خليلي صاحبي، ﴿فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ﴾: معاند، ﴿مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ﴾: لما يجب عليه من الزكاة، أو لجنس الخير أن يصل إلى أهله، ﴿مُعْتَدٍ﴾: ظالم، ﴿مُرِيبٍ﴾: شاك في التوحيد، ﴿الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إلَهًا آخَرَ فَألْقِياهُ في العَذابِ الشَّدِيدِ﴾ ”الذي“ مبتدأ، أو ”فألقياه“ خبره أو بدل من ”كل كَفّار“ والعذاب الشديد نوع من عذاب جهنم، فكان من باب عطف الخاص على العام، ﴿قالَ قَرِينُهُ﴾: الشيطان الذي قيض له، ﴿رَبَّنا ما أطْغَيْتُهُ﴾: ما أضللته، هذا جواب لقول الكافر، هو أطغاني، ﴿ولَكِنْ كانَ في ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾: عن الحق يتبرأ منه شيطانه كما قال تعالى حكاية عنه: ﴿وما كانَ لِيَ عَلَيْكم مِن سُلْطانٍ إلّا أنْ دَعَوْتُكم فاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أنْفُسَكُمْ﴾ [إبراهيم: ٢٢] ﴿قالَ﴾ الله تعالى: ﴿لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وقَدْ قَدَّمْتُ إلَيْكم بِالوَعِيدِ﴾، الواو للحال أي: لا تختصموا عالمين بأني أوعدتكم على الطغيان بلسان رسلي، والباء مزيدة، أو للتعدية على أن قدم بمعنى تقدم، ﴿ما يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ﴾: لا تبديل ولا خلف لقولي، وقيل: لا يغير القول على وجهه، ولا يمكن الكذب عندي وإني أعلم الغيب، ﴿وما أنا بِظَلّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾؛ فأعذبهم بغير جرم، قيل: جملة ”ما يبدل“ مفعول قدمت، و ”بالوعيد“ حال أي: قدمت إليكم هذا موعدًا لكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب