الباحث القرآني

﴿الحَمْدُ لله الذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾ جمع السَّماوات لظهور تعددها دون الأرض، ﴿وجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّورَ﴾ أي: أنشأهما، وجمع الظلمات لكثرة أسبابها، فإن لكل جرم نور، ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾، عطف على الحمد لله وثم للاستبعاد ومفعول يعدلون محذوف أي: يسوون الأوثان ﴿بِرَبِّهِمْ﴾ أو بِرَبِّهِمْ متعلق بـ ”كفروا“ و ”يعدلون“ من العدول لا من العدل وصلته محذوفة أي: يعدلون عنه، وقيل: الباء بمعنى عن فيتعلق بـ يعدلون، ﴿هُوَ الذِي خَلَقَكُمْ﴾: ابتدأ خلقكم، ﴿مِن طِينٍ﴾ فإن آدم منه، ﴿ثُمَّ قَضى أجَلًا﴾ أي: الموت، ﴿وأجَلٌ مُسَمًّى﴾ أي: الآخرة، ﴿عِندَهُ﴾: لا يعلمه إلا هو، أو مدة الدنيا وعمر الإنسان، أو النوم والموت، أو مدة العمر ومدة البرزخ، والواو إما للعطف على ﴿هو الذي﴾ أو للحال، ﴿ثُمَّ أنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾: تشكون في أمر الساعة، ﴿وهُوَ اللهُ في السَّماواتِ وفي الأرْضِ﴾: متعلق بالله باعتبار المعنى الوصفي الذي ضمنه اسم الله وهو مقولية هذا الاسم عليه خاصة أو متعلق بقوله: ﴿يَعْلَمُ﴾ ولا يلزم كون ذاته أو علمه فيهما: بل يكفي كون المعلوم فيهما وهو إما خبر ثان أو حال، ﴿سرِّكم وجَهْرَكم ويَعْلَمُ ما تَكْسِبُون﴾: من خير وشر، ﴿وما تَأْتِيهِمْ مِن آيَةٍ﴾ ﴿من﴾ زائدة للاستغراق، ﴿مِن آياتِ ربِّهِمْ﴾: الدالة على وحدانيته، و ﴿من﴾ تبعيضية لا تبيينية إلا أن تكون النكرة في النفي بمعنى جميع الأفراد، ﴿إلا كانُوا عَنْها﴾: عن التفكر فيها، ﴿مُعْرِضِينَ﴾: لا يلتفتون إليها، ﴿فَقَدْ كَذبُوا بِالحَقِّ﴾ أي: القرآن، ﴿لَمّا جاءَهُمْ﴾ أي: إن أعرضوا فلا تعجب فإنهم كذبوا بأعظم آية، وهذا أشد من الإعراض، ﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ﴾ أي: أخبار القرآن وأحواله بأنّهم بأي شيء استهزءوا، وهذا تهديد ووعيد شديد، ﴿ألَمْ يَرَوْا كَمْ﴾: قوم، ﴿أهْلَكْنا مِن قَبْلِهِمْ مِن قَرْنٍ﴾ والقرن أهل كل عصر أو مدة أعمار الناس، ﴿مَكنّاهم في الأرْضِ﴾: أعطيناهم من العمر، والمال، ﴿ما لَمْ نمكِّن لَكُمْ﴾: ما لم نعطه لكم، ﴿وأرْسَلْنا السَّماءَ﴾: المطر والسحاب، ﴿عَلَيْهِمْ مِدْرارًا﴾: كثير الدر أي: الصب، ﴿وجَعَلْنا الأنْهارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأهْلَكْناهم بِذُنُوبِهِمْ﴾: بالعذاب من القحط والصواعق وغيرهما، ﴿وأنْشَأْنا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾: بدلًا منهم فليخافوا أن نفعل بهم كما فعلنا بهؤلاء، ﴿ولَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا﴾: مكتوبًا، ﴿فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأيْدِيهِمْ﴾ واللمس أبلغ في إيقاع العلم من المعاينة، فإن الأكثر أنه بعد المعاينة، وأكثر السحر والتزوير في المراءي، ﴿لَقالَ الذِينَ كَفَرُوا﴾: عنادًا، ﴿إنْ هَذا﴾: ما هذا، ﴿إلا سِحْر مُبِين﴾ قيل: نزلت حين قالوا لا نؤمن بك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملك يشهدون أنه من عند الله، ﴿وقالُوا لَوْلا﴾: هلا ﴿أُنزِلَ عَلَيْهِ﴾: على محمد، ﴿مَلَكٌ﴾: يخبرنا أنه نبي، ﴿ولَوْ أنْزَلْنا مَلَكًا﴾: بحيث يرونه كما اقترحوا، ﴿لَقُضِيَ الأمْرُ﴾: لحق إهلاكهم وعذابهم، فإن سنة الله جرت على أن من اقترح آية ولم يؤمن بها بعد نزولها استؤصلوا بالعذاب، ﴿ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ﴾: لا يمهلون، ﴿ولَوْ جَعَلْناهُ﴾ أي: الرسول الذي أنزل على محمد، ﴿مَلَكًا﴾: يشهد على صدقه، ﴿لَجَعَلْناهُ رَجُلًا﴾: في صورة رجل فإن القوة البشرية لا تقوى على رؤية الملك في صورته، أو معناه؛ ولو جعلنا الرسول إليكم بدل الرسول البشري ملكًا فإنهم قالوا أيضًا: ”لو شاء ربنا لأنزل ملائكة“ [فصلت: ١٤]، ﴿ولَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ﴾، ولو جعلناه رجلًا لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم فينفون رسالته، ويقولون هو بشر مثلنا كما يقولون في شأن محمد حليه الصلاة والسلام، ﴿ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ﴾، تسلية لمحمد عليه الصلاة والسلام ﴿فَحاقَ﴾: أحاط أو نزل، ﴿بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنهُمْ﴾: من الرسل وبال، ﴿ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ قُلْ﴾: لهم يا محمد. ﴿سِيرُوا في الأرْضِ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب