الباحث القرآني

﴿وما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه﴾: ما عظموه حق تعظيمه، أو ما عرفوه حق معرفته في اللطف والرحمة على عباده، ﴿إذْ قالُوا ما أنزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ﴾: إذ كذبوا إرسال الرسل الذي هو من عظائم نعمه، ﴿قُلْ﴾: لهم، ﴿مَن أنزَلَ الكِتابَ الذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُورًا وهُدًى لِلنّاسِ﴾: نزلت في قريش، وهم يسمعون كتاب موسى من اليهود، ويسلمونه، ويقولون: لَوْ أنّا أُنْزِلَ عَلَيْنا الكِتابُ لَكُنّا أهْدى مِنهُمْ، أو في طائفة من اليهود حين قالوا ذلك مبالغة في إنكار القرآن على رسول الله ﷺ فألزموه ما لابد لهم من الإقرار به أو رجل معين من اليهود قال: ما أنزل الله على بشر من شيء حين غضب، ﴿تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾ أي: جملتها بجعلها قطعًا قطعًا، ويجزئونها جزءًا جزءًا يبدون ما يحبون ويخفون بعضًا لا يشتهون، مثل صفة محمد ﷺ، وآية الرجم، وقراءة الخطاب يؤيد كلام من يقول: إن الآية في اليهود اللهم إلا أن يقال إن قريشًا واليهود والنصارى متشاركون في إنكار القرآن، فلم يبعد أن يكون الكلام بعضه خطابًا مع قريش، وبقية مع اليهود، والنصارى كأنهم طائفة واحدة، وأما قراءة الياء أي: الغيبة تكون التفاتًا عند من يقول الآية في اليهود، ﴿وعُلِّمْتُمْ﴾: بسبب القرآن، ﴿ما لَمْ تَعْلَمُوا أنْتُمْ ولا آباؤُكُمْ﴾: من خبر ما سبق ونبأ ما يأتي، وإذا كان الخطاب مع اليهود فمعناه علمتم بالقرآن زيادة على التوراة وبيانًا لما التبس عليكم، وعلى آباءكم كما قال تعالى ”إنَّ هَذا القُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ أكْثَرَ الَّذِي هم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ“ [النمل: ٧٦]، ﴿قُل اللهُ﴾: أنزله أجِبْ عنهم ذلك، لأنه متعين وفيه إشعار بأنّهم تحيروا في الجواب ﴿ثمَّ ذَرْهم في خَوْضِهِمْ﴾: دعهم في أباطيلهم، ﴿يَلْعَبُونَ﴾: يعملون ما لا ينفع، وهو حال من مفعول ذر، ﴿وهَذا﴾: القرآن، ﴿كِتابٌ أنزَلْناهُ مُبارَكٌ﴾: كثير النفع، ﴿مُصَدّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾: من الكتب السماوية، ﴿ولِتُنْذِرَ أُمَّ القُرى﴾ أي: أهل مكة فـ ﴿عطف على﴾ صريح لفظ مبارك أي: كتاب مبارك كائن للإنذار، ﴿ومَن حَوْلَها﴾: أهل الشرق والغرب، ﴿والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالأخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾: بالقرآن، ﴿وهم عَلى صَلاِتهِمْ يُحافِظُونَ﴾، فإن لازم الإيمان بها الخوف، والخوف يجره إلى الإيمان بالقرآن والمداومة بصلاته فإنها عماد الدين، ﴿ومَن أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللهِ كَذِبًا﴾: كمن ادعى أنه أرسله كاذبًا، ﴿أوْ قالَ أُوحِيَ إلَيَّ ولَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ﴾، نزلت في مسيلمة الكذاب ادعى النبوة والوحي، ﴿ومَن قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنْزَلَ اللهُ﴾: كما قالوا: ”لو نشاء لقلنا مثل هذا“ [الأنفال: ٣١]، ﴿ولَوْ تَرى إذِ الظّالِمُونَ﴾، جوابه محذوف أي: ولو ترى زمان سكراتهم لرأيت أمرًا فظيعًا، ﴿فِي غَمَراتِ المَوْتِ﴾: شدائده، ﴿والمَلائِكَةُ باسِطُو أيْدِيهِمْ﴾، بتعذيبهم لقبض أرواحهم، فقد ورد أن أرواح الكفرة تتفرق في أجسادهم وتأبى الخروج فتضربهم الملائكة حتى تخرج، ﴿أخْرِجُوا أنْفُسَكُمُ﴾ أي: قائلين ذلك تعنيفًا وتغليظًا وزجرًا وإضرارًا لهم، ﴿اليَوْمَ﴾: يوم الموت، ﴿تُجْزَوْنَ عَذابَ الهُونِ﴾: الهوان والذل، ﴿بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلى اللهِ غَيْرَ الحَقِّ﴾: كإثبات الشريك والولد، وإدعاء النبوة، ﴿وكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾: فلا تؤمنون بها، فالهوان لاستكبارهم، ﴿ولَقَدْ جئتُمُونا فُرادى﴾. منفردين عن الشفعاء، والأموال، والأهل، ﴿كَما خَلَقْناكم أوَّلَ مَرَّةٍ﴾، وقد كنتم تنكرون ذلك حال ثانية أو صفة مصدر جئتمونا أي: مجيئًا مثل خلقناكم أو بدل من فرادى، ﴿وتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ﴾: تفضلنا عليكم من المال، ﴿وراءَ ظُهُورِكُمْ﴾: تركتموه كليًّا وليس معكم شيء منه، ﴿وما نَرى مَعَكم شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنَّهم فِيكُمْ﴾: في ربوبيتكم واستعبادكم، ﴿شُرَكاءُ﴾: لله، ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾، على قراءة رفع ﴿بينُكم﴾ يكون بمعنى الوصل ليس بظرف، أو ليس بلازم الظرفية، وعلى قراءة النصب أسند لتقطع إلى ضمير الأمر لتقرره في النفوس أي: تقطع الأمر بينكم، ﴿وضَلَّ عَنْكُمْ﴾: ضاع وبطل، ﴿ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾: تزعمونه شفيعًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب