الباحث القرآني

﴿إنَّ اللهَ فالِقُ الحَبِّ والنَّوى﴾ يشقهما في الثرى فينبت منهما الزرع والشجر، ﴿يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ﴾: النبات والحيوان من الحب والنطف، ﴿ومُخْرِجُ المَيِّتِ﴾: الحب والنطف ﴿مِنَ الحَيِّ﴾: النبات والحيوان عطف على فالق الحب فإن ﴿يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ﴾ كالبيان له ولذا ترك العطف، ﴿ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ﴾ لا يصلح للبيان، لأن فلق الحب ليس إلا لإخراج الحي، ﴿ذَلِكُمُ اللهُ﴾ أي: فاعل هذه الأشياء هو الله، ﴿فَأنّى تُؤْفَكُونَ﴾: تصرفون عنه إلى غيره، ﴿فالِقُ الإصْباحِ﴾: شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل، ﴿وجَعَلَ الليْلَ﴾، إعمال اسم الفاعل، لأنه بمعنى الدوام التجددي نحو: ”ولقد أمر على اللئيم يسبني“ لا بمعنى الثبوت الدائمي كـ ”مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ“، ﴿سكَنًا﴾: يسكن فيه خلقه، ويستريح، ﴿والشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا﴾ أي: تجريان بحساب معين لا تتجاوزان، أو معناه جعلهما علمي حسبان؛ لأن حساب الأوقات يعرف بدورهما، ﴿ذلِكَ﴾ أي: المذكور من فلق الصبح، وجعل الليل، والشمس، والقمر، ﴿تقدِيرُ العَزِيزِ﴾: الذي يفعل ما يريد، ﴿العَلِيمِ﴾: بما قدر وأراد، ﴿وهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُم النُّجُومَ﴾: خلقها لكم، ﴿لِتَهْتَدُوا بِها في ظُلُماتِ البَرِّ والبَحْرِ﴾ أي: في ظلمات الليل فيهما، ﴿قَدْ فَصَّلْنا الآياتِ﴾: بيناها مفصلًا لا مجملًا، ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾، فإن الجاهل لا ينتفع به، ﴿وهُوَ الَّذِي أنْشَأكم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ أي: آدم، ﴿فَمُسْتَقَرٌّ﴾ أي: فلكم مستقر في الأرحام، ﴿ومُسْتَوْدَعٌ﴾: في الأصلاب، أو بالعكس أو في الأرحام، وعلى ظهر الأرض أو في القبر وفي الدنيا أو في الرحم والقبر أو في الجنة أو النار وفي القبر وهما اسما مكان أو مصدران، وفي قراءة كسر القاف الأول اسم فاعل، والثاني اسم المفعول أي: فمنكم قار ومنكم مستودع، ﴿قَدْ فَصَّلْنا الآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ﴾، الفقه: تدقيق النظر، فهو أليق بالاستدلال بالأنفس لدقته بخلاف الاستدلال بالآفاق، ففيه ظهور ولهذا قال في الأول: ”لقوم يعلمون“. ﴿وهُوَ الَّذِي أنزَلَ مِنَ السَّماءِ﴾: من جانبه، ﴿ماءً فَأخْرَجْنا بِه﴾: بسبب الماء، ﴿نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ﴾: تنبت، ﴿فَأخْرَجْنا مِنهُ﴾: من النبات أو الماء، ﴿خَضِرًا﴾: زرعًا وشجرًا أخضر، ﴿نُخْرِجُ مِنهُ﴾: من الخضر، ﴿حَبًّا مُتَراكِبًا﴾: بعضه على بعض كسنابل البر وغيره، ﴿ومِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِها قِنْوانٌ﴾، الطلع: أول ما يخرج من ثمرها والقنو: العرجون، وهو مبتدأ ”ومن النخل“ خبره، ”ومن طلعها“ بدل، ﴿دانيَةٌ﴾: سهلة المجتنى لقصر النخل اللاصقة عذوقها بالأرض، أو قريب بعضها من بعض على التفسير الأول ذكر الدانية لأن النعمة فيها أظهر أو دل بذكر القريبة على ذكر البعيدة كقوله ”سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ“ [النحل: ٨١] أي: والبرد، ﴿وجَنّاتٍ من أعْنابٍ﴾ عطف على ﴿نبات﴾، أو على ﴿خضرًا﴾ ﴿والزَّيتونَ والرُّمّانَ﴾ أي: شجريهما بدليل انظروا إلى ثمره، ﴿مُشْتَبِهًا وغَيْرَ مُتَشابِهٍ﴾ أي: متشابهًا ورقهما، فإن ورقهما قريب غير متشابه ثمرهما، أو بعضه متشابه ببعض آخر منه في الهيئة، واللون والطعم وبعضه غير متشابه، ﴿انظُرُوا إلى ثَمَرِهِ﴾: ثمر كل واحد من ذلك، ﴿إذا أثْمَرَ﴾: أخرج ثمره، ﴿ويَنْعِهِ﴾: وإلى نضجه نظر استدلال بعد أن كان حطَبًا صار عنبًا ورطبًا وبعد أن كان جافًّا تفها صار لذيذًا، ﴿إن في ذَلِكم لَآياتٍ﴾ أي: على كمال قدرته، ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾: يصدقون بالله. ﴿وجَعَلُوا لله شُرَكاَءَ الجِنَّ﴾: عبادة غير الله تعالى، عبادة الشيطان هم جعلوا الشيطان شريكًا له، أو كما قال الثنوية: الله خالق النور، والشيطان خالق الشرور، ﴿وشركاء الجن﴾ مفعول ﴿جعلوا﴾ أو ﴿للهِ﴾ متعلق بـ ﴿شركاء﴾ أو حال منه أو ﴿لله شُرَكاءَ﴾ مفعولاه، و ﴿الجِنَّ﴾ منصوب بمقدر، كأنه قيل: من جعلوه شركاء؟ فقال: ”الجن“، ﴿وخَلَقَهُمْ﴾، حال بتقدير قد والضمير إما إلى الكفار أي: جعلوا غير خالقهم شريكًا لخالقهم، وإما إلى الجن: أي جعلوا المخلوقين شركاء للخالق، ﴿وخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وبَناتٍ﴾: اختلقوا وافتروا، ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ حال من فاعل خرقوا أي: خرقوا عن عمى وجهالة لا عن فكر وروية، ﴿سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يَصِفُونَ﴾ تعالى عطف على أسبح.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب