الباحث القرآني

﴿قالَ المَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إنَّ هَذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ﴾ في صنعته أي: قالوا ذلك موافقين لقول فرعون كما حكاه تعالى: ”قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم“ [الشعراء: ٣٤]، فوافقوه وقالوا كمقالته أو قال الملأ بطريق التبليغ من لسان فرعون إلى القوم يعني القبط [[في الأصل ”قبط“ والتصويب من الكشاف.]] ﴿يُرِيدُ أنْ يُخْرِجَكُمْ﴾ يا معشر القبط ﴿مِن أرْضِكم فَماذا تَأمُرُون﴾ تشيرون في أمره ﴿قالُوا﴾ بعدما اتفقوا رأيهم ﴿أرْجِهْ وأخاهُ﴾ الإرجاء التأخير أي: أخر أمره وأمر أخيه أو احبسه وأصله أرجئه ﴿وأرْسِلْ في المَدائِن حاشرينَ﴾ أي رجالًا يحشرون إليك من في مدائن صعيد مصر من نواحي مصر من السحرة ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ وجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إنَّ لَنا لَأجْرًا إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ﴾ على موسى ﴿قالَ﴾ فرعون ﴿نَعَمْ﴾ إن لكم أجرًا ﴿وإنَّكُم لَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ فهو معطوف على محذوف سد مسد نعم ﴿قالُوا يا مُوسى إمّا أنْ تُلْقِيَ﴾ عصاك ﴿وإمّا أنْ نَكُونَ نَحْنُ المُلْقِينَ﴾ ما معنا من الحبال ورغبتهم في أن يلقوا قبله، ولهذا غيروا نظم الكلام إلى آكد وجه ﴿قالَ﴾ موسى كرمًا ووثوقًا على الله ﴿ألْقُوا فَلَمّا ألْقَوْا سَحَرُوا أعْيُنَ النّاسِ﴾ خيلوا إليها ما لا حقيقة له ﴿واسْتَرْهَبُوهُمْ﴾ خوفوهم ﴿وجاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ قيل خمسة عشر ألف ساحر وقيل أكثر، ومع كل عصي وحبال غلاظ طوال، وألقوا فإذا حيات قد ملأت [[في الأصل ”امتلأت“ والتصويب من تفسير البيضاوي.]] الوادي تركب بعضها بعضًا ﴿وأوْحَيْنا إلى مُوسى أنْ ألْقِ عَصاكَ﴾ فألقاها ﴿فَإذا هي تَلْقَفُ﴾ تبتلع ﴿ما يَأْفِكُونَ﴾ ما يزورونه من الإفك، فلما أكلت حبالهم وعصيهم بأسرها، قالت السحرة: لو كان هذا سحرًا لبقيت حبالنا وعصينا ﴿فَوَقَعَ الحَقُّ﴾ ثبت وظهر ﴿وبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ من السحر ﴿فَغُلِبُوا هُنالِكَ وانْقَلَبُوا صاغِرِينَ﴾ صاروا أذلاء، وأرجعوا إلى مدينتهم أذلاء مغلوبين، والضمير لفرعون وقومه ﴿وأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ﴾ ألقاهم الله تعالى، أو ألهمهم أن يسجدوا، أو من سرعة سجودهم كأنهم ألقوا ﴿قالُوا آمَنّا بِرَبّ العالَمِينَ رَبّ مُوسى وهارونَ﴾ لا رب القبط فإنه فرعون ﴿قالَ فِرْعَوْن آمَنتمْ بِهِ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكمْ﴾ في الإيمان ﴿إنَّ هَذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ في المَدِينَةِ﴾ أي: حيلة صنعتموها أنتم وموسى في مصر قبل الخروج إلى هنا ﴿لِتُخْرِجُوا مِنها أهْلَها﴾ أي: القبط فتبقى مصر [[في الأصل ”المصر“]] لكم ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمونَ﴾ عاقبة صنيعكم، ثم فصل ما أجل وقال: ﴿لَأُقَطِّعَنَّ أيْدِيَكم وأرْجُلَكم مِن خِلافٍ﴾ من كل شق طرفًا ﴿ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكم أجْمَعِينَ قالُوا إنّا إلى رَبِّنا﴾ بالموت ﴿مُنْقَلِبُونَ﴾ فلا نخاف من وعيدك، أو مصيرنا ومصيرك إلى الله فيحكم بيننا ﴿وما تَنْقِمُ﴾ تنكر ﴿مِنّا إلّا أنْ آمَنّا بِآياتِ رَبِّنا لَمّا جاءَتْنا﴾ ثم أعرضوا عنه وفزعو إلى الله تعالى، وقالوا: ﴿رَبَّنا أفْرِغْ﴾ أفض ﴿علَيْنا صَبْرًا﴾ حتى لا نرجع من الدين ﴿وتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ﴾ قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره: كانوا أول النهار سحرة وفي آخره شهداء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب