الباحث القرآني

﴿فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ﴾، بقعودهم عن الغزو، ﴿خِلافَ رَسُولِ اللهِ﴾، أي: خلفه كما في: أقام خلاف الحي. أي: بعده أو من المخالفة، أي: لمخالفته أو مخالفين له، ﴿وكَرِهُوا أن يُجاهِدُوا بِأمْوالِهِم وأنفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللهِ وقالُوا﴾، بعضهم لبعض أو للمؤمنين، ﴿لاَ تَنفِرُوا﴾، لغزوة تبوك، ﴿فِي الحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أشَدُّ حَرًّا﴾، وقد اخترتموها بهذه المخالفة، ﴿لوْ كانُوا يَفقَهُون﴾، أنها كيف هي، أو أن مصيرهم إليها، أو لو أنّهم يفهمون ويفقهون لنفروا ليتقوا به من حر جهنم، ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا﴾، عن ابن عباس رضى الله عنهما - وغيره: الدنيا قليل، فليضحكوا فيها ما شاءوا ﴿ولْيَبْكُوا كَثِيرًا﴾، فإنهم في النار لا يزالون باكين أبد الآباد، ﴿جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾، من النفاق، ﴿فَإنْ رَجَعَكَ اللهُ إلى طائِفَةٍ مِنهُمْ﴾، أي: من المخلفين. وليس كل من تخلف عن تبوك منافقًا، يعني: إن وصلت إلى المدينة وفيها طائفة منهم، ﴿فاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ﴾، إلى غزوة أخرى بعد تبوك، ﴿فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدًا ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾، إخبار في معنى النهي، ﴿إنَّكم رَضِيتُمْ بِالقُعُودِ﴾، استئناف تعليل له، ﴿أوَّلَ مَرَّةٍ﴾، هي الخرجة إلى تبوك، ﴿فاقْعُدُوا﴾، حينئذٍ، ﴿مَعَ الخالِفِينَ﴾، أي: الرجال الذين تخلفوا بغير عذر، أو مع النساء والصبيان والمرضى والزمنى قيل: مع المخالفين. ﴿ولا تُصَلِّ﴾، صلاة الجنازة، وقيل: لا تدع ولا تستغفر، ﴿عَلى أحَدٍ منْهم مّاتَ أبَدًا﴾، الموت على الكفر موت أبدي، فإن إحياءه للتعذيب أسوأ وأسوأ من الموت فكأنه لم يحيى، ﴿ولاَ تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ﴾، لا تقف تستغفر، أو تدع له أو لا تتول دفنه، ﴿إنَّهم كَفَرُوا بِاللهِ ورَسُولِهِ وماتُوا وهم فاسِقُونَ﴾، تعليل للنهي، نزلت بعد أن مات ابن أبى بن سلول وهو ﷺ أرسل قميصه الأشرف لكفنه بالتماسه، في مرض موته، وقام ليصلى عليه، وعمر - رضى الله عنه - قام بين رسول الله ﷺ والقبلة؛ لئلا يصلي عليه، فقال الأكثرون: نزلت بعد أن صلى عليه. وقال بعضهم: نزلت حين قام عمر فلم يصل عليه. ولما رأوا أنه تبرك بقميصه أسلم من المنافقين يومئذ ألف، وقال بعضهم: إنما ألبسه مكافأة؛ لأن ابن سلول ألبسه ثوبه يوم بدر العباس، فإنه بين الأسارى ليس له ثوب، ﴿ولا تُعْجِبْكَ أمْوالُهم وأوْلادُهم إنَّما يُرِيدُ اللهُ أنْ يُعَذِّبَهم بِها في الدُّنْيا﴾، بأخذ الزكاة والنفقة في سبيل الله منها على كره والشدائد والمصائب بلا طمع ثواب، ﴿وتَزْهَقَ﴾، تخرج، ﴿أنْفُسُهم وهم كافِرُونَ﴾، فإن الأبصار طامحة على الأموال والأولاد سيما عند المفارقة فيبغضون حكم الله وملائكته. ﴿وإذا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أنْ آمِنُوا﴾، أي: بأن آمنوا، ﴿بِاللهِ وجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ﴾، أصحاب الغنى، ﴿مِنهم وقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ القاعِدِينَ﴾، أي: النساء، جمع خالفة، أي: بحيث لا يتحرزون عن هذا العار ﴿وطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾، أحدث فيها هيئة تمرنهم على استحباب الكفر واستقباح الإيمان بحث لا ينفذ فيها الحق كأنه مطبوع مختوم، ﴿فَهم لا يَفْقَهُونَ﴾ ما فيه صلاحهم ولا ما فيه مضرتهم، ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأمْوالِهِمْ وأنفُسِهِمْ﴾ أي: إن لم يجاهدوا فقد جاهد من هو خير منهم، ﴿وأُولَئِكَ لَهُمُ الخَيْراتُ﴾ نقل عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الخيرات لا يعلم معناها إلا الله، ﴿وأُوْلَئِكَ هُمُ الُمفْلِحُونَ﴾ الفائزون، ﴿أعَدَّ اللهُ لَهم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ فإن من زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب