الباحث القرآني

﴿لا أُقْسِمُ بِهَذا البَلَدِ﴾: مكة ﴿وأنْتَ حِلٌّ﴾ يعني: في المستقبل ﴿بِهَذا البَلَدِ﴾: تقاتل فيه، وتصنع ما تريد من القتل، والأسر، فهذه جملة معترضة بوعده فتح مكة، وفي الحديث: (إنّ الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض لم يحل لأحد قبلي ولا بعدي إنما أحلت لي ساعة من نهار، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة) [[أخرجه البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما.]]، قيل: معناه: أقسم بمكة حال حلولك فيها، فيكون تعظيمًا للمقسم به ﴿ووالِدٍ﴾: آدم ﴿وما ولَدَ﴾: ذريته، أو إبراهيم وذريته، أو كل والد، وكل مولود، وعن ابن عباسٍ وعكرمة: الوالد العاقر، وما ولد الذي يلد وإيثار ما على من لإرادة الوصف كما في ”واللهُ أعْلَمُ بِما وضَعَتْ“ [آل عمران: ٣٦] ﴿لَقَدْ خَلَقْنا الإنسانَ في كَبَدٍ﴾: تعب، يكابد مصائب الدنيا والآخرة، فعلى هذا يكون تسليته عليه السلام عما يكابده من قريش، أو في استقامة واستواء، وعن مقاتل: في قوة، قيل: نزلت في كافر قوي قد ذكرناه في سورة المدثر ﴿أيَحْسَبُ﴾ الضمير لبعضهم ﴿أن لن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أحَدٌ﴾: فينتقم منه، فإن الكفار لا يؤمنون بالقيامة والمجازاة، وعلى ما فسره مقاتل، فمعناه: لأنه مغرور بقوته، يظن أن لن يقدر عليه أحد، ﴿يَقُولُ أهْلَكْتُ مالًا لُبَدًا﴾: أنفقت مالًا كثيرًا، يفتخر بما أنفقه رياء وسمعة، أو معاداة للنبي عليه السلام ﴿أيَحْسَبُ أن لَمْ يَرَهُ أحَدٌ﴾: يظن أن الله لم يره، ولا يسأله من أين كسبه وأين أنفقه ﴿ألَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ﴾ يبصر بهما ﴿ولِسانًا﴾ يعبر به عما في ضميره ﴿وشَفَتَيْنِ﴾ يستعين بهما على النطق والأكل، وغيرهما ويكون جمالًا ﴿وهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ﴾: طريقي الخير والشر، والثديين، روى الحافظ ابن عساكر عن النبي عليه السلام: «يقول الله تعالى: يا ابن آدم إن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما، وجعلت لهما غطاء، فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك، فإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما، وجعلت لك لسانًا وجعلت له غلافًا، فانطق بما أحللت، فإن عرض لك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك، وجعلت لك فَرْجًا، وجعلت له سترًا فأصب بفرجك ما أحللت لك، فإن عرض لك ما حرمت عليك، فأرخ عليك سترك يا ابن آدم إنك لا تحمل سخطي، ولا تطيق انتقامي»، ﴿فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ﴾ اقتحم: دخل وتجاوز بشدة، جعل الأعمال الصالحة عقبة، وعملها اقتحامًا لها، لما فيه من مجاهدة النفس، أي: فلم يشكر تلك النعم بأعمال تلك الحسنات ﴿وما أدراكَ ما العَقَبَة﴾ أي: لم تدْرِ كُنْهَ صعوبتها، وثوابها ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ تفسير للعقبة، أي: تخليصها من الرق، وفي الحديث «من أعتق رقبة مؤمنة فهي فكاكه من النار» ﴿أوْ إطْعامٌ في يَوْمٍ ذي مَسْغَبَةٍ﴾ أي: ذي مجاعة، الناس محتاجون إلى الطعام ﴿يَتِيمًا﴾ مفعول طعام، أو تقديره: أطعم يتيمًا ﴿ذا مَقْرَبَةٍ﴾: ذا قرابة منه ﴿أوْ مِسْكِينًا ذا مَتْرَبَةٍ﴾: افتقار، هو من لا بيت له ولا شيء يقيه من التراب، أو ذو عيال، أو غريب فقير، وقراءة ”فَكَّ“ و ”أطْعَم“ على الفعل فبدل من اقتحم، ولما كان حاصل معنى ”فلا اقتحم العقبة“ فلا فك رقبة، ولا أطعم يتيمًا أو مسكينًا، وقع (لا) موقعه فإنها قلما تدخل على الماضي إلا مكررة ﴿ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عطف على اقتحم، أي: ولا كان من المؤمنين، وثم لتباعد رتبة الإيمان عن العتق والإطعام ﴿وتَواصَوْا﴾ أي: بعضهم بعضًا ﴿بِالصَّبْرِ﴾ على طاعة الله ﴿وتَواصَوْا بِالمَرْحَمَةِ﴾: بالرحمة على العباد ﴿أوْلَئِكَ﴾ إشارة إلى الذين آمنوا في قوله: ”من الذين آمنوا“ أو إلى ضد من ذمه فإنه في حكم المذكور ﴿أصْحابُ المَيْمَنَةِ﴾: اليمين، أو اليمن ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هم أصْحابُ المَشْئَمَةِ﴾: الشمال، أو الشؤم ﴿عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ﴾: مطبقة لا يدخل فيها رَوح، ولا يخرجون منها آخر الأبد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب