الباحث القرآني

وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ وأىّ شيء حل بكم، أو اتصل بكم من نعمة، فهو من الله فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ فما تتضرعون إلا إليه، والجؤار: رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة. قال الأعشى يصف راهبا: يُرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ الْمَلِيكِ طَوْراً سُجُوداً وَطَوْراً جُؤَارَا [[وما آبلى على هيكل ... بناء وصلب فيه وصارا يراوح من صلوات الملي ... ك طورا سجودا وطورا جؤارا بأعظم منك تقى في الحساب ... إذا النسمات نفضن الغبارا للأعشى. والآبلى: الراهب، نسبة إلى آبل وهو قيم البيعة. والهيكل: بيت الصنم. وصلب: أى صور الصليب. وألف صارا للإطلاق. ويراوح: خبره، وإن لزم عليه التضمين مراعاة لجزالة المعنى، والمراوحة في العمل: الانتقال من حالة إلى أخرى. والصلوات: الدعوات. والسجود: الانخفاض والخشوع. والجؤار: رفع الصوت بالدعاء. وبأعظم: خبر آبلى. وتقى: تمييز. يقول: ليس الراهب العاكف على هيكله الذي صور فيه الصليب، وصار يتابع ويتنقل من بعض دعوات الله إلى بعض، فتارة يسجد سجوداً، وتارة يجأر جؤارا، تقاه أعظم من تقاك يوم الحساب إذا قام الناس من قبورهم، فنفضهم الغبار، كناية عن ذلك.]] وقرئ: تجرون، بطرح الهمزة وإلقاء حركتها على الجيم. وقرأ قتادة: كاشف الضرّ على: فاعل بمعنى فعل، وهو أقوى من كشف، لأن بناء المغالبة يدل على المبالغة. فإن قلت: فما معنى قوله إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ؟ قلت: يجوز أن يكون الخطاب في قوله وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ عاما، ويريد بالفريق: فريق الكفرة وأن يكون الخطاب للمشركين ومنكم للبيان، لا للتبعيض، كأنه قال فإذا فريق كافر، وهم أنتم. ويجوز أن يكون فيهم من اعتبر، كقوله فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ من نعمة الكشف عنهم، كأنهم جعلوا غرضهم في الشرك كفران النعمة فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ تخلية ووعيد. وقرئ: فيمتعوا، بالياء مبنيا للمفعول، عطفا على لِيَكْفُرُوا ويجوز أن يكون: ليكفروا فيمتعوا، من الامر الوارد في معنى الخذلان والتخلية، واللام لام الأمر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب