الباحث القرآني

وَإِنْ مِنْكُمْ التفات إلى الإنسان، يعضده قراءة ابن عباس وعكرمة رضى الله عنهما: وإن منهم. أو خطاب للناس [[قال محمود: «يحتمل أن يكون استئنافا خطابا للناس، ويحتمل أن يكون التفاتا» قال أحمد: احتمال الالتفات مفرع على إرادة العموم من الأول، فيكون المخاطبون أولا هم المخاطبين ثانيا، إلا أن الخطاب الأول بلفظ الغيبة، والثاني بلفظ الحضور. وأما إذا بنينا على أن الأول إنما أريد منه خصوص على التقديرين جميعا، فالثاني ليس التفاتا، وإنما هو عدول إلى خطاب العامة عن خطاب خاص لقوم معينين، والله أعلم.]] من غير التفات إلى المذكور، فإن أريد الجنس كله فمعنى الورود دخولهم فيها وهي جامدة، فيعبرها المؤمنون وتنهار بغيرهم. عن ابن عباس رضى الله عنه: يردونها كأنها إهالة. وروى دواية» . وعن جابر بن عبد الله أنه سأل رسول الله ﷺ عن ذلك؟ فقال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض: أليس قد وعدنا ربنا أن نرد النار، فيقال لهم: قد وردتموها وهي جامدة [[روى عن جابر هكذا. قلت المحفوظ عن جابر ما سيأتى بعد. وروى ابن إسحاق وأبو عبيد في الغريب وابن المبارك في الزهد من طريق ومعه خالد بن معدان. قال «إذا جاز المؤمنون الصراط نادى بعضهم بعضا: ألم يعدنا ربنا» فذكره، ولم يذكره الواحدي والبغوي إلا من هذا الوجه.]] . وعنه رضى الله عنه أنه سئل عن هذه الآية؟ فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول «الورود الدخول، لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، حتى إنّ للنار ضجيجا من بردها» [[رواه أحمد وابن أبى شيبة وعبد بن حميد. قالوا حدثنا سليمان بن حرب وأخرجه أبو يعلى والنسائي في الكنى والبيهقي في الشعب في باب النار، والحكيم في النوادر. السادس عشر، كلهم من طريق سليمان. قال حدثنا أبو صالح غالب بن سليمان عن كثير بن زياد عن أبى سمية قال «اختلفنا في الورود، فسألنا جابرا فذكر الحديث أتم منه» وخالفهم كلّهم الحاكم فرواه من طريق سليمان بهذا الاسناد فقال: عن سمية الأزدية عن عبد الرحمن بن شيبة بدل أبى سمية- عن جابر.]] وأما قوله تعالى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ فالمراد عن عذابها. وعن ابن مسعود والحسن وقتادة: هو الجواز على الصراط، لأنّ الصراط ممدود عليها. وعن ابن عباس: قد يرد الشيء الشيء ولا يدخله، كقوله تعالى وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ ووردت القافلة البلد، وإن لم تدخله ولكن قربت منه. وعن مجاهد: ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا، لقوله عليه السلام «الحمى من فيح جهنم» [[متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها.]] وفي الحديث «الحمى حظ كل مؤمن من النار» [[أخرجه البزار عن عائشة بهذا. وقال: تفرد برفعه عثمان بن مخلد عن هشيم بن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود عنها. وقال الدارقطني: عثمان لا بأس به، لكن خولف في رفع هذا الحديث فرواه ببدل عن هشيم موقوفا. قلت: وقد روى مرفوعا من وجه آخر. أخرجه القضاعي من مسند الشهاب من طريق أحمد بن رشد الهلالي عن حميد بن عبد الرحمن الروالى عن الحسن بن صالح عن الحسن بن عمرو عن إبراهيم به. وزاد «وحمى ليلة تكفر خطايا سنة» في الباب عن أبى هريرة عن ابن ماجة والحاكم، وعن أبى ريحانة عند الطبراني، وعن أبى أمامة عند أحمد. وعن عثمان عند القتيلى وعن سعد بن معاذ عند ابن سعد في الطبقات وعن أنس عند الطبراني بالأوسط. وكلها ضعيفة وهي بمعناه لا بلفظه.]] ويجوز أن يراد بالورود: جثوّهم حولها. وإن أريد الكفار خاصة، فالمعنى بين. الحتم: مصدر حتم الأمر إذا أوجبه، فسمى به الموجب، كقولهم: خلق الله، وضرب الأمير، أى: كان ورودهم واجبا على الله، أوجبه على نفسه وقضى به، وعزم على أن لا يكون غيره. قرئ نُنَجِّي وننجي، وينجى وينجى، على ما لم يسم فاعله. إن أريد الجنس بأسره فهو ظاهر، وإن أريد الكفرة وحدهم فمعنى ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا أنّ المتقين يساقون إلى الجنة عقيب ورود الكفار، لا أنهم يواردونهم ثم يتخلصون. وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس والجحدري وابن أبى ليلى: ثم ننجي، بفتح الثاء، أى هناك. وقوله وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا دليل على أنّ المراد بالورود الجثوّ حواليها، وأن المؤمنين يفارقون الكفرة إلى الجنة بعد تجاثيهم، وتبقى الكفرة في مكانهم جاثين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب