الباحث القرآني

فِي بُطُونِهِمْ ملء بطونهم. يقال: أكل فلان في بطنه، وأكل في بعض بطنه إِلَّا النَّارَ لأنه إذا أكل ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه، فكأنه أكل النار. ومنه قولهم: أكل فلان الدم، إذا أكل الدية التي هي بدل منه. قال: أَكَلْتُ دَماً إنْ لَمْ أَرُعْكِ بِضَرَّةٍ [[دمشق خذيها واعلمي أن ليلة ... تمر بعودى نعشها ليلة القدر أكلت دما إن لم أرعك بضرة ... بعيدة مهوى القرط طيبة النشر لأعرابى تزوج امرأة فلم توافقه، فقيل له: إن حمى دمشق سريعة في موت النساء، فحملها إليها وقال لها ذلك، ونزل دمشق- وهي مدينة بالشام- منزلة العاقل فناداها. والظاهر أن هذا التنزيل من باب الاستعارة المكنية والنداء تخييل، وكذلك الأمر بالعلم، والمرور: المشي، فاسناده لليلة مجاز عقلى من الاسناد للزمان، وهو في الحقيقة لحملة النعش، أو بمعنى المضي فهو حقيقة والباء للملابسة، وهو كناية عن موتها. والعودان: طرفا النعش. وجعل تلك الليلة كليلة القدر عنده لشدة ترقبها وتمنيها والتشوق إليها، ثم التفت إلى خطابها ودعا على نفسه بقوله: أكلت دما، أى دية، لأنها بدل الدم وأخذها عار عند العرب، لدلالتها على الجبن وحب المال دون الثأر. وإن لم أرعك: من راعه يروعه إذا أخافه. والمراد أنه يغيظها بتزوج ضرة عليها جميلة طويلة العنق. فبعد مهوى القرط: كناية عن ذلك. والقرط: حلى الأذن. ومهواه: مسقطه من المنكب. والنشر: الرائحة الطيبة. ويحتمل أنه دعا على نفسه بالجدب حتى يحتاج لفصد النوق وأكل دمها، وكذلك كانت تفعل الجاهلية في الجدب. ويحتمل أن المراد: شربت دما، فهو تعليق على الممتنع عنده دلالة على تحقيق التزوج، لأنه يرجع إلى أن عدم التزوج ممتنع كما أن شرب الدم ممتنع. ونظيره ما أنشده أبو إياس: أمالك عمر إنما أنت حية ... إذا هي لم تقتل تعش آخر العمر ثلاثين حولا لا أرى منك راحة ... لهنك في الدنيا لباقية العمر دمشق خذيها لا تفتك قليلة ... تمر بعودى نعشها ليلة القدر فان أنفلت من عمر صعبة سالما ... تكن من نساء الناس لي بيضة العقر ولعل «العمر» في القافية الأولى بمعنى الدهر. ولهنك هاؤه بدل من همزة إن عند البصريين، وعند غيرهم أصله: للَّه إنك. وبيضة العقر: زعموا أنها بيضة الديك لا يبيض في عمره غيرها. وقيل: هي مثل لما لا وجود له أصلا. فالمعنى: أنه يتزوج جميلة لا يتزوج غيرها، أو أنه لا يتزوج أصلا. وصعبة هي امرأته.]] وقال: [[إن لنا أحمرة عجافا ... يأكلن كل ليلة إكافا الأحمرة: الحمير. والعجاف: المهازيل. والأكاف: البرذعة، فالمراد: يأكلن كل ليلة علفا مشترى بثمن إكاف، بأن يباع الأكاف ثم يشترى بثمنه علفا لها، فأوقع الأكل على الأكاف بواسطتين، ولعل بيع براذعها لضعفها عن العمل. ويمكن أنه مجرد تقديم، وإنما خص الاكاف لاختصاصه بالحمير.]] يَأْكُلْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ إكَافَا [[قوله «كل ليلة إكافا» هو ما يوضع على ظهر الحمار عند ركوبه أو تحميله. أفاده الصحاح. (ع)]] أراد ثمن الإكاف، فسماه إكافا لتلبسه بكونه ثمنا له وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ تعريض بحرمانهم حال أهل الجنة في تكرمة اللَّه إياهم بكلامه وتزكيتهم بالثناء عليهم. وقيل: نفى الكلام عبارة عن غضبه عليهم كمن غضب على صاحبه فصرمه وقطع كلامه. وقيل: لا يكلمهم بما يحبون، ولكن بنحو قوله: (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) . فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ تعجب من حالهم في التباسهم بموجبات النار من غير مبالاة منهم، كما تقول لمن يتعرّض لما يوجب غضب السلطان: ما أصبرك على القيد والسجن، تريد أنه لا يتعرض لذلك إلا من هو شديد الصبر على العذاب. وقيل: فما أصبرهم، فأى شيء صبرهم. يقال: أصبره على كذا وصبره بمعنى. وهذا أصل معنى فعل التعجب. والذي روى عن الكسائي أنه قال: قال لي قاضى اليمن بمكة. اختصم إلىّ رجلان من العرب فحلف أحدهما على حق صاحبه فقال له: ما أصبرك على اللَّه، فمعناه: ما أصبرك على عذاب اللَّه ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ أى ذلك العذاب بسبب أنّ اللَّه نزل ما نزل من الكتب بالحق وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا في كتب اللَّه فقالوا في بعضها حق وفي بعضها باطل وهم أهل الكتاب لَفِي شِقاقٍ لفي خلاف بَعِيدٍ عن الحق، والكتاب للجنس. أو كفرهم ذلك بسبب أنّ اللَّه نزّل القرآن بالحق كما يعلمون، وإن الذين اختلفوا فيه من المشركين- فقال بعضهم: سحر، وبعضهم: شعر، وبعضهم: أساطير- لفي شقاق بعيد. يعنى أنّ أولئك لو لم يختلفوا ولم يشاقوا لما جسر هؤلاء أن يكفروا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب