الباحث القرآني

بِحَمْدِ رَبِّكَ في موضع الحال، أى: وأنت حامد لربك على أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه. والمراد بالتسبيح الصلاة. أو على ظاهره قدم الفعل على الأوقات أوّلا، والأوقات على الفعل آخرا، فكأنه قال: صل لله قبل طلوع الشمس يعنى الفجر، وقبل غروبها يعنى الظهر والعصر، لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار بين زوال الشمس وغروبها، وتعمد آناء الليل وأطراف النهار مختصا لهما بصلاتك، وذلك أن أفضل الذكر ما كان بالليل، لاجتماع القلب وهدو الرجل والخلو بالرب. وقال الله عز وجل إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا وقال أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً ولأنّ الليل وقت السكون والراحة، فإذا صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق، وللبدن أتعب وأنصب، فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند الله. وقد تناول التسبيح في آناء الليل صلاة العتمة، وفي أطراف النهار صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار، إرادة الاختصاص، كما اختصت في قوله حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى عند بعض المفسرين. فإن قلت: ما وجه قوله وَأَطْرافَ النَّهارِ على الجمع، وإنما هما طرفان كما قال أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ؟ قلت: الوجه أمن الإلباس، وفي التثنية زيادة بيان. ونظير مجيء الأمرين في الآيتين: مجيئهما في قوله: ظهراهما مثل ظهور الترسين [[ومهمهين قذفين مرتين ... ظهراهما مثل ظهور الترسين جبتهما بالنعت لا بالنعتين لخطام المجاشعي. وقيل: لهميان بن قحافة. والمهمه: المفازة. والقذف- بالتحريك-: الذي يقذف سالكه فلا يمكث فيه أحد. وقيل: البعيد. والمرت- بالسكون-: القفر لا ماء فيه ولا نبات. والترس: حيوان ناتئ الظهر. وثنى ظهراهما على الأصل، وجمع فيما بعد لأمن اللبس، ولأنه ربما كره اجتماع تثنيتين، لا سيما عند تتابع التثنية كما هنا. وقال النحاة: كل مثنى في المعنى مضاف إلى متضمنه، يختار في لفظه الجمع لتعدد معناه وكراهة اجتماع تثنيتين في اللفظ. ويجوز مجيئه على الأصل كما هنا. ويجوز إفراده كقوله: حمامة بطن الواديين ترنمي والجواب: القطع. والنعت: الوصف، ويروى: «بالسمت لا بالسمتين» والسمت: الهيئة والقصد والجهة والطريق والمراد أنهما وصفا، أو ذكرت هيأتهما له مرة واحدة. يقول: رب موضعين قفرين لا أنيس فيهما، لهما ظهران مرتفعان، كظهرى الترسين، قطعتهما بالسير بنعت واحد، لا بوصفهما لي مرتين أو ثلاثة كغيرى. ويجوز أن المعنى بذكر نعت واحد من نعوتها، لا بذكر نعتين، فالنعت بمعنى الصفة القائمة بالشيء. وفي الكلام دلالة على شجاعته وحذقه.]] وقرئ: وأطراف النهار، عطفا على آناء الليل، ولعل للمخاطب، أى: اذكر الله في هذه الأوقات، طمعا ورجاء أن تنال عند الله ما به ترضى نفسك ويسر قلبك. وقرئ: ترضى، أى يرضيك ربك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب