الباحث القرآني

الكاف في كَذلِكَ منصوب المحل، وهذا موعد من الله عزّ وجل لرسوله ﷺ، أى: مثل ذلك الاقتصاص ونحو ما اقتصصنا عليك قصة موسى وفرعون، نقصّ عليك من سائر أخبار الأمم وقصصهم وأحوالهم، تكثيرا لبيناتك، وزيادة في معجزاتك، وليعتبر السامع ويزداد المستبصر في دينه بصيرة، وتتأكد الحجة على من عاند وكابر، وأن هذا الذكر الذي آتيناك يعنى القرآن مشتملا على هذه الأقاصيص والأخبار الحقيقة بالتفكر والاعتبار، لذكر عظيم وقرآن كريم، فيه النجاة والسعادة لمن أقبل عليه، ومن أعرض عنه فقد هلك وشقى. يريد بالوزر: العقوبة الثقيلة الباهظة، سماها وزرا تشبيها في ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يفدح [[قوله «يفدح الحامل» أى يثقله. أفاده الصحاح. (ع)]] لحامل، وبنقض ظهره، ويلقى عليه بهره [[قوله «بهره» أى غلبته. أفاده الصحاح. (ع)]] : أو لأنها جزاء الوزر وهو الإثم. وقرئ: يحمل. جمع خالِدِينَ على المعنى، لأنّ من معلق متناول لغير معرض واحد. وتوحيد الضمير في أعرض وما بعده للحمل على اللفظ. ونحوه قوله تعالى وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها. فِيهِ أى في ذلك الوزر. أو في احتماله ساءَ في حكم بئس. والضمير الذي فيه يجب أن يكون مبهما يفسره حِمْلًا والمخصوص بالذم محذوف لدلالة الوزر السابق عليه، تقديره: ساء حملا وزرهم، كما حذف في قوله تعالى نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ أيوب هو المخصوص بالمدح. ومنه قوله تعالى وَساءَتْ مَصِيراً أى وساءت مصيرا جهنم. فإن قلت: اللام في لَهُمْ ما هي؟ وبم تتعلق؟ قلت: هي للبيان، كما في هَيْتَ لَكَ. فإن قلت. ما أنكرت [[قوله «ما أنكرت» لعله «لم أنكرت» . غ]] أن يكون في ساء ضمير الوزر؟ قلت: لا يصح أن يكون في ساء وحكمه حكم بئس ضمير شيء بعينه غير مبهم فإن قلت: فلا يكن ساء الذي حكمه حكم بئس، وليكن ساء الذي منه قوله تعالى سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بمعنى أهم وأحزن؟ قلت: كفاك صادّا عنه أن يؤول كلام الله إلى قولك: وأحزن الوزر لهم يوم القيامة حملا، وذلك بعد أن تخرج عن عهدة هذا اللام وعهدة هذا المنصوب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب