هو نهى لرسول الله ﷺ، أى: لا تلتفت إلى قولهم ولا تمكنهم من أن ينازعوك. أو هو زجر لهم عن التعرض لرسول الله ﷺ بالمنازعة في الدين وهم جهال لا علم عندهم وهم كفار خزاعة. روى أن بديل بن ورقاء وبشر بن سفيان الخزاعيين وغيرهما قالوا للمسلمين: ما لكم تأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتله الله! يعنون الميتة. وقال الزجاج: هو نهى له ﷺ عن منازعتهم، كما تقول: لا يضار بنك فلان، أى:
لا تضاربه. وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا بين اثنين فِي الْأَمْرِ في أمر الدين. وقيل:
في أمر النسائك، وقرئ: فلا ينزعنك، أى اثبت في دينك ثباتا لا يطمعون أن يجذبوك ليزيلوك عنه. والمراد: زيادة التثبيت للنبي ﷺ بما يهيج حميته ويلهب غضبه لله ولدينه.
ومنه قوله وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ، وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ. وهيهات أن ترتع همة رسول الله ﷺ حول ذلك الحمى، ولكنه وارد على ما قلت لك من إرادة التهييج والإلهاب. وقال الزجاج: هو من نازعته فنزعته أنزعه، أى: غلبته، أى: لا يغلبنك في المنازعة. فإن قلت: لم جاءت نظيرة هذه الآية [[قوله «نظيرة هذه الآية» هي قوله تعالى وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ الخ. (ع)]] معطوفة بالواو وقد نزعت عن هذه؟ قلت: لأنّ تلك وقعت مع ما يدانيها ويناسبها من الاى الواردة في أمر النسائك، فعطفت على أخواتها. وأما هذه فواقعة مع أباعد عن معناها فلم تجد معطفا.
{"ayah":"لِّكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُۖ فَلَا یُنَـٰزِعُنَّكَ فِی ٱلۡأَمۡرِۚ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدࣰى مُّسۡتَقِیمࣲ"}