سمى الماءين الكثيرين الواسعين: بحرين، والفرات: البليغ العذوبة حتى يضرب إلى الحلاوة.
والأجاج: نقيضه، ومرجهما: خلاهما متجاورين متلاصقين، وهو بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج. وهذا من عظيم اقتداره. وفي كلام بعضهم: وبحران: أحدهما مع الآخر ممروج، وماء العذب منهما بالأجاج ممزوج [[قوله «ممزوج» لعله: غير ممزوج، فليحرر. (ع)]] بَرْزَخاً حائلا من قدرته، كقوله تعالى بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها يريد بغير عمد مرئية، وهو قدرته. وقرئ: ملح، على فعل. وقيل: كأنه حذف من مالح تخفيفا، كما قال: وصليانا بردا، بريد: باردا: فإن قلت: وَحِجْراً مَحْجُوراً ما معناه؟
قلت: هي الكلمة التي يقولها المتعوذ، وقد فسرناها، وهي هاهنا واقعة على سبيل المجاز، كأن كل واحد من البحرين يتعوّذ من صاحبه ويقول له: حجرا محجورا، كما قال لا يَبْغِيانِ أى لا يبغى أحدهما على صاحبه بالممازجة، فانتفاء البغي ثمة كالتعوذ هاهنا: جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه، فهو يتعوّذ منه. وهي من أحسن الاستعارات وأشهدها على البلاغة.
{"ayah":"۞ وَهُوَ ٱلَّذِی مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَیۡنِ هَـٰذَا عَذۡبࣱ فُرَاتࣱ وَهَـٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجࣱ وَجَعَلَ بَیۡنَهُمَا بَرۡزَخࣰا وَحِجۡرࣰا مَّحۡجُورࣰا"}