الباحث القرآني

قد علم أنّ ذلك لا يكون، ولكنه أراد أن يحرّك منه لازدياد الإخلاص والتقوى. وفيه لطف لسائر المكلفين، كما قال وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ، فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك، فيه وجهان: أحدهما أن يؤمر بإنذار الأقرب فالأقرب من قومه، ويبدأ في ذلك بمن هو أولى بالبداءة، ثم بمن يليه. وأن يقدّم إنذارهم على إنذار غيرهم، كما روى عنه عليه السلام: أنه لما دخل مكة قال: «كل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، وأوّل ما أضعه ربا العباس [[أخرجه مسلم من حديث جابر الطويل في صفة الحج وعزاه الطيبي للترمذي من رواية عمرو بن الأحوص وليس هو عنده بتمامه.]] » والثاني: أن يؤمر بأن لا يأخذه ما يأخذ القريب للقريب من العطف والرأفة، ولا يحابيهم في الإنذار والتخويف. وروى أنه صعد الصفا- لما نزلت- فنادى الأقرب فالأقرب فخذا فخذا، وقال: يا بنى عبد المطلب، يا بنى هاشم، يا بنى عبد مناف، يا عباس عمّ النبىّ يا صفية عمة رسول الله، إنى لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالى ما شئتم [[أخرجه ابن حبان من حديث أبى هريرة قال «قام رسول الله ﷺ حين نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ فقال: يا بنى عبد مناف يا بنى هاشم، لا أغنى عنكم من الله شيئا» وروى مسلم من حديث عائشة «لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قام رسول الله ﷺ على الصفا فقال: يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب، يا بنى عبد المطلب: لا أملك لكم من الله شيئا. سلوني من مالى ما شئتم» وروى ابن مردويه من حديث أبى أمامة قال «لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ خرج رسول الله ﷺ فقال: يا بنى هاشم اشتروا أنفسكم من النار. فانى لا أملك لكم من الله شيئا، يا عائشة بنت أبى بكر ويا حفصة بنت عمر، ويا أم سلمة ويا فاطمة بنت محمد، ويا أم الزبير عمة رسول الله ﷺ: اشتروا أنفسكم من النار فانى لا أملك لكم من الله شيئا» .]] » . وروى أنه جمع بنى عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا: الرجل منهم يأكل الجذعة، ويشرب العس [[قوله «ويشرب العس» هو القدح العظيم، كما في الصحاح. (ع)]] على رجل شاة وقعب من لبن، فأكلوا وشربوا حتى صدروا، ثم أنذرهم فقال: «يا بنى عبد المطلب، لو أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدّقى؟ قالوا: نعم. قال: فإنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد» ، وروى أنه قال «يا بنى عبد المطلب، يا بنى هاشم، يا بنى عبد مناف، افتدوا أنفسكم من النار فإنى لا أغنى عنكم شيئا» ثم قال: «يا عائشة بنت أبى بكر، ويا حفصة بنت عمر، ويا فاطمة بنت محمد، ويا صفية عمة محمد، اشترين أنفسكنّ من النار فإنى لا أغنى عنكنّ شيئا [[أما أوله فأخرجه ابن إسحاق في المغازي والبيهقي في الدلائل من طريقه من رواية ابن عباس مطولا. وأخرجه البزار وأبو نعيم في الدلائل من طريق عباد بن عبد الله الأسدى عن على قال «لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال لي رسول الله ﷺ: اصنع لي رجل شاة على صاع من طعام. وأعد قعبا من لبن. ففعلت. ثم قال لي: اجمع لي بنى عبد المطلب فجمعتهم وهم يومئذ أربعون رجلا. فوضعت الطعام بينهم، فأكلوا حتى شبعوا وإن فيهم لمن يأكل الجذعة ويشرب العس، ثم جئت بالعس فشربوا حتى رووا» وأما بقيته فمتفق عليه من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال «لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ خرج رسول الله ﷺ حتى صعد الصفا، فنادى: يا صباحاه فاجتمعوا إليه فقال: يا بنى عبد مناف، يا بنى عبد المطلب، أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم تصدقونني؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: فانى نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبا لك؟ ألهذا جمعتنا فنزلت هذه السورة تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ» .]] » .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب