الباحث القرآني

أَلْوانُها أجناسها من الرّمان والتفاح والتين والعنب وغيرها مما لا يحصر أو هيئاتها من الحمرة والصفرة والخضرة ونحوها. والجدد: الخطط والطرائق. قال لبيد: أو مذهب جدد على ألواحه ويقال: جدة الحمار للخطة السوداء على ظهره، وقد يكون للظبي جدتان مسكيتان تفصلان بين لوني ظهره وبطنه وَغَرابِيبُ معطوف على بيض أو على جدد، كأنه قيل: ومن الجبال مخطط ذو جدد، ومنها ما هو على لون واحد غرابيب [[قوله «ما هو على لون واحد غرابيب» لعله. غربيب. (ع)]] . وعن عكرمة رضى الله عنه: هي الجبال الطوال السود. فإن قلت: الغربيب تأكيد للأسود. يقال: أسود غربيب، وأسود حلكوك: وهو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه. ومنه الغراب. ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد كقولك: أصفر فاقع، وأبيض يقق [[قوله «وأبيض يقق» بفتح القاف الأولى، وحكى كسرها. أفاده الصحاح. (ع)]] وما أشبه ذلك. قلت: وجهه أن يضمر المؤكد قبله ويكون الذي بعده تفسيرا لما أضمر، كقول النابغة: والمؤمن العائذات الطّير [[فلا لعمر الذي طيفت بكعبته ... وما هريق على الأنصاب من جسد والمؤمن العائذات الطير يرقبها ... ركبان مكة بين القيل والسند ما إن أتيت بشيء أنت نكرهه ... إذا فلا رفعت سوطى إلى يدي للنابغة، يعتذر للنعمان بن المنذر، ولا زائدة قبل القسم، لأنه في الغالب لنفى دعوى الخصم. والعمر: الحياة، وهو مبتدأ حذف خبره وجوبا، وطاف به يطيف طيفا. أتى عليه ونزل به، وطاف به يطوف طوافا وطوفانا، إذا دار حوله ومنه: طيفت، وهو مبنى للمجهول، ونائب الفاعل: الجار والمجرور، ولما كان مؤنثا لحقت التاء الفعل شذوذا، والفصيح تركها في مثله. والغيل والسند: أجمتان بجانب منى. وقيل: موضعا ماء بجانبي الحرم، وهو قريب مما قبله. أى: حياة الذي طاف الحجيج بكعبته قسمي، وما هريق، والمؤمن: بالرفع عطف على المبتدأ والعائذات منصوب بالمؤمن، والطير: عطف بيان للعائذات، ويجوز جعله بدلا منه، وكذا كل موصوف تبع صفته، وهريق: أصله أريق. والجسد: البدن، وجسد به الدم، إذا لصق به، فهو جاسد وجسد. فعلى الأول «أريق» بمعنى ذبح، وعلى الثاني على ظاهره، لكنه كناية عن الذبح، أى وما ذبح على الحجارة المنصوبة حول الكعبة من الهدى، والذي آمن الطير العائذات اللائذات بالحرم، حال كونها بنظرها الحجاج في منى ولا يؤذونها لاحرامهم. وروى: يمسحها وهو أبلغ في الأمن، وما أتيت جواب القسم، وإن زائدة. ويجوز أنها نافية مؤكدة ثم دعا على نفسه فقال: إذا كان ذلك منى فلا رفعت سوطى إلى يدي: بيان يدي، كناية عن أنه يضعف غاية الضعف، وروى «سوطا» ، بدل «سوطى» أى يضعف حتى لا يقدر على رفعه.]] ... وإنما يفعل ذلك لزيادة التوكيد، حيث يدل على المعنى الواحد من طريقى الإظهار والإضمار جميعا، ولا بد من تقدير حذف المضاف في قوله تعالى وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بمعنى: ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود، حتى يؤول إلى قولك: ومن الجبال مختلف ألوانه كما قال: ثمرات مختلفا ألوانها وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ يعنى: ومنهم بعض مختلف ألوانه. وقرئ: ألوانها. وقرأ الزهري جدد، بالضم: جمع جديدة، وهي الجدّة، يقال: جديدة وجدد وجدائد، كسفينة وسفن وسفائن. وقد فسر بها قول أبى ذؤيب يصف حمار وحش. جون السّراة له جدائد اربع [[والدهر لا يبقى على حدثانه ... جون السراة له جدائد أربع لأبى ذؤيب في مرثية بنيه. والجون: الأسود ويطلق على الأبيض، فهو من الأضداد. وسراة الظهر: أعلاه. وسراة كل شيء: أعلاه. وجديدة وجدد وجدائد، كسفينة وسفن وسفائن. والجدائد: الأتن التي جف لبنها. والمرأة الجداء: التي لا ثدي لها: يسلى عن بنيه بأن لك عادة الدهر، فهو لا يبقى مع ما فيه من الحدثان أحدا، حتى أسود الظهر كناية عن حمار الوحش له أتن أربع يرعى معهن في البراري وينزو عليهن. وقيل: إنه يعيش مائتي سنة فربما يتوهم أنه لا يصيبه الدهر بشيء. ويجوز قراءة «يبقى» بالفتح. وجون بالرفع فاعل، وله جدائد: جملة حالية أى: لا بد أن تهلك أتنه واحدة بعد واحدة، أو يهلك هو.]] وروى عنه: جدد، بفتحتين، وهو الطريق الواضح المسفر وضعه موضع الطرائق والخطوط الواضحة المنفصل بعضها من بعض. وقرئ، والدواب مخففا ونظير هذا التخفيف قراءة من قرأ «ولا الضألين» لأنّ كل واحد منهما فرار من التقاء الساكنين، فحرك ذاك أوّ لهما، وحذف هذا آخرهما. وقوله كَذلِكَ أى كاختلاف الثمرات والجبال. المراد: العلماء به الذين علموه بصفاته وعدله وتوحيده، وما يجوز عليه وما لا يجوز، فعظموه وقدروه حق قدره، وخشوه حق خشيته، ومن ازداد به علما ازداد منه خوفا، ومن كان علمه به أقل كان آمن. وفي الحديث: «أعلمكم بالله أشدّكم له خشية» [[لم أجده هكذا. وفي الصحيح: «أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية» .]] وعن مسروق: كفى بالمرء علما أن يخشى، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعلمه. وقال رجل للشعبى: أفتنى أيها العالم، فقال: العالم من خشي الله. وقيل: نزلت في أبى بكر الصديق رضى الله عنه وقد ظهرت عليه الخشية حتى عرفت فيه. فإن قلت: هل يختلف المعنى إذا قدّم المفعول في هذا الكلام أو أخر؟ قلت: لا بدّ من ذلك، فإنك إذا قدمت اسم الله وأخرت العلماء كان المعنى: إنّ الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم، وإذا عملت على العكس انقلب المعنى إلى أنهم لا يخشون إلا الله، كقوله تعالى وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وهما معنيان مختلفان. فإن قلت: ما وجه اتصال هذا الكلام بما قبله؟ قلت: لما قال أَلَمْ تَرَ بمعنى ألم تعلم أن الله أنزل من السماء ماء، وعدد آيات الله وأعلام قدرته وآثار صنعته وما خلق من الفطر المختلفة الأجناس وما يستدل به عليه وعلى صفاته، أتبع ذلك إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ كأنه قال: إنما يخشاه مثلك ومن على صفتك: ممن عرفه حق معرفته وعلمه كنه علمه. وعن النبي ﷺ: «أنا أرجو أن أكون أتقاكم لله وأعلمكم [[أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج عن زيد بن أسلم. ومالك في الموطأ والشافعي عنه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار به مرسلا في أثناء حديث أوله «أن رجلا قبل امرأته وهو صائم»]] به» . فإن قلت: فما وجه قراءة من قرأ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ وهو عمر بن عبد العزيز ويحكى عن أبى حنيفة؟ قلت: الخشية في هذه القراءة استعارة، والمعنى: إنما يجلهم ويعظمهم، كما يجل المهيب المخشى من الرجال بين الناس من بين جميع عباده إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ تعليل لوجوب الخشية، لدلالته على عقوبة العصاة وقهرهم وإثابة أهل الطاعة والعفو عنهم، والمعاقب المثيب: حقه أن يخشى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب