الباحث القرآني

وقرئ: نعم العبد، على الأصل، [[قوله «وقرئ نعم العبد على الأصل» لعله بفتح النون وكسر العين، كما يفيده الصحاح. (ع)]] والمخصوص بالمدح محذوف. وعلل كونه ممدوحا بكونه أوّابا رجاعا إليه بالتوبة. أو مسبحا مؤوّبا للتسبيح مرجعا له، لأن كل مؤوّب أوّاب. والصافن: الذي في قوله: ألف الصّفون فما يزال كأنّه ... ممّا يقوم على الثّلاث كسيرا [[لامرئ القيس. وقيل: للعجاج يصف فرسا. والصفون- بالمهملة-: الوقوف على سنبك يد أو رجل. والسنبك: طرف حافر الفرس. والصفون- بالمعجمة-: الجمع بين اليدين في الوقوف، ومما يقوم: خبر كان، أى: أحب الصفون، كأنه من الجنس الذي يقوم على ثلاث قوائم. أو كأنه مخلوق من القيام على ثلاثة كخلق الإنسان من عجل، حال كونه مكسور القائمة الرابعة، أو كاسرها أى ثانيها، فما موصولة أو مصدرية. وكسيرا: حال، والجملة: خبر يزال، وهذا ما استقر عليه رأى ابن الحاجب في الأمالى بعد كلام طويل، ولو جعلت ما مصدرية، وكسيرا: خبر كأن، كان حقه الرفع، ولو جعلته خبر يزال كما اختاره ابن هشام، لكان المعنى: فلا يزال كسيرا، كأنه مما يقوم على الثلاث على ما مر. ويجوز أن يكون المعنى: فلا يزال كسيرا من قيامه على الثلاث، وكأنه اعتراض، وخبره محذوف، أى كأنه كسير. وفائدته الاحتراس.]] وقيل: الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل: هو المتخيم. وأما الصافن: فالذي يجمع بين يديه. وعن النبي ﷺ «من سره أن يقوم الناس له صفونا فليتبوّأ مقعده من النار» [[لم أجده هكذا وفي السنن حديث معاوية «من سره أن يتمثل الناس له قياما» وفي الغريب لأبى عبيد من حديث البراء رضى الله عنه «كنا إذا صلينا مع رسول الله ﷺ فرفع رأسه قمنا معه صفوفا.]] أى: واقفين كما خدم الجبابرة. فإن قلت: ما معنى وصفها بالصفون؟ قلت: الصفون لا يكاد يكون في الهجن، وإنما هو في العراب الخلص. وقيل: وصفها بالصفون والجودة، ليجمع لها بين الوصفين المحمودين: واقفة وجارية، يعنى: إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعا خفافا في جريها. وروى أن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين، فأصاب ألف فرس. وقيل: ورثها من أبيه وأصابها أبوه من العمالقة. وقيل: خرجت من البحر لها أجنحة، فقعد يوما بعد ما صلى الأولى على كرسيه [[قوله «بعد ما صلى الأولى على كرسيه» عبارة النسفي. صلى الظهر. (ع)]] واستعرضها، فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر أو عن ورد من الذكر كان له وقت العشى، وتهيبوه فلم يعلموه، فاغتم لما فاته، فاستردها وعقرها مقربا [[قوله «وعقر ما مقربا لله» عبارة النسفي: تقربا. (ع)]] لله، وبقي مائة، فما بقي في أيدى الناس من الجياد فمن نسلها، وقيل: لما عقرها أبدله الله خيرا منها، وهي الريح تجرى بأمره. فإن قلت: ما معنى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي؟ قلت: أحببت: مضمن معنى فعل يتعدى بعن، كأنه قيل: أنبت حب الخير عن ذكر ربى. أو جعلت حب الخير مجزيا أو مغنيا عن ذكر ربى. وذكر أبو الفتح الهمداني في كتاب التبيان: أن «أحببت» بمعنى: لزمت، من قوله: مثل بعير السوء إذ أحبّا [[كيف قربت عمك القرشبا ... حين أتاك لاغبا مخبا حلت عليه بالقفيل ضربا ... تبا لمن بالهون قد ألبا مثل بعير السوء إذ أحبا لأبى محمد الفقعسي. والقرشب- بكسر أوله وفتح ثالثه-: المسن، واللاغب، من اللغوب: وهو التعب. والمخب من أخبه: إذا حمله على الخبب، وهو نوع من السير. أو من أخب: إذا لزم المكان كما قيل. وحلت: أى قمت ووثبت عليه. والقفيل: السوط. وضربا: بمعنى ضاربا. أو تضربه ضربا. والتب: الهلاك، وهو دعاء عليه، وفعله محذوف وجوبا. والهون- بالضم-: الهوان. وألب بالمكان: أقام به، ورواه الأصمعى هكذا: كيف قربت شيخك الأذبا ... لما أتاك يابسا قرشبا قمت عليه بالقفيل ضربا ... مثل بعير السوء إذ أحبا والذيب: كثرة الشعر وطوله. والأذب: البعير الذي نبت على حاجبيه شعيرات، فإذا ضربته الريح نفر وماج. وقال الجوهري: الاخباب: البروك. وهو في الإبل كالحران في الخبل.]] وليس بذاك. والخير: المال، كقوله إِنْ تَرَكَ خَيْراً وقوله وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ والمال: الخيل التي شغلته. أو سمى الخيل خيرا كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها. قال رسول الله ﷺ «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة [[متفق عليه من حديث ابن عمر رضى الله عنهما.]] » وقال في زيد الخيل حين وفد عليه وأسلم: «ما وصف لي رجل فرأيته إلا كان دون ما بلغني إلا زيد الخيل» [[ذكره ابن إسحاق في المغازي بغير سند، والبيهقي في الدلائل من طريقه. وذكره ابن سعد عن الواقدي بأسانيد له مقطوعة]] وسماه زيد الخير. وسأل رجل بلالا رضى الله عنه عن قوم يستبقون: من السابق؟ فقال: رسول الله ﷺ. فقال له الرجل: أردت الخيل. فقال: وأنا أردت الخير [[أخرجه ابراهيم الحربي من رواية مغيرة عن الشعبي قال «كان رهان. فقال رجل لبلال: من سبق، قال: رسول الله ﷺ. قال: فمن صلى؟ قال: أبو بكر. قال: إنما أعنى في الخيل» قال: وأنا أعنى في الخير»]] . والتواري بالحجاب: مجاز في غروب الشمس عن توارى الملك. أو المخبأة بحجابهما. والذي دل على أن الضمير للشمس مرور ذكر العشى، ولا بد للمضمر من جرى ذكر أو دليل ذكر. وقيل: الضمير للصافنات، أى: حتى توارت بحجاب الليل يعنى الظلام. ومن بدع التفاسير: أن الحجاب جبل دون قاف بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه فَطَفِقَ مَسْحاً فجعل يمسح مسحا، أى يمسح بالسيف بسوقها وأعناقها، يعنى: يقطعها. يقال: مسح علاوته، إذا ضرب عنقه، ومسح المسفر الكتاب [[قوله «ومسح المسفر الكتاب» الذي في الصحاح: سفرت الكتاب أسفره سفرا. وسفرت المرأة: كشفت عن وجهها. وأسفر الصبح: أى أضاء. وأسفر وجهه حسنا، أى: أشرق، فليحرر. (ع)]] إذا قطع أطرافه بسيفه. وعن الحسن: كسف عراقيبها وضرب أعناقها، أراد بالكسف: القطع، ومنه: الكسف في ألقاب الزحاف في العروض. ومن قاله بالشين المعجمة فمصحف. وقيل: مسحها بيده استحسانا لها وإعجابا بها. فإن قلت: بم اتصل قوله رُدُّوها عَلَيَّ؟ قلت: بمحذوف تقديره: قال ردّوها علىّ، فأضمر وأضمر ما هو جواب له، كأن قائلا قال: فماذا قال سليمان؟ لأنه موضع مقتض للسؤال اقتضاء ظاهرا، وهو اشتغال نبىّ من أنبياء الله بأمر الدنيا، حتى تفوته الصلاة عن وقتها. وقرئ: بالسؤق، بهمز الواو لضمتها، كما في أدؤر. ونظيره: الغئور، في مصدر غارت الشمس. وأما من قرأ بالسؤق فقد جعل الضمة في السين كأنها في الواو للتلاصق، كما قيل: مؤسى: ونظير ساق وسوق: أسد وأسد. وقرئ: بالساق، اكتفاء بالواحد عن الجمع، لأمن الإلباس.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب