الباحث القرآني

لِيَفْتَدُوا بِهِ ليجعلوه فدية لأنفسهم. وهذا تمثيل للزوم العذاب لهم، وأنه لا سبيل لهم إلى النجاة منه بوجه. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم «يقال للكافر يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهباً أكنت تفتدى به، فيقول: نعم، فيقال له: قد سئلت أيسر من ذلك [[متفق عليه من رواية قتادة عن أنس رضى اللَّه عنه.]] » و «لو» مع ما في حيزه خبر «أن» . فإن قلت: لم وحد الراجع في قوله: (لِيَفْتَدُوا بِهِ) وقد ذكر شيئان؟ قلت: نحو قوله: فَإنِّى وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ [[دعاك الهوى والشوق لما ترنحت ... هتوف الضحى بين الغصون طروب تجاوبها ورق أصخن لصوتها ... فكل لكل مسعد ومجيب فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فانى وقيار بها لغريب لضابئ بن الحرث البرجمي حين حبسه عثمان بن عفان لما هجا بنى نهشل. والترنح: التمايل. ويروى «ترنمت» أى تغنت بحسن صوتها. وهتفت الحمامة إذا غردت، فهي هتوف أى مفردة. و «بين» ظرف للترنح. و «طروب» مبالغة في الطرب، يوصف به المذكر والمؤنث، كهتوف. وهو فاعل، وهتوف حال وإضافته لا تفيده التعريف في المعنى. ويجوز رفعه على أنه فاعل، وطروب نعته لأنه وصف مضاف فلا تعريف له في اللفظ أيضا. و «الورق» جمع ورقاء نوع من الحمام. و «أصخن» ملن واستمعن. ويروى «أرعن» ولم أجد في كتب اللغة «رعن» إلا بمعنى زكى ونمى، فلعل معناه نشطن على المجاز. وروى «ومن يك» بالواو. ومرفوع «أمسى» ضمير «من» . وجملة «بالمدينة رحله» خبره، والجملة خبر يكن. ويجوز أن مرفوعه هو رحله، وجواب الشرط محذوف، أى ومن أمسى رحله بالمدينة حسن حاله، بخلاف حالى، فانى غريب لأن رحلي- أى منزلي- ليس فيها، وإنما فيها أنا وفرسي فقط. و «قيار» اسم فرسه. وقيل جمله. وقيل غلامه. وهو مبتدأ أو معطوف على محل اسم «إن» حذف خبره اختصاراً لدلالة المذكور عليه، فالعطف من عطف الجمل أو المفردات. وفيه العطف قبل تمام المعطوف عليه، لكنه على نية التقديم والتأخير، وهو سماعي لا يجوز القياس عليه، ولا يجوز جعل الغريب خبراً عنهما لئلا يتوارد عاملان على معمول واحد، ولا جعله خبرا عن قيار لأن لام الابتداء لا تدخل على الخبر المؤخر. والبيت لفظه خبر، ومعناه إنشاء التحسر والتحزن، لكونه غريباً وحيداً.]] أو على إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة، كأنه قيل: ليفتدوا بذلك. ويجوز أن يكون الواو في: (مِثْلَهُ) بمعنى «مع» فيتوحد المرجوع إليه. فإن قلت: فبم ينصب المفعول معه؟ قلت: بما يستدعيه «لو» من الفعل، لأن التقدير: لو ثبت أن لهم ما في الأرض. قرأ أبو واقد (أن يخرجوا) بضم الياء من أخرج. ويشهد لقراءة العامّة قوله: (بِخارِجِينَ) . وما يروى عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس: يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم أن قوما يخرجون من النار [[قال محمود: «وما يروى عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس يا أعمى البصر أعمي القلب تزعم أن قوما يخرجون من النار ... الخ» قال أحمد: في هذا الفصل من كلامه وتمشدقه بالسفاهة على أهل السنة ورميهم بما لا يقولون به من الأخبار بالكذب والتخليق والافتراء ما يحمي الكبد المملوء بحب السنة وأهلها على الانتصاب للانتصاف منه، ولسنا بصدد تصحيح هذه الحكاية، ولا وقف اللَّه صحة العقيدة على صحتها.]] وقد قال اللَّه تعالى: (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) فقال: ويحك [[لم أجده. وقد أنكره صاحب الكشاف وقال: هذا مما لفقه المجبرة. وليس أول تكاذيبهم إلى آخر كلامه]] ، اقرأ ما فوقها. هذا للكفار. فمما لفقته المجبرة [[قوله «فمما لفقته المجبرة «يعنى أهل السنة القائلين بخروج صاحب الكبيرة من النار لأنه مؤمن خلافا للمعتزلة القائلين لا مؤمن ولا كافر بل واسطة. وتحقيق المبحث في علم التوحيد. (ع)]] وليس بأول تكاذيبهم وفراهم. وكفاك بما فيه من مواجهة ابن الأزرق ابن عمّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وهو بين أظهر أعضاده من قريش وأنضاده [[قوله «وأنضاده» في الصحاح: أنضاد الرجل، أعمامه وأخواله المتقدمون في الشرف. (ع)]] من بنى عبد المطلب وهو حبر الأمّة وبحرها ومفسرها، بالخطاب الذي لا يجسر على مثله أحد من أهل الدنيا، ويرفعه إلى عكرمة دليلين ناصين أن الحديث فرية ما فيها مرية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب