الباحث القرآني

وَالَّذِينَ آمَنُوا معطوف على بِحُورٍ عِينٍ أى قرناهم بالحور وبالذين آمنوا، أى: بالرفقاء والجلساء منهم، كقوله تعالى إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ فيتمتعون تارة بملاعبة الحور، وتارة بمؤانسة الإخوان المؤمنين وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ قال رسول الله ﷺ: «إنّ الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقرّبهم [[أخرجه البزار وابن عدى. وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه. والثعلبي من طريق قيس بن الربيع عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا. قال البزار تفرد قيس برفعه. ورواه الثوري موقوفا ورواه الحاكم والبيهقي في الاعتقاد والطبري وابن أبى حاتم من طريق الثوري عن عمرو بن مرة به موقوفا]] عينه» ثم تلا هذه الآية. فيجمع الله لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم، وبمزاوجة الحور العين، وبمؤانسة الإخوان المؤمنين، وباجتماع أولادهم ونسلهم بهم. ثم قال بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ أى بسبب إيمان عظيم رفيع المحل، وهو إيمان الآباء ألحقنا بدرجاتهم ذريتهم وإن كانوا لا يستأهلونها، تفضلا عليهم وعلى آبائهم، لنتم سرورهم ونكمل نعيمهم. فإن قلت: ما معنى تنكير الايمان؟ قلت: معناه الدلالة على أنه إيمان خاص عظيم المنزلة. ويجوز أن يراد: إيمان الذرية الداني المحل: كأنه قال: بشيء من الإيمان، لا يؤهلهم لدرجة الآباء ألحقناهم بهم. وقرئ: وأتبعتهم ذريتهم واتبعتهم ذريتهم. وذرياتهم: وقرئ: ذرياتهم، بكسر الذال. ووجه آخر: وهو أن يكون وَالَّذِينَ آمَنُوا مبتدأ خبره بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وما بينهما اعتراض وَما أَلَتْناهُمْ وما نقصناهم. يعنى: وفرنا عليهم جميع ما ذكرنا من الثواب والتفضل، وما نقصناهم من ثواب عملهم من شيء. وقيل معناه: وما نقصناهم من ثوابهم شيئا نعطيه الأبناء حتى يلحقوا بهم، إنما ألحقناهم بهم على سبيل التفضل. قرئ: ألتناهم، وهو من بابين: من ألت يألت، ومن ألات يليت، كأمات يميت. وآلتناهم، من آلت يؤلت، كآمن يؤمن. ولتناهم، من لات يليت. وولتناهم، من ولت يلت. ومعناهنّ واحد كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ أى مرهون، كأن نفس العبد رهن عند الله بالعمل الصالح الذي هو مطالب به، كما يرهن الرجل عبده بدين عليه، فإن عمل صالحا فكها وخلصها، وإلا أوبقها وَأَمْدَدْناهُمْ وزدناهم في وقت بعد وقت يَتَنازَعُونَ يتعاطون ويتعاورون هم وجلساؤهم من أقربائهم وإخوانهم كَأْساً خمرا لا لَغْوٌ فِيها في شربها وَلا تَأْثِيمٌ أى لا يتكلمون في أثناء الشرب بسقط الحديث وما لا طائل تحته كفعل المتنادمين في الدنيا على الشراب في سفههم وعربدتهم، ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله، أى: ينسب إلى الإثم لو فعله في دار التكليف من الكذب والشتم والفواحش، وإنما يتكلمون بالحكم والكلام الحسن متلذذين بذلك، لأنّ عقولهم ثابتة غير زائلة، وهم حكماء علماء. وقرئ: لا لغو فيها ولا تأثيم غِلْمانٌ لَهُمْ أى مملوكون لهم مخصوصون بهم مَكْنُونٌ في الصدف، لأنه رطبا أحسن وأصفى. أو مخزون لأنه لا يخزن إلا الثمين الغالي القيمة. وقيل لقتادة: هذا الخادم فكيف المخدوم؟ فقال: قال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» [[أخرجه عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة به قال فذكره، وأخرجه الثعلبي من رواية الحسن مرسلا]] وعنه عليه السلام: «إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادى الخادم من خدامه فيجيبه ألف ببابه: لبيك لبيك» [[أخرجه الثعلبي من رواية عمر بن عبد العزيز البصري عن يوسف بن أبى طيبة عن وكيع عن هشام عن أبيه عن عائشة نحوه.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب