الباحث القرآني

قَدْ في قَدْ نَعْلَمُ بمعنى «ربما» الذي يجيء لزيادة الفعل وكثرته [[قال محمود: «قد في قد نعلم بمعنى ربما الذي يجيء لزيادة الفعل وكثرته كقوله: ولكنه قد يهلك المال نائله» قال أحمد: ومثلها في قوله وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فانه يكثر علمهم برسالته ويؤكده بظهور آياته، حتى يقيم عليهم الحجة في جمعهم بين متناقضين: أذيته، ورسوخ علمهم برسالته، والله أعلم. ومنه أيضا قوله: قد أترك القرن مصفراً أنامله والغرض التعبير عن المعنى بما يشعر بعكسه، تنبيها على أنه بلغ الآية التي ما بعدها إلا الرجوع إلى الضد. وذلك من لطائف لغة العرب وغرائبها.]] ، كقوله: أَخُو ثِقَةٍ لَا تُهْلِكُ الْخَمْرُ مَالَهُ ... وَلَكِنَّهُ قَدْ يُهْلِكُ المَالَ نَائِلُهْ [[أخو ثقة لا يهلك الخمر ماله ... ولكنه قد يهلك المال نائله تراه إذا ما جئته متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله ولو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله فمن مثل حصن في الحروب ومثله ... لانكار ضيم أو لخصم يحاوله لزهير بن أبى سلمي يمدح حصن بن أبى حذيفة. والثقة من وثق، كالعدة من وعد. وإن كان الفعل الأول مكسورا والثاني مفتوحا، فأصلها «وثق» حذفت الواو وخلفتا التاء، والمراد بها ما يتوثق به، أو المصدر هو التوثق، أى هو ملازم لما يتوثق به من مكارم الأخلاف، لا ينفك عنه كأنه أخوه أو ملازم للتوثق به. وإسناد الإهلاك إلى الخمر مجاز عقلى، لأنه سببه، وكذلك إسناده إلى النائل، أى العطاء. و «قد» هنا للتكثير، وإلا لم يكن مدحا، (2- كشاف- 2) تراه متهللا مستبشر الوجه إذا جئته سائلا، فكأنك تعطيه المال الذي أنت طالبه منه. وبالغ في وصفه بالكرم حتى أنه يجود بروحه إن لم يملك غيرها، وبنى على ذلك أمر سائله بالتقوى من الله، لئلا يأخذ روحه فيميته. فسائله الأول مضاف لمفعوله الثاني. والثاني مضاف للأول. وقوله «فمن» استفهام إنكارى، أى ما مثله أحد في الحروب، وما مثله أحد معد لانكار الظلم وإبائه والمحاولة والمعالجة والطلب. وضمير يحاوله للضيم، أو لحصن، أو لمن. ويروى الشعر برواية أخرى، على أنه وصف لمعن بن زائدة وهي: يقولون معن لا زكاة لماله ... وكيف يزكى المال من هو باذله إذا حال حول لم تجد في دياره ... من المال إلا ذكره وجمائله تراه إذا ما جئته متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت نائله تعود بسط الكف حتى لو انه ... أراد انقباضا لم تطعه أنامله فلو لم يكن......... ... ......... البيت ورفع جمائله، ذهابا إلى المعنى، لأن المعنى لم يبق إلا جمائله ونائله: آخذه منه. وبسط الكف: كناية عن كثرة الكرم. وأنامله: أجزاء أصابعه.]] والهاء في إِنَّهُ ضمير الشأن لَيَحْزُنُكَ قرئ بفتح الياء وضمها. والَّذِي يَقُولُونَ هو قولهم ساحر كذاب لا يُكَذِّبُونَكَ قرئ بالتشديد والتخفيف، من كذبه إذا جعله كاذبا في زعمه [[عاد كلامه. قال: «وقرئ يكذبونك بالتشديد والتخفيف من كذبه إلى قوله وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ ... الخ» قال أحمد: وفي هذا النوع من إقامة الظاهر مقام المضمر فنان من نكت البيان، إحداهما: الإسهاب في ذمهم وهذه النكتة يستقل بها الظاهر من حيث كونه ظاهرا، حتى لو كان لقبا جامدا، والأخرى زيادة منه تؤكد ذمهم، تفهم من اشتقاق الظاهر.]] وأكذبه إذا وجده كاذبا. والمعنى أن تكذيبك أمر راجع إلى الله، لأنك رسوله المصدق بالمعجزات فهم لا يكذبونك في الحقيقة وإنما يكذبون الله بجحود آياته، فاله عن حزنك لنفسك وإن هم كذبوك وأنت صادق، وليشغلك عن ذلك ما هو أهمّ وهو استعظامك بجحود آيات الله تعالى والاستهانة بكتابه. ونحوه قول السيد لغلامه- إذا أهانه بعض الناس-: إنهم لم يهينوك وإنما أهانونى. وفي هذه الطريقة قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ وقيل: فإنهم لا يكذبونك بقلوبهم، ولكنهم يجحدون بألسنتهم. وقيل: فإنهم لا يكذبونك لأنك عندهم الصادق الموسوم بالصدق، ولكنهم يجحدون بآيات الله. وعن ابن عباس رضى الله عنه: كان رسول الله ﷺ يسمى الأمين [[لم أجده عنه وفي الطبقات من حديث يعلى بن أمية قال «بلغ رسول الله ﷺ خمسا وعشرين سنة وليس له بمكة اسم إلا الأمين» ورواه أيضا من حديث على ابن أبى طالب نحوه.]] فعرفوا أنه لا يكذب في شيء، ولكنهم كانوا يجحدون. وكان أبو جهل يقول: ما نكذبك لأنك عندنا صادق، وإنما نكذب ما جئتنا به. وروى أنّ الأخنس بن شريق قال لأبى جهل: يا أبا الحكم، أخبرنى عن محمد، أصادق هو أم كاذب، فإنه ليس عندنا أحد غيرنا؟ فقال له: والله إن محمداً لصادق وما كذب قط، ولكن إذا ذهب بنو قصىّ باللواء والسقاية والحجابة والنبوّة، فماذا يكون لسائر قريش، فنزلت، وقوله وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ من إقامة الظاهر مقام المضمر، للدلالة على أنهم ظلموا في جحودهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب