قرئ: كونوا أنصار الله وأنصارا لله. وقرأ ابن مسعود: كونوا أنتم أنصار الله. وفيه زيادة حتم للنصرة عليهم. فإن قلت: ما وجه صحة التشبيه- وظاهره تشبيه كونهم أنصارا بقول عيسى صلوات الله عليه: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ [[قال محمود: «إن قلت ما وجه التشبيه وظاهره تشبيه كونهم أنصارا ... الخ» قال أحمد: كلام حسن وتمام على الذي أحسن: أن يميز بين الاضافتين المذكورتين: بأن الأولى محضة والثانية غير محضة، فتنبه لها، والله الموفق.]] ؟ قلت: التشبيه محمول على المعنى، وعليه يصح. والمراد: كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ. فإن قلت: ما معنى قوله مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ؟ قلت: يجب أن يكون معناه مطابقا لجواب الحواريين نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ والذي يطابقه أن يكون المعنى: من جندي متوجها إلى نصرة الله، وإضافة أَنْصارِي خلاف إضافة أَنْصارَ اللَّهِ فإنّ معنى نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ:
نحن الذين ينصرون الله. ومعنى مَنْ أَنْصارِي من الأنصار الذين يختصون بى ويكونون معى في نصرة الله، ولا يصح أن يكون معناه: من ينصرني مع الله، لأنه لا يطابق الجواب. والدليل عليه: قراءة من قرأ: من أنصار الله. والحواريون أصفياؤه وهم أوّل من آمن به وكانوا اثنى عشر رجلا، وحوارى الرجل: صفيه وخلصانه [[قوله «وخلصانه» أى خالصته، يستوي فيه الواحد والكثير، كذا في الصحاح. وفيه: الدرمك:
دقيق الحوارى. وفيه أيضا: والحوارى ما حور من الطعام، أى بيض. وهذا دقيق حوارى، وكل هذه بالضم كما أفاده الصحاح. (ع)]] من الحور وهو البياض الخالص. والحوّارى:
الدرمك. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «الزبير ابن عمّى وحواريي من أمتى» [[أخرجه النسائي من حديث جابر. وهو في الصحيحين بلفظ «لكل نبى حوارى وحواريي الزبير» .]] وقيل:
كانوا قصارين يحوّرون الثياب يبيضونها. ونظير الحوارى في زنته: الحوالى: الكثير الحيل فَآمَنَتْ طائِفَةٌ منهم بعيسى وَكَفَرَتْ به طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا مؤمنيهم على كفارهم، فظهروا عليهم. وعن زيد بن على: كان ظهورهم بالحجة.
عن رسول الله ﷺ: «من قرأ سورة الصف كان عيسى مصليا عليه مستغفرا له ما دام في الدنيا وهو يوم القيامة رفيقه» [[أخرجه الثعلبي وابن مردويه والواحدي من حديث أبى بن كعب رضى الله عنه.]] .
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوۤا۟ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَ لِلۡحَوَارِیِّـۧنَ مَنۡ أَنصَارِیۤ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِۖ فَـَٔامَنَت طَّاۤىِٕفَةࣱ مِّنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ وَكَفَرَت طَّاۤىِٕفَةࣱۖ فَأَیَّدۡنَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ عَلَىٰ عَدُوِّهِمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ ظَـٰهِرِینَ"}