الباحث القرآني

روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين لقى بنى المصطلق على المريسيع وهو ماء لهم وهزمهم وقتل منهم: ازدحم على الماء جهجاه بن سعيد أجير لعمر يقود فرسه، وسنان الجهني حليف لعبد الله بن أبىّ، واقتتلا، فصرخ جهجاه: يا للمهاجرين: وسنان: يا للأنصار، فأعان جهجاها جعال من فقراء المهاجرين ولطم سنانا، فقال عبد الله لجعال. وأنت هناك، وقال: ما صحبنا محمدا إلا لنلطم، والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل، عنى بالأعز: نفسه، وبالأذل: رسول الله ﷺ، ثم قال لقومه: ماذا فعلتم بأنفسكم؟ أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم، ولأوشكوا أن يتحوّلوا عنكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد، فسمع بذلك زيد بن أرقم وهو حدث، فقال: أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك، ومحمد في عزّ من الرحمن وقوّة من المسلمين، فقال عبد الله: اسكت فإنما كنت ألعب، فأخبر زيد رسول الله فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله، فقال: إذن ترعد أنف كثيرة بيثرب. قال: فإن كرهت أن يقتله مهاجرى، فأمر به أنصاريا فقال: فكيف إذا تحدّث الناس أنّ محمدا يقتل أصحابه، وقال عليه الصلاة والسلام لعبد الله: أنت صاحب الكلام الذي بلغني؟ قال: والله الذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك، وإن زيدا لكاذب، وهو قوله تعالى اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فقال الحاضرون: يا رسول الله: شيخنا وكبيرنا لا تصدق عليه كلام غلام، عسى أن يكون قد وهم. وروى أن رسول الله قال له: لعلك غضبت عليه، قال: لا، قال: فلعله أخطأ سمعك، قال: لا، قال: فلعله شبه عليك، قال: لا. فلما نزلت: لحق رسول الله زيدا من خلفه فعرك أذنه وقال: وفت أذنك يا غلام، إنّ الله قد صدقك وكذب المنافقين [[هكذا ذكره الواقدي في المغازي بغير إسناد وعزاه إلى الثعلبي والواحدي ولأصحاب السير، وأخرجه ابن إسحاق في السيرة: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبى بكر ومحمد بن يحيى بن حبان كل قد حدثني بعض حديث بنى المصطلق- فذكر للغزوة بطولها والقصة المذكورة باختلاف يسير. وكذا أخرجه الطبري من طريقه وأصل القصة في الصحيحين من طريق أبى إسحاق عن زيد بن أرقم قال «كنت مع عمى فسمعت عبد الله بن أبى يقول- الحديث- وأوله عندهما أيضا من طريق عمرو بن دينار عن جابر قال «كنا في غزوة بنى المصطلق فتبع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار» ورواه الترمذي والنسائي والحاكم من طريق أبى سعد الأودى حدثنا زيد بن أرقم قال «غزونا مع رسول الله ﷺ، وكان معنا أناس من الأعراب فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقوننا فسبق أعرابى. فملأ الحوض» فذكر القصة بطولها. وفي سياقها اختلاف.]] . ولما أراد عبد الله أن يدخل المدينة: اعترضه ابنه حباب، وهو عبد الله بن عبد الله غير رسول الله اسمه، وقال: إنّ حبابا اسم شيطان. وكان مخلصا وقال: وراءك، والله، لا تدخلها حتى تقول رسول الله الأعز وأنا الأذل، فلم يزل حبيسا في يده حتى أمره رسول الله بتخليته [[هكذا ذكره الثعلبي موصولا بالذي قبله، وروى الزبيدي من طريق عمرو بن دينار عن جابر أصل القصة وقال بعد عمر: دعني أضرب عنقه. فقال النبي ﷺ: لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه» قال وقال غير عمر وقال له ابنه عبد الله بن عبد الله «والله لا تنفلت حتى تقول إنك الذليل ورسول الله ﷺ العزيز ففعل» قلت: وأصل حديث جابر في الصحيح.]] . وروى أنه قال له: لئن لم تقرّ لله ورسوله بالعز لأضر بن عنقك، فقال: ويحك، أفاعل أنت؟ قال: نعم. فلما رأى منه الجدّ قال: أشهد أنّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فقال رسول الله لابنه: جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا [[هكذا أورده الثعلبي موصولا بالحديث الذي قبله.]] ، فلما بان كذب عبد الله قيل له: قد نزلت فيك آي شداد، فاذهب إلى رسول الله ﷺ يستغفر لك، فلوى رأسه ثم قال: أمرتموني أن أو من فآمنت، وأمرتموني أن أزكى مالى فزكيت، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد، فنزلت وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ولم يلبث إلا أياما قلائل حتى اشتكى ومات [[ذكره الثعلبي موصولا بالذي قبله. وأخرجه الطبري من رواية إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن بشر بن مسلم «أنه قيل لعبد الله بن أبى: يا أبا الحباب: إنه أنزل آي شداد، فاذهب إلى رسول الله ﷺ- فذكره أخصر منه.]] سَواءٌ عَلَيْهِمْ الاستغفار وعدمه، لأنهم لا يلتفتون إليه ولا يعتدون به لكفرهم. أو لأن الله لا يغفر لهم. وقرئ: استغفرت، على حذف حرف الاستفهام لأنّ «أم» المعادلة تدل عليه. وقرأ أبو جعفر: آستغفرت، إشباعا لهمزة الاستفهام للإظهار والبيان، لا قلبا لهمزة الوصل ألفا، كما في: آلسحر، وآلله يَنْفَضُّوا يتفرقوا. وقرئ: ينفضوا، من انفض القوم إذا فنيت أزوادهم. وحقيقته: حان لهم أن ينفضوا مزاودهم وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وبيده الأرزاق والقسم، وفهو رازقهم منها، وإن أبى أهل المدينة أن ينفقوا عليهم، ولكن عبد الله وأضرابه جاهلون لا يَفْقَهُونَ ذلك فيهذون بما يزين لهم الشيطان. وقرئ: ليخرجنّ الأعز منها الأذل بفتح الياء. وليخرجنّ، على البناء للمفعول. قرأ الحسن وابن أبى عبلة: لنخرجنّ، بالنون ونصب الأعز والأذل. ومعناه: خروج الأذل. أو إخراج الأذل. أو مثل الأذل وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ الغلبة والقوّة، ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين، وهم الأخصاء بذلك، كما أنّ المذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين. وعن بعض الصالحات- وكانت في هيئة رثة- ألست على الإسلام؟ وهو العز الذي لا ذل معه، والغنى الذي لا فقر معه. وعن الحسن بن على رضى الله عنهما: أنّ رجلا قال له. إنّ الناس يزعمون أنّ فيك تيها، قال: ليس بتيه، ولكنه عزة، وتلا هذه الآية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب