الباحث القرآني

مكية، وآياتها 52 [نزلت بعد الملك] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَاقَّةُ الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء، التي هي آتية لا ريب فيها. أو التي فيها حواق الأمور من الحساب والثواب والعقاب. أو التي تحق فيها الأمور، أى: تعرف على الحقيقة، من قولك لا أحق هذا، أى: لا أعرف حقيقته. جعل الفعل لها وهو لأهلها وارتفاعها على الابتداء وخبرها مَا الْحَاقَّةُ والأصل: الحاقة ما هي، أى أىّ شيء هي تفخيما لشأنها وتعظيما لهو لها، فوضع الظاهر موضع المضمر، لأنه أهول لها وَما أَدْراكَ وأىّ شيء أعلمك ما الحاقة، يعنى: أنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها، على أنه من العظم والشدة بحيث لا يبلغه دراية أحد ولا وهمه، وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك، وما في موضع الرفع على الابتداء. وأَدْراكَ معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام. بِالْقارِعَةِ التي تقرع الناس بالأفزاع والأهوال، والسماء بالانشقاق والانفطار، والأرض والجبال بالدك والنسف، والنجوم بالطمس والانكدار. ووضعت موضع الضمير لتدل على معنى القرع. في الحاقة: زيادة في وصف شدتها، ولما ذكرها وفخمها أتبع ذكر ذلك ذكر من كذب بها وما حل بهم بسبب التكذيب، تذكيرا لأهل مكة وتخويفا لهم من عاقبة تكذيبهم بِالطَّاغِيَةِ بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة. واختلف فيها، فقيل: الرجفة. وعن ابن عباس: الصاعقة. وعن قتادة: بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم. وقيل: الطاغية مصدر كالعافية، أى: بطغيانهم، وليس بذاك لعدم الطباق بينها وبين قوله بِرِيحٍ صَرْصَرٍ والصرصر: الشديدة الصوت لها صرصرة. وقيل: الباردة من الصر، كأنها التي كرر فيها البرد وكثر: فهي تحرق لشدة بردها عاتِيَةٍ شديدة العصف والعتوّ استعارة. أو عتت على عاد، فما قدروا على ردّها بحيلة، من استتار ببناء، أو لياذ بجبل، أو اختفاء في حفرة، فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم. وقيل: عتت على خزانها، فخرجت بلا كيل ولا وزن: وروى عن رسول الله ﷺ: «ما أرسل الله سفينة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من مطر إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح، فإنّ الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه السبيل، ثم قرأ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ وإن الريح يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ [[أخرجه الثعلبي وابن مردويه من رواية موسى بن أعين عن الثوري عن موسى بن المسيب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس مرفوعا. وأخرجه الطبري من طريق مهران بن أبى عمر عن سفيان موقوفا.]] ولعلها عبارة عن الشدة والإفراط فيها. الحسوم: لا يخلو من أن يكون جمع حاسم كشهود وقعود. أو مصدرا كالشكور والكفور، فإن كان جمعا فمعنى قوله حُسُوماً نحسات حسمت كل خير واستأصلت كل بركة. أو متتابعة هبوب الرياح: ما خفتت ساعة حتى أتت عليهم تمثيلا لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء، كرة بعد أخرى حتى ينحسم. وإن كان مصدرا: فإما أن ينتصب بفعله مضمرا، أى: تحسم حسوما، بمعنى تستأصل استئصالا. أو يكون صفة كقولك: ذات حسوم. أو يكون مفعولا له، أى: سخرها عليهم للاستئصال. وقال عبد العزيز ابن زرارة الكلابي: ففرّق بين بينهم زمان ... تتابع فيه أعوام حسوم [[لعبد العزيز بن زرارة الكلابي، وأصل الكلام: ففرق بينهم زمان، فبينهم ظرف للتفريق، إلا أنه أراد المبالغة بجعل التفريق بين أجزاء هذا الظرف أيضا، فقال: ففرق بين بينهم زمان، وإذا فرق بين الظرف فقد فرق بين أصحابه بالضرورة، فهو من باب الكناية. ويمكن أن بين الثاني كناية عن الوصلة التي بينهم، ولعل أصله: ففرق بين ذات بينهم، وبين سبب تفريق الزمان بينهم بوصفه بأنه تتابع فيه أعوام حسوم، من الحسم: وهو القطع، والكي بالنار مرة بعد أخرى حتى ينقطع الدم. وظاهر كلام الجوهري أنه مفرد، لأنه قال: أيام حسوم، أى: مستأصلة. والحسوم: الشؤم. ويجوز أنه جمع حاسم كراكع وركوع، وساجد وسجود، أى: حاسمات وقاطعات لأبواب الخيرات.]] وقرأ السدى: حسوما، بالفتح حالا من الريح، أى: سخرها عليهم مستأصلة. وقيل: هي أيام العجوز، وذلك أن عجوزا من عاد توارت في سرب، فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأهلكتها. وقيل: هي أيام العجز، وهي آخر الشتاء وأسماؤها: الصن والصنبر، والوبر. والآمر، والمؤتمر، والمعلل، ومطفئ الجمر. وقيل: مكفئ الظعن [[قوله «وقيل مكفئ الظعن» جمع ظعينة وهي الهودج، أفاده الصحاح. (ع)]] ومعنى سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سلطها عليهم كما شاء فِيها في مهابها. أو في الليالي والأيام. وقرئ: أعجاز نخيل مِنْ باقِيَةٍ من بقية أو من نفس باقية. أو من بقاء، كالطاغية: بمعنى الطغيان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب