الباحث القرآني

مِنْ بَعْدِهِمْ الضمير للرسل في قوله وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ أو للأمم فَظَلَمُوا فكفروا بآياتنا. أجرى الظلم مجرى الكفر لأنهما من واد واحد إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ أو فظلموا الناس بسببها حين او عدوهم وصدّوهم عنها، وآذوا من آمن بها، ولأنه إذا وجب الإيمان بها فكفروا بدل الإيمان كان كفرهم بها ظلماً، فلذلك قيل: فظلموا بها، أى كفروا بها واضعين الكفر غير موضعه، وهو موضع الإيمان. يقال لملوك مصر: الفراعنة، كما يقال لملوك فارس الأكاسرة، فكأنه قال: يا ملك مصر وكان اسمه قابوس. وقيل: الوليد بن مصعب بن الريان حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ فيه أربع قراآت، المشهورة: وحقيق علىّ أن لا أقول [[قال محمود: «فيه أربع قراآت، المشهورة: وحقيق علىّ أن لا أقول ... الخ» قال أحمد: القلب يستعمل في اللغة على وجهين، أحدهما: قلب الحقيقة إلى المجاز لوجه من المبالغة كقوله: وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر وكقوله: قد صرح السر عن كتمان وابتذلت ... وضع المحاجن بالمهرية الدقن فالحقيقة أن الضياطرة تشقى بالرماح، والمهرية تبتذل بالمحاجن، فعدل عن ذلك تنبيهاً على أن الرماح قد تنفصل وتنقصف في أجوافهم، فعبر عن ذلك بالشقاء، وأن المحاجن كثيرا ما ترفع وتوضع وتستعمل في ضرب المهرية، وربما تمزقت عن ذلك فجعل ذلك ابتذالا لها، وقد حام أبو الطيب حول هذا النوع كثيراً في أمثال قوله: والسيف يشقى كما تشقى الضلوع به ... وللسيوف كما للناس آجال والمراد بشقاء السيف: انقطاعه في أضلاع المضروب، كما صرح بذلك في قوله: طوال الردينيات يقصفها دمى ... وبيض السريجيات يقطعها لحمى الوجه الثاني: قلب معرى عن هذا المعنى البليغ، ولذلك لا يستفصح، كقولهم: خرق الثوب المسمار وأشباهه، وعلى الوجه الأول الأفصح جاءت الآية على هذه القراءة، وهو الوجه الرابع من وجوه الزمخشري، وفي طيه من المبالغة ما نبهت عليه. وأما الوجه الثاني وهو «أن ما لزمك فقد لزمته» ففيه نظر من حيث أن اللزوم قد يكون من أحد الطرفين دون الآخر، ولزوم موسى عليه السلام لقول الحق من هذا النمط، وأما الوجه الثالث فلا يلائم بين القراءتين، وقد ذكر لها وجه خامس: وهو أن يكون «على» بمعنى الباء، ونقل «رميت على القوس» بمعنى رميت بالقوس، وهو وجه حسن ملائم، والله أعلم. ويشهد له قراءة أبى: حقيق بأن لا أقول.]] ، وهي قراءة نافع وحقيق أن لا أقول وهي قراءة عبد الله وحقيق بأن لا أقول وهي قراءة أبىّ وفي المشهورة إشكال، ولا تخلو من وجوه، أحدها: أن تكون مما يقلب من الكلام لأمن الإلباس، كقوله: وَتَشْقَى الرِّمَاحُ بِالضَّيَاطِرَةِ الْحُمْرِ [[كذبتم وبيت الله حين تعالجوا ... قوادم حرب لا تلين ولا نمرى نزلت بخيل لا هوادة بينها ... وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر لخداش بن زهير، يقول لقومه: كذبتم وحق بيت الله: في دعواكم إمكان الصلح، وهذا يعلم ضمنا من قوله «حين تعالجوا، أو استعار الكذب للخطأ في الظن أو الرأى، أى أخطأتم في ممارستكم الجماعات القادمات الحرب لأجل الصلح. ويشبه أن يكون قوله «تعالجوا» محرفا، وأصله بالصاد والحاء بدل العين والجيم، وعلى كل فحذف نونه للوزن أو للتخفيف، و «لا تلين» صفة قوادم. وأمرت الناقة: در لبنها، شبه الرضاء بالصلح بأمر الناقة. على طريق التصريح، ثم نفاه وبين ذلك بقوله «نزلت بخيل» أى في أصحاب خيل. ويحتمل أن الخيل مجاز عن الفرسان، أو كناية عنهم. وروى «وتلحق خيل» فهو عطف على «لا تلين» أى: وتسرع خيل منها. والهوادة: الصلح والبقية من القوم يرجى بها صلاحهم، والمعنى أنهم لا يرجى صلحهم. وتشقى: أى تتعب الرماح بسبب الضياطرة، وهو من باب القلب لا من اللبس. والمعنى: وتشقى الضياطرة بالرماح. والضيطر: الضخم الجبان. وقياس جمعه ضياطير، إلا أنه عوض الهاء من الياء. والحمر عند العرب: كناية عن العجم، لأنها تصف الحسن بالأخضر، والقبيح بالأحمر. والمعنى: تتعب ضياطرتهم من حمل رماحهم. ويجوز أن المراد من طعن رماحنا. ويحتمل أن لا قلب، وأنه بالغ في ضخمهم، حتى كأن الرماح تتعب من طعنهم، لكن الأول هو المنقول. والمعنى: لا تصالحوهم بل نحاربهم.]] ومعناه: وتشقى الضياطرة بالرماح، وحقيق علىّ أن لا أقول، وهي قراءة نافع. والثاني: أنّ ما لزمك فقد لزمته، فلما كان قول الحق حقيقاً عليه كان هو حقيقاً على قول الحق، أى لازماً له. والثالث: أن يضمن حَقِيقٌ معنى حريص، كما ضمن «هيجنى» معنى ذكرني في بيت الكتاب. والرابع- وهو الأوجه- الأدخل في نكت القرآن: أن يعرق موسى [[قوله «أن يعرق موسى» لعله: يغرق بالمعجمة. وفي الصحاح. أغرق النازع في القوس، أى استوفى مدها. (ع)]] في وصف نفسه بالصدق في ذلك المقام لا سيما وقد روى أنّ عدو الله فرعون قال له- لما قال إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ كذبت، فيقول: أنا حقيق على قول الحق أى واجب علىّ قول الحق أن أكون أنا قائله والقائم به، ولا يرضى إلا بمثلي ناطقاً به فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ فخلهم حتى يذهبوا معى راجعين إلى الأرض المقدّسة التي هي وطنهم ومولد آبائهم، وذلك أن يوسف عليه السلام لما توفى وانقرضت الأسباط، غلب فرعون نسلهم واستعبدهم، فأنقذهم الله بموسى عليه السلام، وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر واليوم الذي دخله موسى أربعمائة عام
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب