الباحث القرآني

اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ أى لم يعتذروا من تخلفهم بالمعاذير الكاذبة كغيرهم، ولكن اعترفوا على أنفسهم بأنهم بئس ما فعلوا متذممين نادمين، وكانوا ثلاثة. أبو لبابة مروان بن عبد المنذر، وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن حزام [[قوله «روى أن الذين اعترفوا بذنوبهم كانوا ثلاثة: أبو لبابة مروان بن عبد المنذر وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن حزام» لم أجده.]] . وقيل: كانوا عشرة، فسبعة منهم أو ثقوا أنفسهم: بلغهم ما نزل في المتخلفين فأيقنوا بالهلاك، فأوثقوا أنفسهم على سوارى المسجد، فقدم رسول الله ﷺ، فدخل المسجد فصلى ركعتين- وكانت عادته ﷺ كلما قدم من سفر- فرآهم موثقين، فسأل عنهم، فذكر له أنهم أقسموا أن لا يحلوا أنفسهم حتى يكون رسول الله ﷺ هو الذي يحلهم، فقال: وأنا أقسم أن لا أحلهم حتى أومر فيهم، فنزلت، فأطلقهم وعذرهم، فقالوا: يا رسول الله، هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها وطهرنا، فقال: ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً، فنزلت: خذ من أموالهم [[أخرجه البيهقي في الدلائل وابن مردويه من طريق على ابن أبى طلحة عن ابن عباس في هذه الآية وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ- الآية كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك فلما حضر رجوع النبي ﷺ أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد- الحديث» .]] عَمَلًا صالِحاً خروجا إلى الجهاد وَآخَرَ سَيِّئاً تخلفا عنه. عن الحسن وعن الكلبي: التوبة والإثم. فإن قلت: قد جعل كل واحد منهما مخلوطا فما المخلوط به [[قال محمود: «إن قلت قد جعل كل واحد منهما مخلوطا فما المخلوط به ... الخ» قال أحمد: والتحقيق في هذا أنك إذا قلت خلطت الماء باللبن فالمصرح به في هذا الكلام أن الماء المخلوط واللبن مخلوط به، والمدلول عليه لزوما لا تصريحا كون الماء مخلوطا به واللبن مخلوطا، وإذا قلت: خلطت الماء واللبن، فالمصرح به جعل كل واحد منهما مخلوطا. وأما ما خلط به كل واحد منهما فغير مصرح به، بل من اللازم أن كل واحد منهما مخلوط به. ويحتمل أن يكون قرينة أو غيره، فقول الزمخشري: «إن قولك خلطت الماء واللبن يفيد ما يفيده مع الباء وزيادة» ليس كذلك، فالظاهر في الآية- والله أعلم- أن العدول عن الباء إنما كان لتضمين الخلط معنى العمل، كأنه قيل: عملوا عملا صالحا وآخر سيئا، ثم انضاف إلى العمل معنى الخلط فعبر عنهما معا به، والله أعلم.]] ؟ قلت: كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به، لأنّ المعنى خلط كل واحد منهما بالآخر، كقولك: خلطت الماء واللبن، ثريد: خلطت كل واحد منهما بصاحبه. وفيه ما ليس في قولك: خلطت الماء باللبن، لأنك جعلت الماء مخلوطاً واللبن مخلوطاً به، وإذا قلته بالواو جعلت الماء واللبن مخلوطين ومخلوطاً بهما، كأنك قلت: خلطت الماء باللبن واللبن بالماء، ويجوز أن يكون من قولهم: بعت الشاء شاة ودرهما، بمعنى شاة بدرهم. فإن قلت: كيف قيل أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وما ذكرت توبتهم؟ قلت: إذا ذكر اعترافهم بذنوبهم، وهو دليل على التوبة، فقد ذكرت توبتهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب