الباحث القرآني

اللامُ في قوله ﴿لأَيْمَانِكُمْ﴾ تحتملُ وجهين: أحدهما: أن تكونَ مقويةً لتعديةِ «عُرْضَةً» ، تقديره: ولا تجعلوا اللهَ معدَّى ومَرْصَداً لحَلْفِكُمْ. والثاني: أن تكونَ للتعيلِ، فتتعلَّقَ بفعلِ النهيِ، أي: لا تَجْعَلُوهُ عُرْضَةً لأجْلِ أَيْمَانِكُمْ. قوله: ﴿أَن تَبَرُّواْ﴾ فيه ستةُ أوجهٍ: أحدها: - وهو قول الزجاج، والتُبريزي، وغيرهما -: أنها في محلِّ رفع بالابتداءِ، والخبرُ محذوفٌ، تقديرُه: أَنْ تَبَرُّوا وتتقُوا وتُصْلِحُوا خَيْرٌ لكُمْ مِنْ أَن تجعلُوه عُرْضَةً لأَيْمانكم، أو بِرُّكُمْ أولى وأمثَلُ، وهذا ضعيفٌ؛ لأنه يؤدِّي إلى انقطاعِ هذه الجملةِ عمَّا قبلها، والظاهرُ تعلُّقُها به. الثاني: أنَّها في محلِّ نصب على أنها مفعولٌ من أجله، وهذا قولُ الجمهورِ، ثم اختلفوا في تقديرِه: فقيل: إرادةَ أنْ تَبَرُّوا وقيلَ: كراهةَ أن تَبَرُّوا، قاله المهدويُّ، وقيل: لِتَرْكِ أَنْ تَبَرُّوا، قاله المبرِّدُ، وقيل: لئَلاَّ تَبَرُّوا، قاله أبو عبيدة والطَّبريُّ؛ وأنشدا: [الطويل] 1083 - ... فَلاَ واللهِ تَهْبِطُ تَلْعَةً..... ... ... ... ... ... ... ... . أي: لا تَهْبِطُ، فحذف «لاَ» ومثلُه: ﴿يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ﴾ [النساء: 176] ، أي: لئلا تضِلُّوا، وتقديرُ الإِرادة هو الوجهُ، وذلك أن التقاديرَ التي ذكرناها بعد تقدير الإِرادة لا يظهرُ معناها؛ لمَا فيه من تعليل امتناعِ الحَلْفِ بانتفاء البِرِّ، بل وقوع الحَلْفِ مُعَلَّلٌ بانتفاء البِرِّ، ولا ينعقد منهما شرطٌ وجزاءٌ، لو قلتَ في معنى هذا النهي وعلَّتِه، «إِنْ حَلَفْتَ بالله، بَرَرْتَ» لم يصحَّ، بخلافِ تقديرِ الإِرادة؛ فإنه يُعَلَّل امتناع الحَلْفِ بإرادة وجودِ البِرِّ، وينعقدُ منهما شرطٌ وجزاءٌ تقول: إِنْ حَلَفْتَ، لم تَبَرَّ، وإنْ لم تَحْلِفْ، بَرَرْتَ. الثالث: أنَّها على إسقاط حرف الجرِّ، أي: في أَنْ تَبَرُّوا؛ وحينئذٍ: يَجِيء فيها القولان: قولُ سيبويه والفراء فتكون في محلِّ نصبٍ، وقولُ الخليل والكسائيَ، فتكونُ في محلِّ جرٍّ، وقال الزمخشري: ويتعلَّقُ «أَنْ تَبَرُّوا» بالفعل أو بالعُرْضَةِ، أي: «ولا تَجْعَلُوا اللهَ لأَجْلِ أَيْمَانِكُمْ عُرْضَةً لأنْ تَبَرُّوا» . قال أبو حيان: وهذا التقديرُ لا يصحُّ للفصل بين العامل ومعمولهِ بأجنبيٍّ، وذلك أنَّ «لأَيْمَانِكُمْ» عنده متعلقٌ ب «تَجْعَلُوا» ، فوقع فاصلاً بين «عُرْضَةً» التي هي العاملُ وبين «أَنْ تَبَرُّوا» الذي هو معموله وهو أجنبيٌّ منهما، ونظيرُ ما أجازه أن تقولَ: «امْرُرْ وَاضْرِبْ بِزَيْدَ هِنْداً» ، وهو غيرُ جائزٍ، ونَصُّوا على أنه لا يجوزُ: «جَاءَني رَجُلٌ ذُو فَرَسٍ رَاكِبٌ أَبْلَقَ» أي رجلٌ ذُو فَرَسٍ أَبْلَقَ راكِبٌ لِما فيه من الفصلِ بالأجنبيِّ. الرابع: أنها في محلِّ جَرٍّ؛ عطفَ بيانٍ ل «أَيْمَانِكُمْ» ، أي: للأمورِ المَحْلُوفِ عليها التي هي البِرُّ والتقوَى والإِصلاح كما في الحديث. قال أبو حيان: «وهو ضعيفٌ لما فيه من جَعْلِ الأيمانِ بمعنى المَحْلُوفِ عليه» ، والظاهرُ أنها هي الأقسام التي يُقْسَمُ بها، ولا حاجةَ إلى تأويلها بما ذُكِرَ من كَوْنها بمعنى المَحْلُوفِ عليه؛ إذ لم تَدْعُ إليه ضرورةٌ، وهذا بخلافِ الحديثِ، وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا» فإنه لا بد من تأويله فيه بالمحلوف عليه، ولا ضرورة تدعو إلى ذلك في الآية الكريمة. الخامسُ: أَنْ تكونَ في محلِّ جرٍّ على البدلِ من «لأَيْمَانِكُمْ» ؛ بالتأويل الذي ذكره الزمخشريُّ، وهذا أَوْلَى من وجهِ عطفِ البيانِ؛ فإنَّ عَطْفَ البيانِ أكثرُ ما يكونُ في الأعلام. السادس - وهو الظاهرُ -: أنَّها على إسقاطِ حرفِ الجر، لا على ذلك الوجه المتقدِّم، بل الحرفُ غيرُ الحرفِ، والمتعلِّقُ غيرُ المتعلِّقِ، والتقديرُ: «لإِقْسَامِكُمْ عَلَى أَنْ تَبَرُّوا» ف «عَلَى» متعلقٌ بإِقْسَامِكُمْ، والمعنى: وَلاَ تَجْعَلوا الله مُعَرَّضاً ومُتَبَدَّلاً لإِقْسَامكُمْ على البِرِّ والتقْوَى والإِصْلاَح الَّتي هي أوصافٌ جميلةٌ؛ خَوْفاً من الحِنْثِ، فكيف بالإِقسامِ علَى ما ليس فيه بِرٌّ ولا تَقْوَى!!! والعُرْضَةُ في اشتقاقها ثلاثةُ أقوال: أحدها: أنها «فُعْلَة» بمعنى «مَفْعُول» ؛ من العَرضِ؛ كالقُطْبَةِ والغُرْفَة، ومعنى الآية على هذا: لاَ تَجْعَلُوهُ مُعَرَّضاً للحَلْفِ من قولهم: فُلاَنٌ عُرْضَةٌ لكَذَا، أي: مُعَرَّضٌ، قال كعبٌ: [البسيط] 1084 - مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ ... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الأَعْلاَمِ مَجْهُولُ وقال حبيبٌ: [الطويل] 1085 - مَتَى كَانَ سَمْعِي عُرْضَةً لِلَّوائِمِ ... وَكِيْفَ صَفَتْ لِلْعَاذِلِينَ عَزَائِمِي وقال حسَّانُ: [الوافر] 1086 - ... ... ... ... ... ... ... ... ..... هُمُ الأَنصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ وقال أوسٌ: [الطويل] 1087 - وأَدْمَاءَ مِثْلَ الفَحْلِ يَوْماً عَرَضْتُهَا ... لِرَحْلِي وَفِيهَا هِزَّةٌ وَتَقَاذُفُ فهذا كلُّه بمعنى مُعَرَّضٌ لكذا. والثاني: أنها اسمُ ما تَعْرِضُه على الشيءِ، فيكونُ من: عَرَضَ العُودَ على الإِناءِ، فيعترضُ دونَه، ويصيرُ حاجزاً ومانعاً، ومعنى الآية علَى هذا النَّهيُ عن أَنْ يَحْلِفُوا باللهِ علَى أنَّهم لا يَبَرُّونَ ولاَ يَتَّقُونَ، ويقُولُون: لا نَقْدِرُ أَنْ نَفْعَلَ ذلك لأَجْلِ حَلْفِنَا. والثالث: أنَّها من العُرْضَة، وهي القوة، يقال: «جَمَلٌ عُرْضَةٌ للسَّفَرِ» ، أي: قويٌّ عليه؛ وقال ابن الزَّبير: [الطويل] 1088 - فَهَذِي لأَيَّامِ الحُرُوبِ وَهَذِهِ ... لِلَهْوِي وَهَذِي عُرْضَةٌ لارْتحَالِنَا أي قوةٌ وعُدَّةٌ. ثم قيل لكُلِّ ما صَلُح لِشَيء فهو عُرْضَة له، حتى قالوا للمرأَةِ: هي عُرْضَةٌ للنِّكاح إذا صَلُحَتْ له ومعنى الآية على هذا: لا تَجْعَلُوا اليمينَ بالله تعالى قوةً لأنفسكم في الامتناعِ عن البرِّ. والأَيْمَانُ: جمعُ يَمِينٍ: وأصلُها العُضْوُ، واستُعْمِلَتْ في الحَلْفِ مجازاً لما جَرَتْ عادةُ المتعاقِدِينَ بتصافُح أَيْمانهم، واشتقاقُها من اليُمْن، واليمينُ أيضاً: اسمٌ للجهةِ التي تكونُ من ناحيةِ هذا العُضْو، فينتصبُ على الظرف، وكذلك اليسارُ، تقول: زَيْدٌ يَمِينُ عَمْروٍ، وبَكرٌ يَسَارهُ، وتُجْمَعُ اليمينُ على «أَيْمُنٍ وأَيْمَانٍ» وهل المرادُ بالأَيْمان في الآية القَسَمُ نفسُه، أو المُقْسَمُ عليه؟ قولان، الأولُ أَوْلَى. وقد تقدَّمَ تجويزُ الزمخشريِّ أن يكونَ المرادُ به المحلوفَ عليه واستدلالُه بالحديث والجوابُ عنه. فصل ذكر المُفسِّرون في هذه الآية أقوالاً كثيرة، وأجودها وجهان: أحدهما: ما ذكره أبو مسلم الأصفهاني، وهو أنَّ قوله: ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ﴾ نهي عن الجُرأَة على اللهِ بكثَرةِ الحَلْفِ به؛ وذلك لأنه من أَكْثَرَ ذِكْر شيءٍ في معنًى من المعاني، فقد جعلهُ عُرْضَة له، فيقُول الرَّجُل: قد جَعَلْتَنِي عُرْضَة للَوْمك؛ قال الشَّاعر: [الطويل] 1089 - ... ... ... ... ... ... ... ... ... وَلاَ تَجْعَلُوني عُرْضَةَ للَّوَائِمِ وقد ذَمَّ الله تعالى مِنْ أكثر من الحَلْفِ بقوله: ﴿وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ﴾ [القلم: 10] ، وقال تعالى: ﴿واحفظوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: 89] والعرب كانوا يَمْدَحُون الإنسان بالإقلال من الحلف؛ كما قال كثير: [الطويل] 1090 - قَلِيلُ الأَلاَيَا حافِظٌ لِيَمِينِهِ ... وَإِنْ سَبَقَتْ مِنْهُ الأَلِيَّةُ بَرَّتِ والحِكْمَة في الأَمْرِ بتقليل الأَيمانِ؛ أن من حَلَف في كُلِّ قَلِيلٍ وكثِيرٍ باللهِ، انْطَلق لِسَانهُ بذلك، ولا يبقَى لليمِين في قَلْبِهِ وقْعٌ، فلا يُؤْمَنُ إقْدَامه على الأَيْمَانِ الكَاذِبَةِ، فيخْتَلُّ ما هو الغَرَضُ من اليمين، وأيضاً كُلَّمَا كان الإنسان أَكْثَرَ تعظِيماً لله - تعالى -، كان أكمل في العُبُوديَّة، ومن كمال التَّعظيم أن يكُون ذِكْر الله - تعالى - أَجَلَّ وأَعْلَى عِنْدَه، من أَنْ يَسْتشْهِد به في غرضٍ من الأَغراض الدُّنْيَويَّة. فإن قيل: كيف يَلْزَم من تَرْك الحَلْفِ حُصُول البِرِّ والتٌّقْوى، والإصْلاَح بين النَّاسِ؟ فالجواب: أَنَّ من تَرَك الحَلْف؛ لاعْتِقَادِه أَنّ الله أَعْظَم وأَجَلَّ من أَنْ يُسْتَشْهَد باسمِه المُعَظَّم في طَلَب الدُّنْيَا، وخَسَائِس مطالب الحَلْفِ، ولا شك أن هذا من أَعْظَمِ أَبْوَابِ البِرّ. * فصل في سبب النزول نزلت هذه الآيةُ في عبد الله بن رواحة؛ كان بينه وبَيْنَ خَتَنِهِ على أَخِيه بشير بن النُّعْمان شيء، فحلف عبد الله ألاّ يَدْخُلَ عليه، ولا يُكَلِّمَهُ، ولا يُصْلِح بَيْنَه وبين خصمهِ، وإذا قيل لهُ فيه، قال: قد حَلَفْتُ بالله ألاَّ أفْعَل، فلا يَحِلُّ لي إلاَّ أنْ تَبَرَّ يميني فأنْزَل الله هذه الآية. وقال ابن جريج: نزلت في أبي بكر الصِّدِّيق، حين حلف ألاَّ ينفق على مسطح حين خاض في حديث الإفْك، ومعنى الآية: لا تجعلوا الحلف باللهِ شيئاً مانعاً لكم من البرِّ والتَّقوَى، يُدعى أَحدكم إلى صلة الرَّحمن أو بِرِّ، فيقول: حلفتُ بالله ألاّ أفعله، فيعتل بيمينه في ترك البِرّ. قوله: ﴿والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ خَتَم بهاتَيْن الصفتَيْن؛ لتقدُّم مناسبتهما؛ فإنَّ الحَلْفَ متعلِّقٌ بالسَّمْع، وإرادة البِرِّ من فِعْلِ القلْبِ متعلقةٌ بالعِلْم، وقَدَّم السميع؛ لتقدُّم متعلِّقِه، وهو الحَلْفُ. قوله تعالى: ﴿لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو في أَيْمَانِكُمْ﴾ . واللَّغْوُ: مصدرُ لَغَا يَلْغُو، يقال: لَغَا يَلْغُو لَغْواً، مثل غَزَا يَغْزُو غَزْواً، ولغِيَ يَلْغَى لَغًى مثل لَقِيَ يَلْقَى لقًى إذا أتى بما لا يُحْتاجُ إليه من الكلام، أو بما لا خير فيه، أو بِما يلغى إثمه؛ كقوله - عليه الصّلاة والسّلام - «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمعَةِ: أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ» . ومن الثاني قوله تعالى: ﴿والغوا فِيهِ﴾ [فصلت: 26] . قال الفرَّاء: اللَّغا مصدر للغَيت. قال أبو العبَّاس المقري: ورد لفظ «اللَّغو» في القرآن على ثلاثة أوجه: الأول: بمعنى اليمين بغير عقديَّةٍ كهذه الآية. الثاني: بمعنى الشَّتيمة؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً﴾ [الفرقان: 72] ، أي: لم يجيبوهم؛ ومثله: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ﴾ [القصص: 55] . الثالث: بمعنى الحلف عند شُرْب الخمر؛ قال تعالى: ﴿يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا﴾ [الطور: 23] ، أي: لا يحلف بعضهم على بعض. فصل والباء في «بِاللَّغْوِ» متعلِّق ب «يؤاخذكم» والباء معناها السَّببيّة، كقوله: ﴿فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ﴾ [العنكبوت: 40] ، ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِظُلْمِهِمْ﴾ [النحل: 61] . واختلف في اللَّغْوِ: فقيل: ما سبق به اللسانُ مِنْ غيرِ قصدٍ، قاله الفرَّاء، ومنه قول الفرزدق: [الطويل] 1091 - وَلَسْتَ بِمَأْخُوذٍ بِلَغْوٍ تَقُولُهُ ... إِذَا لَمْ تُعَمِّدْ عَاقِدَاتِ العَزَائِمِ ويُحْكَى أن الحسن سُئِلَ عن اللَّغو وعن المَسبيَّة ذات زوجٍ، فنهض الفرزدق، وقال: أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قُلْتُ، وأَنْشَد البيت: [الطويل] وَلَسْتَ بمَأْخُوذٍ ... ... ... ... ... ... ... . ..... ... ... ... ... ... ... ... وقوله: [الطويل] 1092 - وَذَاتِ حَلِيلٍ أَنْكَحَتْهَا رِمَاحُنَا ... حَلاَلٌ لِمَنْ يَبْنِي بِهَا لَمْ تُطَلِّقِ فقال الحسن: «ما أَذْكَاكَ لَوْلاَ حِنْثُك» ، وقد يُطْلَقُ على كلِّ كلامٍ قبيحٍ «لَغْوٌ» . قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ﴾ [الفرقان: 72] ، ﴿لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً﴾ [مريم: 62] ؛ وقال العجاج: [الرجز] 1093 - وَرَبِّ أَسْرَابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ ... عِنِ اللَّغَا وَرَفَثَ التَّكَلُّمِ وقيل: ما يُطرحُ من الكلام؛ استغناءً عنه، مأخوذٌ من قولهم لِما لا يُعْتَدُّ به من أولاد الإِبل في الدِّيَة «لَغْوٌ» ؛ قال جريرٌ: [الوافر] 1094 - وَيَهْلكُ وَسْطَهَا المَرْئيُّ لَغْواً ... كَمَا أَلْغَيْتَ فِي الدِّيَةِ الحُوَرَا وقيل: «اللَّغو» السَّاقط الذي لا يُعتدُّ به سواء كان كلاماً أو غيره، فأَمَّا وروده في الكلام؛ فكقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ﴾ [القصص: 55] وقوله: ﴿لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً﴾ [الواقعة: 25] ، وقوله: ﴿لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً﴾ [فصلت: 26، ﴿لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً﴾ [الغاشية: 11] وقال عليه الصّلاة والسّلام: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمعَةِ والإِمَامُ يَخْطُبُ: أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ» وأما قوله: ﴿وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ﴾ [الفرقان: 72] فيحتمل أن يكون المُرادُ وإذا مَرُّوا بالكلام الَّذي يكون لغواً، وأن يكون المُرادُ: وإذا مَرُّوا بالفعل الَّذِي يكون لغواً، وأَمَّا ورود هذه اللَّفظة في غير الكلام، فكما ورد فيما لا يعتدُّ به من الدِّية في أولاد الإِبل. وقيل: هو ما لا يُفهم، من قولهم: «لَغَا الطَّائِرُ» ، أي: صوَّتَ، واللَّغو، ما لَهجَ به الإنسانُ، واللغةُ مأخوذةٌ من هذا. وقال الراغب: ولَغِيَ بكذا: أي لَهِجَ به لَهَجَ العُصْفُورِ بِلَغَاهُ، ومنه قيل للكلام الذي تَلْهَجُ به فرقةٌ «لُغَة» ؛ لجعلها مشتقةً من لَغِيَ بكذا، أي: أُولِعَ به، قوال ابن عيسى - وقد ذكر أن اللَّغوَ ما لا يفيدُ -: «ومنه اللغةُ؛ لأنَّها عند غيرِ أهلِها لَغْوٌ» ، وقد غَلَّطوه في ذلك. قوله : ﴿في أَيْمَانِكُمْ ﴾ فيه ثلاثة أوجهٍ: أحدها: أن يتعلَّق بالفعلِ قبله. الثاني: أَنْ يتعلَّقَ بنفسِ المصدرِ قبله؛ كقولك: «لَغَا فِي يمينه» . الثالث: أن يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه حال من اللَّغْوِ، وتعرفه من حيث المعنى؛ أنك لو جعلتَه صلةً لموصولٍ، ووصفْتَ به اللغو، لصحَّ المعنى، أي: اللغو الذي في أَيْمَانِكُمْ. وسُمِّي الحَلفُ يَميناً؛ لأن العرب كانوا إذا تَحَالَفُوا وضع أحدهم يمينه في يمين الآخر. وقيل: لأَنَّه يحفظ الشَّيء كما تحفظ اليد اليمنى الشَّيء. * فصل في تفسير اللغو ذكر المفسِّرون في «اللَّغو» وجوهاً: أحدها: قال الشَّافعيُّ وغيره: هو قول الرَّجل في عرض حديثه: «لاَ واللهِ» و «بَلَى واللهِ» من غير قصدٍ إليهما، وهو قول عائشة، وإليه ذهب الشَّعبي وعكرمة، لِمَا رَوَت عائشة؛ قالت: سَبَبُ نُزُولِ هَذِه الآية: قول الرَّجُل فِي عُرْضِ حديثه: (لاَ واللهِ) و (بَلَى واللهِ) أخرجه البُخاري، ويروى عن عائشة: أيمان اللَّغو ما كان في الهزل والمراء والخُصُومة، والحديث الَّذي لا ينعقِدُ عليه القلبُ. وقال آخرون: هو أن يحلف على شيءٍ يرى أنَّه صادِقٌ، ثم تَبَيَّن أنه خلاف ذلك، وهو قول ابن عبَّاس والحسن، ومجاهد، وسليمان بن يسار، والزُّهري، والسُّدِّيّ، وإبراهيم النَّخعي، وقتادة: ومكحول، وبه قال أبو حنيفة. وفائدة الخلاف: أَنَّ الشَّافعيُّ لا يوجب الكفَّارة في قول الرجل: «لاَ واللهِ» و «بَلَى واللهِ» ، ويوجبها، فيما إذا حلف على شيءٍ يعتقد أَنَّهُ كان، ثم بان أَنَّه لم يكن، وأَبو حنيفة يحكم بالضِّدِّ من ذلك. وقال سعيد بن جبير: هو اليمين في المعصية، لا يؤاخذه الله بالحَنْثِ فيها، بل يحنث ويُكَفِّر. وقال مسروق: ليس عليه كفَّارة، أنُكفِّرُ خطوات الشَّيطان؟ وقال الشَّعبيُّ: الرَّجل يحلف على المعصية كفَّارته أن يتوب منها، وكُلُّ يمين لا يحلُّ لك أن تَفِي بها، فليس فيها كفَّارة، ولو أَمرته بالكفَّارة، لأمرته أَنْ يُتمَّ على قوله. هذا هو اللَّغو؛ لأن اللَّغو هو المعصية؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ﴾ [القصص: 55] . وقال عليٌّ: هو اليمين في الغضب، وبه قال طاوس. وقال الضَّحَّاك: اللَّغو هو اليمين المُكفِّرة، سُمِّيت لغواً، لأن الكَفَّارة أسقطتِ الإثم؛ كأنه قيل: لا يُؤاخذكُم اللهُ بِاللَّغْوِ في أيمانِكُم، إِذْ كَفَّرْتُم. وقال زيد بن أسلم: هو دُعاء الرَّجُل على نفسه؛ كقوله: «أَعْمَى الله بَصَرِي إن لَمْ أَفْعَلْ كَذَا، أَخْرَجَنِي اللهُ من مَالِي إِنْ لَمْ آتِكَ غداً» أو يقول: هُوَ كَافِرٌ إن فَعَلَ كَذَا، فهذا كُلُّه لَغْوٌ لا يُؤَاخذُه الله به، ولو آخَذَ اللهُ به، لعَجَّلَ لهم العُقُوبة؛ قال تعالى: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير} [الإسراء: 11] ، ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير﴾ [يونس: 11] . وقال القاضي: هو كُلُّ ما يقع سهواً من غير قصدٍ؛ لقوله تعالى بعد ذلك: ﴿ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ ، أي: يؤاخذكم إذا تعمَّدتم، ومعلوم أنَّ المقابل للعمد هو السَّهو، حُجَّة الشَّافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها -؛ أَنَّ النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: «لَغْوُ اليَمِينِ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي قَلْبِهِ: كَلاَّ واللهِ، بَلَى واللهِ، لاَ وَاللهِ» . وروي أنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرَّ بقوم ينتضلون، ومعه رجلٌ من أصحابه، فرمى رجلٌ من القوم، فقال: أصبت واللهِ، ثم أخطأ فقال الَّذي مع النَّبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: حَنَثَ الرَّجُل يا رَسُولَ اللهِ، فقال النَّبيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «كُلُّ أَيْمَان الرُّمَاةِ لَغْوٌ لاَ كَفَّارَةَ فِيهَا، وَلاَ عُقُوبَةَ» . وأيضاً فقوله: ﴿ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ هو الَّذي يقصد الإنسانُ على سبيل الجِدِّ، ويربط قلبه به، وإذا كان كذلك، وجب أَنْ يكُونَ اللَّغْو كالمقابل له، ويكُون معناه: ما لا يقصدُ الإنسان بالجِدِّ، ولا يربط قلبه به، وذلك هو قول القائل في عرض حديثه: لا والله، وبلى والله مِنْ غير قصدٍ على سبيل العادة. وأيضاً: فَإِنَّه قال قبل هذه الآية: ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ﴾ وتقدَّم أنَّ معناه: النَّهي عن كثرة الحلفِ، والَّذِين يقولُون على سبيل العادة لاَ والله، وبلى والله، لا شك أنَّهم يكثرون الحَلْفَ واليمين، فلمَّا ذكرهم اللهُ - عقيب قوله: ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ﴾ ، وبين أنَّه لا مؤاخذة عليهم، ولا كفارة، فإيجاب مؤاخذتهم يقتضي إِمَّا أَنْ يمتنعوا عن الكلام، أو يلزمهم فِي كُلِّ لحظَةٍ كفَّارة، وكلاهُما حرجٌ في الدِّين. واحتجَّ أبو حنيفة بوجوه: الأول: قوله - عليه الصَّلاة والسَّلام -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ» ، فأوجب الكفَّارة على الحانِثِ مُطْلقاً، ولم يفصل بين الجَدِّ والهزل. الثاني: أَنَّ اليمين معنى لا يلحقه الفسخ، فلا يعتبر فيه القصد كالطَّلاق والعتاق، وهاتان الحُجَّتان توجبان الكَفَّارة في قول النَّاس لا واللهِ، وبَلَى والله، إذا حصل الحَنثُ. ويؤيِّد ما قلناه: أَنَّ اليمين في اللغة عبارةٌ عن القُوَّة؛ قال الشَّاعر: [الوافر] 1095 - إِذَا مَا رَيَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ أي: بالقوَّة، والمقصود من اليمين: تقوية جانب البِرِّ على جانب الحنث بسب اليمين، وإنَّما يفعل هذا في الموضع الَّذي يكون قابلاً للتَّقوية، وهذا إذا وقع اليمين على فعل في المستقبل، فأمَّا إذا وقع اليمين على الماضي فذلك لا يقبل التَّقوية ألبتَّة فعلى هذا فاليمين على الماضي تكون خالية عن الفائدة فأمَّا اليمين على المستقبل، فإنه قابلٌ للتَّقوية. قوله: ﴿ولكن يُؤَاخِذُكُم﴾ وقعت هنا «َلَكِنْ» بين نقيضين؛ باعتبار وجود اليمين؛ لأنَّها لا تَخْلُو: إمَّا ألاَّ يقصدها القلبُ: بل جرتْ على اللسانِ، وهي اللَّغْوُ، وإمَّا أن يقصِدَها، وهي المنعقدةُ. قوله تعالى: ﴿بِمَا كَسَبَتْ﴾ متعلِّقٌ بالفعلِ قبله، والباءُ للسببية كما تقدَّم، و «مَا» يجوزُ فيها ثلاثةُ أوجه: أظهرها: أنها مصدريةٌ لتُقابل المصدر، وهو اللَّغو، أي: لا يؤاخذكم باللغوِ، ولكن بالكسب. والثاني: أنها بمعنى «الذي» ، ولا بُدَّ من عائدٍ محذوفٍ، أي: كَسَبَتْهُ؛ ويرجِّحُ هذا أنها بمعنى «الَّذِي» أكثرُ منها مصدريةً. والثالثُ: أن تكونَ نكرةً موصوفةً، والعائدُ أيضاً محذوفٌ، وهو ضعيفٌ، وفي هذا الكلام حَذْفٌ، تقديره: ولكنْ يُؤاخِذكُمْ في أَيْمَانِكُمْ بما كَسَبَتْ قلوبُكُمْ؛ فحذف لدلالةِ ما قبله عليه. فصل قوله: ﴿يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ ، أي: عزمتُم وقصدتُم إلى اليمين، وكَسبُ القَلْب: العقدُ والنِّيَّة. وقال زيد بن أسلم في قوله: «وَلكِم يُؤَاخِذُكم بما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ» هو في الرَّجل يقول: هو مشركٌ إن فعل أي: هذا اللَّغو إلاَّ أن يعقد الشِّرك بقلبه ويكسبه. واعلم أنَّ اليمين لا تنعقد إلاَّ باللهِ تعالى أو اسم من أسمائِهِ، أو صفةٍ من صفاته، فاليمين باللهِ أَنْ يقول: والَّذي أعبده، والَّذِي أصلِّي له؛ والَّذِي نفسي بيده، ونحو ذلك. واليمين بأسمائه؛ كقوله: واللهِ؛ والرَّحْمنِ ونحوه. واليمين بصفاته؛ كقوله: وعزَّة اللهِ؛ وعظمةِ اللهِ؛ وجلال اللهِ؛ وقدرة اللهِ، ونحوها. فإذا حلف بشيءٍ منها على أمرٍ في المستقبل فحنث، وجبت عليه الكفَّارة، وإذا حلف على أمرٍ ماضٍ أَنه كان ولم يكُن وقد كان، إِنْ كان عالِماً به حال اليمين، فهو اليمين الغموس وهو من الكبائر، وتجبُ فيه الكفَّارة عند الشَّافعيِّ، عالماً كان أو جاهلاً. وقال أصحاب الرَّأي: إِنْ كان عالِماً، فهو كبيرةٌ، ولا كفَّارة لها كسائر الكبائر، وإِنْ كان جاهلاً، فهو يمين اللَّغو عندهم. واحتجَّ الشَّافعيُّ بهذه الآية على وجوب الكفَّارة في اليمين الغموس؛ قال: «لأَنَّه - تعالى - ذكر ههنا المؤاخذة بكسب القلب، وقال في آيةِ المائدة: ﴿ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأيمان﴾ [المائدة: 89] ، وعقد اليمين محتمل لأن يكون المراد به العقد الَّذي مضادُّه الحِلّ، فلما ذكر ههنا قوله: ﴿بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ علمنا أن المراد من ذلك العقد هو عقد القلب، وأيضاً ذكر المُؤاخذة، ولم يبيِّن تلك المُؤاخذة ما هِيَ، وَبيَّنَها في آية المائِدَة بقوله: ﴿ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأيمان فَكَفَّارَتُهُ﴾ [المائدة: 89] ، فتبيَّن أن المُؤَاخَذَة هي الكَفَّارَة، فكل مُؤَاخَذَةٍ من هاتين الآيتين مجملةٌ من وجهٍ، مبيَّنَةٌ من وجهٍ آخر، فصارت كل واحدةٍ منهما مُفسَّرة للأُخرى من وجهٍ، وحصل من كُلِّ واحدةٍ منهما أَنَّ كُلَّ يمينٍ ذكر على سبيل الجِدِّ وربط القلب به، فالكفَّارة واجبةٌ فيها، ويمين الغموس كذلك، فكانت الكفَّارة واجبةٌ فيها. * فصل في كراهية الحلف بغير الله ومن حلف بغير اللهِ مثل أن قال: والكعبة، وبيت اللهِ، ونبيِّ الله؛ أو حلف بأبيه ونحو ذلك، فلا يكون يميناً، ولا تجب فيه الكفَّارة إذا حنث، وهو يمين مكروهٌ؛ قال الشَّافعيُّ: وأخشى أن تكون معصية. روى مالكٌ عن نافعٍ، عن ابن عمر؛ أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أدرك عمر بن الخطَّاب، وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه؛ فقال رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُم أَنْ تَحْلفُوا بآبَائِكُم، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» . قوله تعالى: ﴿والله غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ قد تقدَّم أن «الغَفُور» مبالغةٌ في ستر الذُّنوب، وفي إسقاط عقوبتها. وأمَّا «الحليم» فاعلم أن الحلم في كلام العرب الأناة، والسُّكون مع القُدرة والقُوَّة، ويقال ضع الهودج على أحلم الجمال، أي: على أشدِّها قوَّةً في السَّير، ومنه الحِلْم، لأَنَّه يرى في حال السُّكُون، وحلمة الثَّدي؛ والحليمُ مِنْ حَلُم - بالضم - يَحْلُمُ إذا عَفَا مع قُدْرَة، وأمَّا حَلِمَ الأديمُ فبالكسر يَحْلَمُ بالفتح، فسد وتثقَّب؛ وقال [الوافر] 1096 - فَإِنَّكَ وَالْكِتَابَ إِلَى عَلِيٍّ ... كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأَدِيمُ وأمَّا «حَلَمَ» ، أي: رأى في نومِه، فبالفتح، ومصدرُ الأولِ «الحِلْم» بالكسر؛ قال الجعديُّ: [الطويل] 1097 - وَلاَ خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ تَكُن لَهُ ... بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا ومصدرُ الثاني «الحَلِّمُ» بفتح اللام ومصدرُ الثالث: «الحُلُم» و «الحُلْم» بضم الحاءِ مع ضمِّ اللام وسكونها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب