الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٠٣] ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ وهو يُدْرِكُ الأبْصارَ وهو اللَّطِيفُ الخَبِيرُ﴾ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ﴾ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، إمّا مُؤَكِّدَةٌ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وكِيلٌ﴾ [الأنعام: ١٠٢] ذُكِرَتْ لِلتَّخْوِيفِ بِأنَّهُ رَقِيبٌ مِن حَيْثُ لا يُرى فَلْيُحْذَرْ، وإمّا هي مُؤَكِّدَةٌ لِما تَقَرَّرَ قَبْلُ مِن تَنَزُّهِهِ وتَعالِيهِ عَنْ إفْكِهِمْ أعْظَمَ تَأْكِيدٍ، بِبَيانِ أنَّهُ لا تَراهُ الأبْصارُ المَعْهُودَةُ وهي أبْصارُ أهْلِ الدُّنْيا، لِجَلالِهِ وكِبْرِيائِهِ وعَظَمَتِهِ، فَأنّى يَصِحُّ أنْ يُنْسَبَ إلى عَلْيائِهِ تِلْكَ العَظِيمَةُ؟ وذَلِكَ لِأنَّهُ تَعالى لَمْ يَخْلُقْ لِأرْبابِ هَذِهِ النَّشْأةِ الدُّنْيَوِيَّةِ اسْتِعْدادًا لِرُؤْيَتِهِ المُقَدَّسَةِ. قالَ العارِفُ الجَلِيلُ الشَّيْخُ الأكْبَرُ قُدِّسَ سِرُّهُ في "فُتُوحاتِهِ": سَبَبُ عَجْزِ النّاسِ عَنْ رُؤْيَةِ رَبِّهِمْ في الدُّنْيا ضَعْفُ نَشْأةِ هَذِهِ الدّارِ، إلّا لِمَن أمَدَّهُ اللَّهُ بِالقُوَّةِ، بِخِلافِ نَشْأةِ الآخِرَةِ لِقُوَّتِها. وسَبَبُ رُؤْيَتِهِ تَعالى في المَنامِ كَوْنُ النَّوْمِ أخا المَوْتِ. وفي الحَدِيثِ: «إنَّكم لَنْ تَرَوْا رَبَّكم حَتّى تَمُوتُوا». فَما نَفى الشَّرْعُ إلّا رُؤْيَةَ اللَّهِ في الدُّنْيا يَقَظَةً. انْتَهى. وقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الأبْصارَ المَعْهُودَةَ في الدُّنْيا لا تُدْرِكُهُ تَعالى؛ لِأنَّ هَذِهِ الأحْداقَ مادامَتْ تَبْقى عَلى هَذِهِ الصِّفاتِ الَّتِي هي مَوْصُوفَةٌ بِها في الدُّنْيا لا تُدْرِكُ اللَّهَ تَعالى، وإنَّما تُدْرِكُهُ إذا تَبَدَّلَتْ صِفاتُها، وتَغَيَّرَتْ أحْوالُها. وفِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (p-٢٤٤٧)««إنَّ اللَّهَ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي لَهُ أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ اللَّيْلِ، وعَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهارِ، حِجابُهُ النُّورُ أوِ النّارُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأحْرَقَتْ سُبُحاتُ وجْهِهِ ما انْتَهى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِن خَلْقِهِ»» . قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وفي الكُتُبِ المُتَقَدِّمَةِ أنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ لِمُوسى لَمّا سَألَ الرُّؤْيَةَ: يا مُوسى! إنَّهُ لا يَرانِي حَيٌّ إلّا ماتَ، ولا يابِسٌ إلّا تَدَهْدَهَ. وقالَ تَعالى: ﴿فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وخَرَّ مُوسى صَعِقًا فَلَمّا أفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إلَيْكَ وأنا أوَّلُ المُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٣] أقُولُ: كَوْنُ المَنفِيِّ مِنَ الإدْراكِ في هَذِهِ الآيَةِ هو الإدْراكُ الدُّنْيَوِيُّ خاصَّةً، لا يَحْتاجُ إلى حُجَّةٍ ولا بُرْهانٍ. ومَن فَهِمَ مِن بَعْضِ الفِرَقِ، كالمُعْتَزِلَةِ، مِن هَذِهِ الآيَةِ أنَّ المَنفِيَّ هو الإدْراكُ في النَّشْأتَيْنِ، فَقَدْ نادى عَلى نَفْسِهِ بِالجَهْلِ بِما دَلَّ عَلَيْهِ كِتابُ اللَّهِ تَعالى وسُنَّةُ رَسُولِهِ ﷺ المُتَواتِرَةُ. أمّا الكِتابُ فَمِثْلَ قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] وأمّا السُّنَّةُ فَما رُوِيَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيِّ قالَ: «كُنّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، إذْ نَظَرَ إلى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ وقالَ: «إنَّكم سَتَرَوْنَ رَبَّكم كَما تَرَوْنَ هَذا القَمَرَ، لا تُضامُونَ في (p-٢٤٤٨)رُؤْيَتِهِ، فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا عَنْ صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وقَبْلَ غُرُوبِها فافْعَلُوا»، ثُمَّ قَرَأ: ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ﴾ [ق: ٣٩]» . قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: تَواتَرَتِ الأخْبارُ عَنْ أبِي سَعِيدٍ وأبِي هُرَيْرَةَ وأنَسٍ وجَرِيرٍ وصُهَيْبٍ وبِلالٍ وغَيْرِ واحِدٍ مِنَ الصَّحابَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ««أنَّ المُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ في الدّارِ الآخِرَةِ في العَرَصاةِ وفي رَوْضاتِ الجَنّاتِ»» . انْتَهى. قالَ الحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ في "الفَتْحِ": وأدِلَّةُ السَّمْعِ طافِحَةٌ بِوُقُوعِ ذَلِكَ في الآخِرَةِ لِأهْلِ الإيمانِ دُونَ غَيْرِهِمْ، ومَنعِ ذَلِكَ في الدُّنْيا. إلّا أنَّهُ اخْتُلِفَ في نَبِيِّنا ﷺ. انْتَهى. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: كانَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها تُثْبِتُ الرُّؤْيا في الدّارِ الآخِرَةِ وتَنْفِيها في الدُّنْيا، وتَحْتَجُّ بِهَذِهِ الآيَةِ. انْتَهى. فَعَنْ مَسْرُوقٍ قالَ: «قُلْتُ لِعائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: يا أُمَّتاهُ! هَلْ رَأى مُحَمَّدٌ ﷺ رَبَّهُ، فَقالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعْرِي مِمّا قُلْتَ! أيْنَ أنْتَ مِن ثَلاثٍ: مَن حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ: مَن حَدَّثَكَ أنَّ مُحَمَّدًا رَأى رَبَّهُ (p-٢٤٤٩)فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأتْ: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ وهو يُدْرِكُ الأبْصارَ﴾ ﴿وما كانَ لِبَشَرٍ أنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلا وحْيًا أوْ مِن وراءِ حِجابٍ﴾ [الشورى: ٥١] ومَن حَدَّثَكَ أنَّهُ يَعْلَمُ ما في غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأتْ: ﴿وما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَدًا﴾ [لقمان: ٣٤] ومَن حَدَّثَكَ أنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأتْ: ﴿يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْـزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧] ولَكِنَّهُ رَأى جِبْرِيلَ في صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ». أخْرَجَهُ الشَّيْخانِ والتِّرْمِذِيُّ. وخالَفَها ابْنُ عَبّاسٍ. فَعَنْهُ إطْلاقُ الرُّؤْيَةِ، وعَنْهُ أنَّهُ رَآهُ بِفُؤادِهِ. والمَسْألَةُ تُذْكَرُ مَبْسُوطَةً في أوَّلِ سُورَةِ النَّجْمِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى. ومِنَ النّاسِ مَن ذَهَبَ إلى أنَّ الإدْراكَ لَيْسَ هو مُطْلَقَ الرُّؤْيَةِ، بَلْ مَعْرِفَةُ الكُنْهِ أوِ الإحاطَةِ. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: قالَ آخَرُونَ: لا مُنافاةَ بَيْنَ إثْباتِ الرُّؤْيَةِ ونَفْيِ الإدْراكِ. فَإنَّ الإدْراكَ أخَصُّ مِنَ الرُّؤْيَةِ، ولا يَلْزَمُ مِن نَفْيِ الأخَصِّ انْتِفاءُ الأعَمِّ. ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلاءِ في الإدْراكِ المَنفِيِّ ما هُوَ؟ فَقِيلَ: مَعْرِفَةُ الحَقِيقَةِ؛ فَإنَّ هَذا لا يَعْلَمُهُ إلّا هُوَ، وإنْ رَآهُ المُؤْمِنُونَ، كَما أنَّ مَن رَأى القَمَرَ فَإنَّهُ لا يُدْرِكُ حَقِيقَتَهُ وكُنْهَهُ وماهِيَّتَهُ، فالعَظِيمُ أوْلى بِذَلِكَ، ولَهُ المَثَلُ الأعْلى. وقالَ آخَرُونَ: الإدْراكُ أخَصُّ مِنَ الرُّؤْيَةِ؛ وهو الإحاطَةُ. قالُوا: ولا يَلْزَمُ مِن عَدَمِ الإحاطَةِ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ، كَما لا يَلْزَمُ مِن عَدَمِ إحاطَةِ العِلْمِ عَدَمُ العِلْمِ. قالَ تَعالى: ﴿ولا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١٠] (p-٢٤٥٠)وفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: ««لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ، أنْتَ كَما أثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ»» . ولا يَلْزَمُ مِنهُ عَدَمُ الثَّناءِ، فَكَذَلِكَ هَذا. انْتَهى. وقالَ النَّسَفِيُّ: تَشَبُّثُ المُعْتَزِلَةِ بِهَذِهِ الآيَةِ لا يَسْتَتِبُّ؛ لِأنَّ المَنفِيَّ هو الإدْراكُ لا الرُّؤْيَةُ والإدْراكُ هو الوُقُوفُ عَلى جَوانِبِ المَرْئِيِّ وحُدُودِهِ، وما يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الحُدُودُ والجِهاتُ، يَسْتَحِيلُ إدْراكُهُ، لا رُؤْيَتُهُ، فَنُزِّلَ الإدْراكُ مِنَ الرُّؤْيَةِ مَنزِلَةَ الإحاطَةِ مِنَ العِلْمِ، ونَفْيُ الإحاطَةِ الَّتِي تَقْتَضِي الوُقُوفَ عَلى الجَوانِبِ والحُدُودِ، لا يَقْتَضِي نَفْيَ العِلْمِ بِهِ، فَكَذا هَذا. عَلى أنَّ مَوْرِدَ الآيَةِ، وهو التَّمَدُّحُ، يُوجِبُ ثُبُوتَ الرُّؤْيَةِ، إذْ نَفْيُ إدْراكِ ما تَسْتَحِيلُ رُؤْيَتُهُ. لا تَمَدُّحَ فِيهِ؛ لِأنَّ كُلَّ ما لا يُرى لا يُدْرَكُ، وإنَّما التَّمَدُّحُ بِنَفْيِ الإدْراكِ مَعَ تَحَقُّقِ الرُّؤْيَةِ، إذِ انْتِفاؤُهُ مَعَ تَحَقُّقِ الرُّؤْيَةِ، دَلِيلُ ارْتِفاعِ نَقِيصَةِ التَّناهِي والحُدُودِ عَنِ الذّاتِ، فَكانَتِ الآيَةُ حُجَّةً لَنا عَلَيْهِمْ. انْتَهى. وقَدْ جَوَّدَ العَلّامَةُ العَضُدُ في "المَواقِفِ" البَحْثَ في هَذِهِ الآيَةِ، ونَقَلَ شُبَهَ المُنْكِرِينَ فِيها، وأجابَ عَنْها. ونَحْنُ، لِنَفاسَتِهِ، نَنْقُلُ كَلامَهُ مَعَ شَرْحِهِ لِلسَّيِّدِ الشَّرِيفِ قُدِّسَ سِرُّهُ، وبَعْضِ حَواشِيهِ، ونَصُّهُ: الأُولى: مِن شُبَهِ المُنْكِرِينَ لِلرُّؤْيَةِ السَّمْعِيَّةِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ﴾ ١ - والإدْراكُ المُضافُ إلى الأبْصارِ إنَّما هو الرُّؤْيَةُ. فَمَعْنى قَوْلِكَ: أدْرَكْتُهُ بِبَصَرِي، مَعْنى رَأيْتُهُ. لا فَرْقَ إلّا في اللَّفْظِ. أوْ هُما أمْرانِ مُتَلازِمانِ لا يَصِحُّ نَفْيُ أحَدِهِما مَعَ إثْباتِ الآخَرِ، (p-٢٤٥١)فَلا يَجُوزُ: رَأيْتُهُ وما أدْرَكْتُهُ بِبَصَرِي ولا عَكْسُهُ. فالآيَةُ نَفَتْ أنْ تَراهُ الأبْصارُ وذَلِكَ يَتَناوَلُ جَمِيعَ الأبْصارِ بِواسِطَةِ اللّامِ الجِنْسِيَّةِ في مَقامِ المُبالَغَةِ، في جَمِيعِ الأوْقاتِ؛ لِأنَّ قَوْلَكَ: فُلانٌ تُدْرِكُهُ الأبْصارُ، لا يُفِيدُ عُمُومَ الأوْقاتِ، فَلا بُدَّ أنْ يُفِيدَهُ ما يُقابِلُهُ، فَلا يَراهُ شَيْءٌ مِنَ الأبْصارِ، لا في الدُّنْيا، ولا في الآخِرَةِ لِما ذَكَرْنا. ٢ - ولِأنَّهُ تَعالى تَمْدَّحَ بِكَوْنِهِ لا يُرى، فَإنَّهُ ذَكَرَهُ في أثْناءِ المَدائِحِ: وما كانَ مِنَ الصِّفاتِ عَدَمُهُ مَدْحًا، كانَ وُجُودُهُ نَقْصًا، يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْهُ، فَظَهَرَ أنَّهُ يَمْتَنِعُ رُؤْيَتُهُ، وإنَّما قُلْنا: (مِنَ الصِّفاتِ) احْتِرازًا عَنْ (الأفْعالِ)، كالعَفْوِ والِانْتِقامِ، فَإنَّ الأوَّلَ فَضْلٌ، والثّانِيَ عَدْلٌ، وكِلاهُما كَمالٌ. والجَوابُ: أما عَنِ الوَجْهِ الأوَّلِ في الِاسْتِدْلالِ بِالآيَةِ فَمِن وُجُوهٍ: الأوَّلُ: أنَّ الإدْراكَ هو الرُّؤْيَةُ، عَلى نَعْتِ الإحاطَةِ بِجَوانِبِ المَرْئِيِّ، إذْ حَقِيقَتُهُ النَّيْلُ والوُصُولُ، و(إنّا لَمُدْرَكُونَ) أيْ: مُلْحَقُونَ، و(أدْرَكَتِ الثَّمَرَةُ) أيْ: وصَلَتْ إلى حَدِّ النُّضْجِ و(أدْرَكَ الغُلامُ) أيْ: بَلَغَ. ثُمَّ نُقِلَ إلى الرُّؤْيَةِ المُحِيطَةِ، لِكَوْنِها أقْرَبَ إلى تِلْكَ الحَقِيقَةِ. والرُّؤْيَةُ المُكَيَّفَةُ بِكَيْفِيَّةِ الإحاطَةِ، أخَصُّ مُطْلَقًا مِنَ الرُّؤْيَةِ المُطْلَقَةِ. فَلا يَلْزَمُ مِن نَفْيِ المُحِيطَةِ عَنِ البارِي سُبْحانَهُ، لِامْتِناعِ الإحاطَةِ، نَفْيُ المُطْلَقَةِ عَنْهُ. وقَوْلُهُ: (لا يَصِحُّ نَفْيُ أحَدِهِما مَعَ إثْباتِ الآخَرِ) مَمْنُوعٌ، بَلْ يَصِحُّ أنْ يُقالَ: رَأيْتُهُ وما أدْرَكَهُ بَصَرِي. أيْ: لَمْ يُحِطْ بِهِ مِن جَوانِبِهِ، وإنْ لَمْ يَصِحَّ عَكْسُهُ. الثّانِي: أنَّ (تُدْرِكُهُ الأبْصارُ) مُوجَبَةٌ كُلِّيَّةٌ؛ لِأنَّ مَوْضُوعَها جَمْعٌ مُحَلًّى بِاللّامِ الِاسْتِغْراقِيَّةِ. وقَدْ دَخَلَ عَلَيْها النَّفْيُ فَرَفَعَها. ورَفَعَ المُوجَبَةَ الكُلِّيَّةَ سالِبَةً جُزْئِيَّةً. وبِالجُمْلَةِ فَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ إسْنادَ النَّفْيِ إلى الكُلِّ، بِأنْ يُلاحَظَ أوَّلًا دُخُولُ النَّفْيِ، ثُمَّ وُرُودُ العُمُومِ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ سالِبَةً كُلِّيَّةً. ونَفْيُ الإسْنادِ إلى الكُلِّ بِأنْ يُعْتَبَرَ العُمُومُ أوَّلًا، ثُمَّ وُرُودُ النَّفْيِ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ سالِبَةً جُزْئِيَّةً. ومَعَ احْتِمالِ المَعْنى الثّانِي، لَمْ يَبْقَ فِيهِ حُجَّةٌ لَكم عَلَيْنا؛ (p-٢٤٥٢)لِأنَّ أبْصارَ الكُفّارِ لا تُدْرِكُهُ، إجْماعًا. هَذا ما نَقُولُهُ: لَوْ ثَبَتَ أنَّ اللّامَ في الجَمْعِ لِلْعُمُومِ والِاسْتِغْراقِ، وإلّا عَكَسْنا القَضِيَّةَ، فادَّعَيْنا أنَّ الآيَةَ حُجَّةٌ لَنا وقُلْنا: لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ سالِبَةٌ مُهْمَلَةٌ في قُوَّةِ الجُزْئِيَّةِ، فالمَعْنى: لا تُدْرِكُهُ بَعْضُ الأبْصارِ، وتَخْصِيصُ البَعْضِ بِالنَّفْيِ يَدُلُّ بِالمَفْهُومِ عَلى الإثْباتِ لِلْبَعْضِ، فالآيَةُ حُجَّةٌ لَنا لا عَلَيْنا. انْتَهى - لَكِنَّ هَذا إنَّما يَسْتَقِيمُ إذا كانَتِ المُهْمَلَةُ مُرادِفَةً لِلْجُزْئِيَّةِ. وكَوْنُها في قُوَّتِها لا يُفِيدُ المُرادَفَةَ. ولِهَذا اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأنَّ الجِنْسَ في حَيِّزِ النَّفْيِ يُفِيدُ العُمُومَ اتِّفاقًا، نَحْوَ: ما جاءَنِي الرَّجُلُ. وإنَّما الِاحْتِمالُ لِعُمُومِ السَّلْبِ، وسَلْبُ العُمُومِ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِغْراقِ، فَكَيْفَ تُعْكَسُ القَضِيَّةُ عَلى تَقْدِيرِ حَمْلِ اللّامِ عَلى الجِنْسِ؟ ولَوْ ثَبَتَ المُرادَفَةُ لا نَدْفَعُ الِاعْتِراضَ، إذْ تَصِيرُ الآيَةُ حِينَئِذٍ حُجَّةً لَنا إلْزامِيَّةً، حَيْثُ يَرْجِعُ قَيْدُ البَعْضِيَّةِ إلى النَّفْيِ، كَما أرْجَعَ المُعْتَدِلُ قَيْدَ العُمُومِ، عَلى تَقْدِيرِ الِاسْتِغْراقِ، إلَيْهِ. فَتَأمَّلْ! كَذا في حَواشِي الحَلَبِيِّ والشِّرْوانِيِّ. الثّالِثُ: مِن تِلْكَ الوُجُوهِ أنَّها - أيِ: الآيَةَ - وإنْ عَمَّتْ في الأشْخاصِ بِاسْتِغْراقِ اللّامِ، فَإنَّها لا تَعُمُّ في الأزْمانِ؛ فَإنَّها سالِبَةٌ مُطْلَقَةٌ لا دائِمَةٌ، ونَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ، حَيْثُ لا يُرى في الدُّنْيا. قالَ العَلّامَةُ حَسَنُ حَلَبِيٍّ: وما اسْتَدَلَّ بِهِ الخَصْمُ سابِقًا عَلى أنَّها دائِمَةٌ، مِن أنَّ إيجابَها لا يُفِيدُ عُمُومَ الأوْقاتِ، فَلا بُدَّ أنْ يُفِيدَ ما يُقابِلُهُ – فَجَوابُهُ: أنَّهُ إنَّما يَتِمُّ إذا كانَ التَّقابُلُ بَيْنَهُما تُقابِلَ التَّناقُضِ، وهو مَمْنُوعٌ. فَإنَّ القَضِيَّةَ المُوجَبَةَ والسّالِبَةَ، الغَيْرَ المُوَجَّهَتَيْنِ، لَمْ تَوْضُعا في العَرَبِيَّةِ لِمَعْنَيَيْنِ مُتَناقِضَيْنِ، بَلْ لَهُما مَحامِلُ يَحْمِلُهُما المُسْتَعْمِلُ حَسَبَ ما يُرِيدُهُ. الرّابِعُ: مِنها أنَّ الآيَةَ تَدُلُّ عَلى أنَّ الأبْصارَ لا تَراهُ، ولا يَلْزَمُ مِنهُ أنَّ المُبْصِرِينَ لا يَرَوْنَهُ، لِجَوازِ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّفْيُ المَذْكُورُ في الآيَةِ، نَفْيًا لِلرُّؤْيَةِ بِالجارِحَةِ مُواجَهَةً وانْطِباعًا، كَما هو العادَةُ، فَلا يَلْزَمُ نَفْيُ الرُّؤْيَةِ بِالجارِحَةِ مُطْلَقًا. وأمّا الجَوابُ عَنِ الوَجْهِ الثّانِي وهو قَوْلُهُ: تَمَدَّحَ البارِي بِأنَّهُ لا يُرى، فَنَقُولُ: هَذا مُدَعّاكُمْ، فَأيْنَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ؟ إنْ قُلْتَ: أُشِيرَ فِيما (p-٢٤٥٣)تَقَدَّمَ إلى دَلِيلِهِ بِأنَّهُ ذُكِرَ في أثْناءِ المَدائِحِ، والمَذْكُورُ بَيْنَهُما يَجِبُ أنْ يَكُونَ مَدْحًا - قُلْتُ: ذَلِكَ الدَّلِيلُ إنَّما يَدُلُّ عَلى التَّمَدُّحِ بِنَفْيِ المُبْصَرِيَّةِ، لا بِنَفْيِ الرُّؤْيَةِ، والفَرْقُ قَدْ سَبَقَ في الجَوابِ الأوَّلِ. انْتَهى. وإذا ثَبَتَ أنَّ سِياقَ الكَلامِ يَقْتَضِي أنَّهُ تَمَدُّحٌ، لَمْ يَكُنْ لَكم فِيهِ دَلِيلٌ عَلى امْتِناعِ رُؤْيَتِهِ، بَلْ لَنا فِيهِ الحُجَّةُ عَلى صِحَّةِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأنَّهُ لَوِ امْتَنَعَتْ رُؤْيَتُهُ لَما حَصَلَ المَدْحُ بِنَفْيِها عَنْهُ؛ إذْ لا مَدْحَ لِلْمَعْدُومِ بِأنَّهُ لا يُرى، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وإنَّما المَدْحُ في عَدَمِ الرُّؤْيَةِ لِلْمُتَمَنِّعِ المُتَعَزِّزِ بِحِجابِ الكِبْرِياءِ، كَما في الشّاهِدِ. انْتَهى. وناقَشَ الخَيالِيُّ قَوْلَهُمْ: (لا مَدْحَ لِلْمَعْدُومِ) بِأنَّ عَدَمَ مَدْحِ المَعْدُومِ لِاشْتِمالِهِ عَلى مَعْدِنِ كُلِّ نَقْصٍ؛ أعْنِي: العَدَمَ، فَإنَّ أصْلَ المَمادِحِ والكَمالاتِ هو الوُجُودُ، وقَدْ عَرا عَنْهُ. كَما أنَّ الأصْواتَ والرَّوائِحَ لا تُمْدَحُ بِمَنعِ إمْكانِ رُؤْيَتِها، لِكَوْنِها مَقْرُونَةً بِسِماتِ النَّقْصِ. قالَ: والحَقُّ أنَّ امْتِناعَ الشَّيْءِ لا يَمْتَنِعُ التَّمَدُّحُ بِنَفْيِهِ؛ إذْ قَدْ ورَدَ التَّمَدُّحُ بِنَفْيِ الشَّرِيكِ، ونَفْيِ اتِّخاذِ الوَلَدِ في القُرْآنِ، مَعَ امْتِناعِهِما في حَقِّهِ تَعالى. انْتَهى. ووافَقَهُ حَسَنُ حَلَبِيٍّ في "حَواشِي شَرْحِ المَواقِفِ"، لَكِنَّهُ أجابَ بِأنَّ المَدْحَ بِجِهَةٍ لا يَقْتَضِي الكَمالَ مِن جِهاتٍ أُخَرَ، وكَذا النُّقْصانُ مِن جِهَةٍ لا يُنافِي المَدْحَ بِغَيْرِها. انْتَهى. وأجابَ قُرَّهْ خَلِيلٍ بِوُجُوهٍ: الأوَّلُ: أنَّ مُرادَ ذَلِكَ المُسْتَدِلِّ هو الإلْزامُ عَلى المُعْتَزِلَةِ، لا تَحْقِيقُ الِاسْتِدْلالِ عَلى جَوازِ الرُّؤْيَةِ. الثّانِي: أنَّ مَبْنى كَلامِهِ عَلى العُرْفِ واللُّغَةِ، فَإنَّ أهْلَها إذا أرادُوا مَدْحَ شَيْءٍ يَقُولُونَ: هَذا الشَّيْءُ مِمّا لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ، أوْ مِمّا لا تَراهُ العُيُونُ، مَعَ أنَّها مِمّا تُدْرِكُهُ عادَةً. فَهَذا القَوْلُ مِنهم يَدُلُّ عَلى إمْكانِ رُؤْيَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ عادَةً، بَلْ عَلى وُقُوعِها أيْضًا. بِخِلافِ الأصْواتِ والرَّوائِحِ ونَحْوِها، فَإنَّها لَيْسَتْ مِمّا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ عادَةً، فَلا يَحْسُنُ مَدْحُها بِعَدَمِ إدْراكِ (p-٢٤٥٤)الأبْصارِ، أوْ بِعَدَمِ رُؤْيَتِها. نَعَمْ! إذا أرادُوا مَدْحَ الأصْواتِ يَقُولُونَ: لَمْ تَسْمَعْها أُذُنٌ، وإذا أرادُوا مَدْحَ الرَّوائِحِ يَقُولُونَ: لَمْ يَشُمَّها أنْفٌ. الثّالِثُ: إنّا قُلْنا: إنَّ نَفْيَ الرُّؤْيَةِ في مَقامِ المَدْحِ يَدُلُّ عَلى إمْكانِ الرُّؤْيَةِ، ولَمْ نَقُلْ إنَّ نَفْيَ كُلِّ شَيْءٍ في مَقامِ المَدْحِ يَدُلُّ عَلى إمْكانِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، حَتّى يَرِدَ عَلَيْنا النَّقْضُ بِنَفْيِ الشَّرِيكِ، أوْ بِنَفْيِ اتِّخاذِ الوَلَدِ في مَقامِ المَدْحِ، مَعَ أنَّ إمْكانَ المَنفِيِّ في صُورَةِ النَّقْضِ نَقْصٌ يُنافِي الأُلُوهِيَّةَ، وإمْكانُ المَنفِيِّ فِيما نَحْنُ بِصَدَدِهِ لَيْسَ نَقْصًا، بَلْ هو كَمالٌ. انْتَهى. قالَ حَسَنُ حَلَبِيٍّ: إنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَلى ثُبُوتِ التَّمَدُّحِ بِنَفْيِ الرُّؤْيَةِ، تَعَزُّزًا وتَمَنُّعًا، أنْ لا يَزُولَ؛ لِأنَّ زَوالَ ما بِهِ التَّمَدُّحُ نَقْصٌ، فَيَلْزَمُ أنْ لا يُرى في الآخِرَةِ. والجَوابُ: أنَّ ذَلِكَ فِيما يَرْجِعُ إلى الصِّفاتِ. والتَّمَدُّحُ بِنَفْيِ الرُّؤْيَةِ يَرْجِعُ إلى التَّمَدُّحِ بِخَلْقِ ضِدِّها، وهو مِن قَبِيلِ الأفْعالِ، كَما أنَّ خَلْقَ الرُّؤْيَةِ أيْضًا مِنها. انْتَهى. وقَدْ بَيَّنّاهُ أوَّلًا، وسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ شافِيَةٌ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى عِنْدَ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] مِمّا هو أعْظَمُ حُجَّةً، وأوْضَحُ بُرْهانًا، واللَّهُ المُوَفِّقُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وهُوَ يُدْرِكُ الأبْصارَ﴾ أيْ: يَرى جَمِيعَ المَرْئِيّاتِ، ويُبْصِرُ جَمِيعَ المُبْصَراتِ، لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنها ﴿وهُوَ اللَّطِيفُ﴾ أيِ: الَّذِي يُعامِلُ عِبادَهُ بِاللُّطْفِ والرَّأْفَةِ ﴿الخَبِيرُ﴾ أيِ: العَلِيمُ بِدَقائِقِ الأُمُورِ وجَلِيّاتِها. وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ الجُمْلَةُ تَعْلِيلًا لِما قَبْلَها، عَلى طَرِيقَةِ اللَّفِّ، أيْ: لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ لِأنَّهُ اللَّطِيفُ، وهو يُدْرِكُ الأبْصارَ لِأنَّهُ الخَبِيرُ. قِيلَ: فَيَكُونُ: اللَّطِيفُ مُسْتَعارًا مِن مُقابِلِ الكَثِيفِ، فَشُبِّهَ بِهِ الخَفِيُّ عَنِ الإدْراكِ. وهَذا بِناءً عَلى أنَّهُ في ظاهِرِ الِاسْتِعْمالِ مِن أوْصافِ الجِسْمِ والتَّحْقِيقُ أنَّ اللَّطافَةَ المُطْلَقَةَ لا تُوجَدُ في الجِسْمِ؛ لِأنَّ الجِسْمِيَّةَ يَلْزَمُها الكَثافَةُ، وإنَّما لَطافَتُها بِالإضافَةِ، فاللَّطافَةُ المُطْلَقَةُ لا يَبْعُدُ أنْ يُوصَفَ بِها النُّورُ المُطْلَقُ، الَّذِي يَجِلُّ عَنْ إدْراكِ البَصائِرِ، فَضْلًا عَنِ الإبْصارِ، ويَعِزُّ عَنْ شُعُورِ الأسْرارِ، فَضْلًا عَنِ الأفْكارِ، ويَتَعالى عَنْ مُشابَهَةِ الصُّوَرِ والأمْثالِ، (p-٢٤٥٥)ويُنَزَّهُ عَنْ حُلُولِ الألْوانِ والأشْكالِ. فَإنَّ كَمالَ اللَّطافَةِ إنَّما يَكُونُ لِمَن هَذا شَأْنُهُ، ووَصْفُ الغَيْرِ بِها لا يَكُونُ عَلى الإطْلاقِ، بَلْ بِالقِياسِ إلى ما هو دُونَهُ في اللَّطافَةِ، ويُوصَفُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بِالكَثافَةِ - كَذا حَقَّقَهُ البَهائِيُّ في "شَرْحِ الأسْماءِ الحُسْنى". وقَوْلُ الخَفاجِيِّ: (اللَّطِيفُ المُشْتَقُّ مِنَ اللُّطْفِ بِمَعْنى الرَّأْفَةِ)، لا يَظْهَرُ لَهُ مُناسَبَةٌ هُنا - مَدْفُوعٌ بِمُلاحَظَةِ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ﴾ ذُكِرَ لِلتَّخْوِيفِ، كَما أسْلَفْنا، وحِينَئِذٍ يُناسِبُ أنْ يَشْفَعَ بِبَيانِ رَأْفَتِهِ ورَحْمَتِهِ، جَرْيًا عَلى سُنَنِ التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب