الباحث القرآني

قوله: ﴿قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ﴾ - إلى قوله - ﴿وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾. والمعنى: قال الله عز وجل، يا نوح! اهبط من الفلك إلى الأرض سلامة، وبركات عليك، وعلى أمم ممن معك: أي: من ذرية من معك: أي: من ذرية من معك من ولدك، وولد من معك من المؤمنين الذين سبقت لهم السعادة قبل خلقهم. ثم قال تعالى مخبراً عن الكافرين من ذرية من معه: ﴿وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: فلذلك رفعت الأممُ ها هنا، ولا تخفض، لأنها ليست ممن بارك الله عليها، ودعا لها بالسلامة، وإنما هو بمنزلة: رأيت زيداً، وعَمْرو جالس. ومعنى: ﴿سَنُمَتِّعُهُمْ﴾: أي: "سنرزقهم في الحياة الدنيا ما يمتعون به إلى أن يبلغوا آجالهم". ﴿ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: أي: في القيامة. قال محمد بن كعب القرظي: دخل في هذا السلام والبركة، كل مؤمن؛ ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في هذا العذاب كل كافر، وكافرة إلى يوم القيامة. ممن معك: وقف، وأجاز الفراء "وأمماً" ممن معك بالنصب على معنى ونمتع أمماً. * * * ثم قال تعالى: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ﴾ أي: تلك القصة، بمعنى: هذه القصة من الأخبار الغائبة عنك يا محمد، وعن قومك، لم تكونوا تعلمونها من قبل إخبارنا لكم، فإخبارك إياهم بهذا يدل على صدقك، ونبوتك لو عقلوا. (فاصبر): على قولهم، وعلى القيام بأمر الله عز وجل، في التبليغ، وعلى ما تلقى منهم. ﴿إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ وهذا إشارة إلى القرآن. () * * * ثم قال تعالى: ﴿وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً﴾: أي: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً. هو معطوف على قوله ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً (إِلَىٰ قَوْمِهِ)﴾ [هود: ٢٥] وسمي هود أخاهم، لأنه منهم، ومبين بلسانهم، وقيل: سمي بذلك لأنه من ولد آدم، بشر مثلهم. وعاد: قبيلة، وهو ابن أبيهم الأكبر، فلذلك قال أخوهم، وهو هود بن عبد الله بن عاد بن عادية بن عاد بن أرام بن الخالد بن عابر. قال لهم (هود): ﴿يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ﴾ إلا هو، ولا يستحق العبادة إلا هو. ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ﴾: أي: ما أنتم في اتخاذكم إلهاً غيره إلا كاذبون. ثم قال لهم: ﴿يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً﴾: أي: ليس أسألكم على ما دعوتكم إليه، كم من إخلاص العبودية لله، عز وجل، أجراً، ما أجري في ذلك إلا على الله سبحانه، ﴿ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ﴾: أي: خلقني. * * * ثم قال: ﴿وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ﴾: أي: سلوه المغفرة من عبادتكم غيره، ﴿ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ﴾ من عبادة غيره. فإن فعلتم ذلك أرسل عليكم السماء مدراراً: أي: قطر السماء متتابعاً. ومفعال للتكثير، وفيه معنى الكسب. ولذلك حذفت الهاء. وأكثر ما يأتي "مفعال" من "أفعلتُ"، وقد أتى هنا من "فعلت"، يقال: درّت تدرُّ وتدر، فهي مدرار. * * * ثم قال: ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ﴾: أي: "شدة إلى شدتكم" قاله مجاهد (إن أطعتم). وقيل: إن النسل كان قد انقطع منهم سنتين، فقال لهم هود: إن آمنتم بالله، أحيا الله بلادكم، ورزقكم الولدان، فذلك القوة. وقال أبو إسحاق: المعنى قوة في النعمة. وكانت مساكن عاد الرمال، ما بين الشام واليمن، وكانوا أهل زرع، وبساتين وعمارة، فلما أقاموا على كفرهم، وعبادة أصنامهم، ولم يُطيعوا هوداً أرسل الله عز وجل، عليهم الريح، فكانت تدخل في أنوفهم، وتخرج من أدبارهم، وتقطعهم عضواً عضواً. ثم قال لهم هود: ﴿وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾: أي: لا تدبروا عني، وعن ما دعوتكم إليه كافرين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب