الباحث القرآني

قوله: ﴿وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً﴾. المعنى: وتلك القرى من عاد وثمود وأصحاب الأيكة وغيرهم أهلكنا أهلها ﴿لَمَّا ظَلَمُواْ﴾ أي: كفروا بالله [عز وجل] وآياته [سبحانه]. * * * ﴿وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً﴾. أي: وجعلناه لوقت إهلاكهم أي لوقت هلاكهم موعداً، لا يتجاوزونه، أي أجلاً ووقتاً. فكذلك جعلنا لهؤلاء المشركين موعداً لإهلاكهم لا يتجاوزونه. وتقدير الآية: أولئك أهل القرى أهلكناهم لما ظلموا، ثم حذف المضاف. مثل ﴿وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢]، وهنا الضمير في إهلاكهم على أصله، يعود على المحذوف وعمد للإشارة فقيل: تلك لما صارت للقرى. * * * ثم قال: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾. أي: واذكر يا محمد إذ قال: موسى لفتاه يوشع بن نون [و] كان يلازم موسى ويخدمه. وهو ابن اخته، وهو يوشع بن نون ابن فزائـ[ـيـ]ـل بن يوسف بن يعقوب. والمعنى أنه قال: ليوشع لا أزال أسير حتى أبلغ مجمع البحرين، يعني اجتماع بحر فارس وبحر الروم [فبحر الروم] مما يلي المغرب، وبحر فارس مما يلي المشرق، قاله قتادة ومجاهد. * * * ومعنى ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾ أي أو أسير زماناً ودهراً. وهو واحد جمعه أحقاب في أقل العدد وكثيره. وقد يجوز أن يكون أحقاب جمع حقب وحقب جمع حقبة. [و] قال: الفراء: الحقب في لغة قيس سنة. وقال: عبد الله بن عمر: الحقب ثمانون سنة. وقال: مجاهد "سبعون خريفاً. وعن ابن عباس ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾ دهراً. وعن قتادة: زماناً. وقال: ابن زيد: الحقب الزمان وأصله في اللغة أنه وقت مبهم يقع للقليل والكثير كرهط وقوم وكان علة سيره إلى مجمع البحرين أنه واعد ثم الخضر يلقاه. * * * ثم قال: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾. أي: فلما بلغ موسى [ﷺ] وفتاه مجمع البحرين. قال: أبي بن كعب أفريقية. وقوله ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾. أي: تركاه. وقال: مجاهد أضلاه وقيل: الناسي له يوشع وحده، ولكن أضيف النسيان إليهما كما قال: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢] وإنما يخرج من أحدهما من المالح دون العذب. وقيل كان النسيان منهما جميعاً أما موسى [ﷺ] فنسي أن يقدم إلى يوشع في أمر الحوت، وأما يوشع فنسي أن يخبر موسى [ﷺ] بسرب الحوت. وكانا قد تزودا الحوت في سفرتهما فأضيف إليهما إذ هو زادهما جميعاً وإن كان حامله أحدهما. * * * ثم قال: ﴿فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً﴾. أي: اتخذ الحوت طريقه في البحر مسلكاً ومذهباً يرى. قال: ابن عباس بقي أثره كالحجر. وعنه أيضاً أنه قال: جاء فرأى أثر جناحيه في الطين حين وقع في الماء. وعن ابن عباس أنه قال: جعل الحوت لا يمس شيئاً من البحر إلا يبس حتى يصير صخرة فذلك اتخاذه في البحر سرباً. قال: ابن زيد: لما أحيى الله [عز وجل] الحوت مضى في البطحاء فاتخذ فيها طريقاً حتى وصل إلى الماء بعدما أكلا منه، وكان زادهما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب