الباحث القرآني

قوله: ﴿فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ﴾. فرق أبو عمرو بين الجدال والرفث والفسوق فجعل "لا" مع الجدال للتبرئة، وفتح وجعلها مع الرفث والفسوق، بمعنى "ليس" فرفع وذلك لأن الجدال أتى على غير معنى ما قبله، لأن معنى الأول النفي الذي ليس بعام إذ قد يقع فيه الرفث والفسوق من أهل الخطايا، فجعلت "لا" بمعنى "ليس". ومعنى الثاني أنه نفي عام إذ قد استقرت معالم الحج وثبت فرضه واستقام أداؤه، فلا جدال في إيجابه لأحد من الناس، ففتحه على ذلك. وقيل: المعنى: ولا جدال في كون الحج في ذي الحجة لأنهم كانوا يقدمون فيحجون في غير أشهر الحج ويؤخرون مثل ذلك. وروي عن ابن عباس أنه قال: "الجدال أن تماري صاحبك". فهذا التفسير يوجب أن تجري الثلاثة مجرى واحداً. ويجوز في الكلام النصب في الثاني والثالث والتنوين، [تعطفه على موضع لفظ لا]، وما عملت فيه. ويجوز فتح الأول ورفع الثاني والثالث والتنوين؛ تعطفه على موضع "رفث" قبل دخول "لا". وقرأ أبو جعفر يزيد برفع الثلاثة والتنوين، أجراها مجرى واحداً. * * * قوله: ﴿ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ﴾. معناه: أشهر الحج أشهر معلومات ثم حذف، وهي: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. وقيل: ذو الحجة كامل. وهما مرويان عن مالك. * * * قوله: ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ﴾ أي من أوجبه. وقيل: من أحرم فيهن. والرفث هو الإفحاش للمرأة بالكلام في الجماع. وقال ابن عمر: "الرفث إتيان النساء، والتكلم بذلك للرجال والنساء". وهو مروي عن ابن عباس. وقال مالك: "الرفث إصابة النساء"، قال: "والفسوق: الذبح للأصنام، والجدال هو تخاصمهم في المواقف". * * * قوله: ﴿وَلاَ فُسُوقَ﴾. لا معاصي فيما نهى عنه من قتل صيد أو أخذ شعر أو تقليم ظفر، ونحوه. وروى مجاهد عن ابن عمر: "﴿لاَ فُسُوقَ﴾: لا سباب". وكذلك روى عن ابن عباس. وقال ابن زيد: ﴿وَلاَ فُسُوقَ﴾ لا ذبح للأصنام، وقرأ: ﴿أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٤٥]. * * * وقوله: ﴿وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ﴾: أي لا يماري المحرم أحداً. وقيل: لا مراء فيه، أنه في ذي الحجة. وقيل: معناه: لا يقال: حجي أتم من حجك. وقيل: نهوا أن يختلفوا في اليوم الذي يكون فيه الحج. وقيل: إنهم نهوا أن يتماروا في المناسك، فيقول هؤلاء: هذا موقف [إبراهيم ويقول الآخرون]: بل هذا. وقيل: بل ذلك إخبار من الله أن الحج قد استقامت أوقاته لا تتقدم ولا تتأخر وأن [النسيء باطل لا نسء] فيه، قد استقام وثبتت أوقاته. فهذا على قراءة أبي عمرو حسن لأنه مخالف لما قبله في المعنى فخالف بين إعرابه. والأقاويل الأول تجري على قراءة من فتحها كلها. أو من نوَّنها كلها، لأنها منهاج واحد. * * * قوله: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ﴾. نزلت هذه الآية في قوم كانوا يحجون بغير زاد، وكان بعضهم إذا أحرم رمى بما معه من الزاد، فأمروا بالزاد. قال ابن جبير: "هو الكعك والسويق". وقال الشعبي: "هو التمر والسويق". وقال ابن جبير: "هو الكعك والزبيب". وقال سفيان: "حجوا فسألوا في الطريق، فنهوا عن ذلك وأمروا بالزاد". وقال ابن عباس: "كان ناس يخرجون ولا يتزودون، ويقولون: نحج ولا يطعمنا الله كأنهم يمتحنون الأمر، فأمروا بالزاد". وقيل: هم قوم كانوا يخرجون بلا زاد، يقولون: نتوكل. فأمروا بالزاد". * * * قوله: ﴿يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ﴾. أي يا أولي العقول. [يقال: "لَبَبْتُ] أَلُبُّ، وليس في كلام العرب فعل يفعل في المضاعف غير هذا الحرف.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب