قوله: ﴿مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ﴾ الآية.
قال ابن زيد: "هذا في الجهاد يضاعف له بالواحد سبعمائة.
ولما نزلت الآية، قالت اليهود: "هو فقير يستقرض"، يُمَوِّهُونَ بذلك على الضعفاء، فأنزل الله: ﴿لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ﴾ [آل عمران: ١٨١].
وقال السدي: "هذا التضعيف لا يعلم أحد ما هو؟".
وروي أن هذه الآية نزلت في أبي [الدحداح الأنصاري كان من أفاضل الأنصار رحمه الله. ولما حض الله المؤمنين على الصدقة، قال: يا رسول الله، ربنا يستقرض منا؟ قال رسول الله [عليه السلام]: نعم، ليعظم بذلك ثوابك، فقال يا رسول الله، والله ما أَمْلِكُ غير حائطي، وقد جعلته لله عز وجل وأرضى بثوابه. ثم مضى إلى الحائط وفيه امرأته وصبيانه، فصاح من خارج بامراته: خذي بيد الصبية فاخرجي، فإني سمعت الله يستقرض خلقه ليعظم بذلك ثوابهم فأقرضته حائطي. فقالت له امرأته: لا تقيل ولا تقال، ربح بيعك. وأخذت بيد الصبية، وخرجت والنخيل موقورة رطباً وزهواً. فقال رسول الله ﷺ: "كم من غدق مذلل في الجنة لأبي الدحداح
وقالت اليهود: "إنما ربنا فقير يستقرض منا، ولم نر غنياً يستقرض من فقير. فأنزل الله، ﴿لَّقَدْ [سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ] ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ﴾ [آل عمران: ١٨١] الآيات.
وعن الحسن أنه قال في حديث له طول: "لما نزلت الآية أتى أبو الدحداح النبي ﷺ وقال: يا نبي الله إني قد أقرضت الله حائطي. فقال له رسول الله ﷺ : أَيُّ أَحَدِهِمَا يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ؟ قال: اختر خيرهما. قال: أَبْشِرْ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَضْعَفَ لَكَ ذَلِكَ فِي الجَنَّةِ بِأَلْفِ أَلْفٍ. قال: فمضى أبو الدحداح وأخرج أولاده من الحائط، وجعل يخرج التمرة من فم هذا ومن حجر هذا، ومن كم هذا، ويلقيها في الحائط وأنشأ يقول:
يَا أُمَّ دَحْدَاحِ هَدَاكِ الهَادِي * إِلَى سَبِيلِ الخَيْرِ وَالرَّشاَدِ
بينِي مِنَ الحَائِطِ وَسْطَ الوَادِي * فَقَدْ مَضَى قَرْضاً إِلَى التَّنَادِ
أَقْرَضْتُهُ اللهَ عَلَى اعْتِمَادِ * طَوْعاً بِلاَ مَنٍّ وَلاَ ارْتِدَادِ
إِلاَّ رَجَاءَ الضِّعْفِ فِي الْمَعَادِ * فَوَرِّطِي الحَائِطَ قَبْلَ الغَادِ
وَارْتَجِلي بالْفَقْرِ وَالأَوْلادِ * قَبْلَ تَدَاعِيهِمْ إِلَى الجَدادِ
وَاسْتَبْقِي وُفقْتِ لِلرَّشَادِ * إِنَّ التُّقَى وَالبِرَّ خَيْرُ زَادِ
قَدَّمَهُ الْمَرْءُ إِلَى الْمَعَادِ
فأجابته أم الدحداح:
بَشَّرَكَ اللهُ بِخَيْرٍ وَفَلاَحْ * مِثْلُكَ أَجْرَى مَا لَدَيْهِ وَنَصَحْ
وَانْتَهَزَ الحَظَّ إِذَا الحَظُّ وَضَحْ * قَدْ مَتَّعَ اللهُ عِيَالِي مَا صَلَحْ
بِالْعَجْوَةِ السَّوْدَاءِ وَالزَهْوِ الْبَلَحْ * وَاللهُ أَوْلَى بِالَّذِي كَانَ مَنَحْ
مَعْ عَاجِلِ التَّضْعِيفِ فِيمَا قَدْ شَرَحْ * وَالمَرء يَسْعَى وَلَهُ مَا قَدْ كَدَحْ
طُولَ اللَّيالِي وَعَلَيْهِ مَا اجْتَرَحْ
فبلغ ذلك رسول الله ﷺ، فقال: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَضْعَفَهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ بِأَلْفَيْ أَلْفٍ
ومعنى ﴿يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ - بالصاد - أي يقبض الأرزاق فيضيقها على من يشاء ويبسطها فيوسعها على من يشاء.
﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾. أي إليه مرجعكم في معادكم.
{"ayah":"مَّن ذَا ٱلَّذِی یُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا فَیُضَـٰعِفَهُۥ لَهُۥۤ أَضۡعَافࣰا كَثِیرَةࣰۚ وَٱللَّهُ یَقۡبِضُ وَیَبۡصُۜطُ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ"}