الباحث القرآني

قوله: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلْجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ الآية. أي مختبركم، وذلك أنهم شكوا إلى طالوت قلة المياه بينهم وبين العدو [وكان قد خرجوا] في ثمانين ألفاً، ولم يتخلف منهم إلا ذو عذر. والنهر بين الأردن وفلسطين، امتحنهم الله به على عطش كانوا فيه. فقال: "من شرب منه فليس مني:، أي ليس من أهل ولايتي". ﴿إِلاَّ مَنِ ٱغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ سمح الله لهم في الغرفة. ﴿وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ﴾، أي من تركه، ولم يشرب منه فهو مني. فلما جاوزوا النهر شربه أكثرهم، ولم يقنعوا بغرفة، فكان من شرب عطش، ومن اغترف غرفة روى. وجعل الكفار منهم يشربون فلا يروون، والمؤمن يغترف بيده فترويه. فعبر معه منهم أربعة آلاف، وهم الذين اغترفوا، ورجع ستة وسبعون ألفاً، وهم الذين شربوا. وقال ابن زيد: "قال طالوت حين فصل، لا يصحبني إلا من له نية في الجهاد، فلم يتخلف عنه مؤمن، ولم يصحبه منافق رجعوا كفاراً، وأخذ من بقي منهم غرفة، ومنهم من لم يمسه". وكان البراء يقول: "إن أصحاب النبي عليه السلام يوم بدر، على عدة من جاز مع طالوت النهر، وذلك ثلاثمائة وبضعة عشر". وقال السدي: "عبر النهر معه أربعة ألاف، ورجع ستة وسبعون ألفاً، فلما نظروا إلى جالوت وجنوده، قال المنافقون منهم: ﴿لاَ طَاقَةَ لَنَا ٱلْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ﴾، فرجع منهم ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون، وخلص طالوت في ثلاثمائة وبضعة عشر، - عدة أهل بدر -، وهم الذين قالوا: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ ٱللَّهِ﴾. * * * ومعنى ﴿يَظُنُّونَ﴾ يوقنون، ويجوز أن يكون "يشكون" أي يشكون هل يقتلون [في تلك الغزاة، أو يسلمون، ليس هو شك في البعث. قال أكثر المفسرين: واختبرهم الله بالنهر، وامتحنهم بالعطش الشديد فشربوا إلا قليلاً منهم اغترفوا ولم يكثروا وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر وكان جالوت في مائة ألف. * * * قوله: ﴿وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ﴾ أي إذا صبروا في طاعته. وذكر ابن وهب أن ابن عباس قال لكعب: أخبرني عن ست آيات في القرآن لم أكن علمتهن، ولا تخبرني عنهن إلا بما تجد في كتاب الله المنزل: ما سجين؟ [المطففين: ٨] وما عليين؟ [المطففين: ١٨] وما سدرة المنتهى؟ [النجم: ١٤]، وما جنة المأوى؟ [النجم: ١٥] وما بال أصحاب الرس ذكرهم الله في الكتاب؟ [ق: ١٢] وما بال طالوت رغب عنه قومه؟، وما بال إدريس ذكره الله فقال: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً﴾ [مريم: ٥٧]. قال كعب: "والذي نفسي بيده لا أخبرك عنهن إلا بما أجد في كتاب الله المنزل. أما "سجين"، فإنها صخرة سوداء تحت الأرضين السبع مكتوب فيها اسم كل شيطان. فإذا قبضت نفس الكافر، عرج بها إلى السماء، فغلقت أبواب السماء دونها ثم رمي بها إلى سجين فذلك سجين. وأما "عليون"، فإنه إذا قبضت نفس المسلم عرج بها إلى السماء، وفتحت لها أبواب السماء، حتى تنتهي إلى العرش، فتخرج كف من العرش فتكتب له: نزله وكرامته فذلك "عليون". وأما سدرة المنتهى، فإنها سدرة عن يمين العرش، انتهى إليها علم العلماء فلا يعلم العلماء ما وراء تلك السدرة. وأما "جنة المأوى"، فإنها جنة تأوي إليها أرواح المؤمنين. وأما "أصحاب الرسّ"، فإنهم كانوا قوماً مؤمنين يعبدون الله في ملك جبار لا يعبد الله فخيرهم أن يكفروا أو يقتلهم، فاختاروا القتل على الكفر، فقتلهم ثم رمى بهم في قليب فلذلك سموا أصحاب الرس". وأما "طالوت"، فإنه كان من غير السبط الذي الملك فيه فلذلك رغب عنه قومه. وأما "إدريس"، فإنه كان يعرج بعمله إلى السماء، فيعدل عمله عمل جميع أهل الأرض، فاستأذن فيه ملك من الملائكة أن يؤاخيه فأذن الله له أن يؤاخيه.. الحديث" وهو مذكور في مريم بتمامه والله المستعان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب