قوله: ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾.
هو جمع أغلف كأنها في غلاف وغطاء. يقال: "سيف أغْلَفُ إذا كان في غلافه".
وقال قتادة: "معناه قلوبنا لا تفقه".
وقال ابن عباس وغيره: "معناه: قلوبنا في غطاء وغلاف فليس نفهم ما تقول كما قال: ﴿قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا﴾ [فصلت: ٥].
ويجوز أن يكون "غُلْفٌ" جمع "غلاف"، لكن أسكن تخفيفاً. ومعناه: قلوبنا أوعية للعلم لا تحتاج إلى علم محمد ﷺ.
وعلى ذلك قراءة من قرأ بِضَمِّ اللام، وهي قراءة الأعرجِ وابن محيصن ورويت عن أبي عمرو وابن عباس.
* * *
قوله: ﴿بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ﴾.
أي أبعدهم الله وطردهم وأخزاهم. وأصل اللعن الطرد والإبعاد والإقصاء.
﴿فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ﴾ نصبه على أنه نعت لمصدر محذوف أو لظرف محذوف.
وقيل: هو منصوب بـ "يؤمِنُونَ"، و "ما" زائدة.
ومعناه أنهم يقرون بالله ويوحدونه، ويكفرون بالنبي [عليه السلام] كما قال ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ﴾ [يوسف: ١٠٦].
ويجوز أن يكون المعنى أنهم لم يؤمنوا البتة، تقول العرب "قَلّ الشَّيء" إذا لم يوجد.
ويُقال: "قَلَّما رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا" أي: ما رأيت مثله.
وحكى الكسائي عن العرب: "مَرَرْتُ بِبِلاَدٍ قَلَّ مَا تُنْبِتُ إلاَّ الكُرَّاثَ والبَصَلَ" أي: ما تنبت سواهما.
وحكى سيبويه: "قلّ رجلٌ يقُولُ ذَلكَ إلاّ زَيْداً".
وقال أهل التفسير: "معناه: فقليلاً منهم من يؤمن، لأن الذين آمنوا من المشركين أكثر كثيراً ممن آمن من اليهود". وهذا مروي عن قتادة ويلزم منه رفع "قليل".
وقيل: المعنى: ليس يؤمنون مما في أيديهم إلا بقليل".
والاختيار عند أكثرهم قول من قال: "إنهم قليلوا الإيمان بما أنزل على النبي [عليه السلام].
{"ayah":"وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ"}