قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ﴾ الآية.
أخذ الله ميثاق بني إسرائيل بأن يعملوا بما في التوراة بقوة أي: بجد وعزم ونشاط وكان ذلك إذ رفع فوقهم الطور.
قوله ﴿وَٱسْمَعُواْ﴾: أي: استمعوا ما أمرتم به، وتقبلوه بالطاعة.
﴿قَالُواْ سَمِعْنَا﴾: أي: سمعنا قولك وعصينا أمرك.
وخرج في هذا من لفظ الخطاب إلى لفظ الغيبة كما قال: ﴿حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم﴾ [يونس: ٢٢]. وقد يخرج من الغيبة إلى الخطاب كما قال تعالى: ﴿ٱلْحَمْدُ للَّهِ﴾ [الفاتحة: ٢]، ثم قال بعد ذلك: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥].
* * *
قوله: ﴿وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾. أي: حب العجل من أجل كفرهم.
وقيل: المعنى إنهم سقوا من الماء الذي ذري فيه براية العجل.
وقال السدي: "إنهم شربوا من الماء الذي ذري فيه سحالة العجل بأمر موسى ﷺ لهم. فمن كان يحبه خرج على شاربه الذهب فذلك قوله: ﴿وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ﴾.
وأولى هذه الأقوال قول من قال: حب العجل. لأن الماء لا يقال فيه: أشربته بمعنى "سقيته".
وروي أنهم قالوا لموسى ﷺ: "إن عبادة العجل أسهل علينا من عبادة الرحمن، لأن العجل إن عصيناه لم يعذبنا، والرحمن إن عصيناه عذبنا". فأنزل الله: ﴿قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ﴾.
* * *
قوله: ﴿قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ﴾.
معناه أي: قل يا محمد: بئس الإيمان إيمان يأمركم بالكفر بمحمد ﷺ، لأن التوراة تنهى عن الجحود بمحمد ﷺ، وتنهى عن القتل وعن تبديل ما أنزل الله وأنتم على ذلك مصرون.
﴿إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾: أي: في قولكم إن كنتم تؤمنون بما أنزل إليكم.
وقيل: معناه: ما كنتم مؤمنين.
{"ayah":"وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُوا۟ مَاۤ ءَاتَیۡنَـٰكُم بِقُوَّةࣲ وَٱسۡمَعُوا۟ۖ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَعَصَیۡنَا وَأُشۡرِبُوا۟ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ قُلۡ بِئۡسَمَا یَأۡمُرُكُم بِهِۦۤ إِیمَـٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}