الباحث القرآني

قوله: ﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً﴾ الآية. النعاس: بدل من أمنة. ويجوز أن يكون مفعولاً من أجله. وأمنة مصدر في الأصل. وقيل: هو اسم فاعل. أخبرهم الله تعالى أنه جعلهم طائفتين طائفة أمنة حتى نعست، وطائفة أهمتها نفسها حين ظنت بالله غير الحق: أي ساء ظنها بالله سبحانه. وسبب ذلك فيما ذكر السدي:أن المشركين انصرفوا [من أحد] بعدما كان منهم، واعدوا النبي ﷺ بدراً من قابل فقال لهم: نعم، فتخوف المسلمون أن ينزل المشركون المدينة فبعث النبي ﷺ رجلاً: أنظر، فإن رأيتهم قعوداً على أثقالهم، وجنبوا خيلهم، فإن القوم ينزلون المدينة، فاتقوا الله، واصبروا وَوَطَّنهم على القتال، وإن رأيتهم سراعاً عجالاً، فليس ينزلون المدينة، فلما أبصرهم الرسول - قعود على الأثقال - سراعاً عجالاً نادى بأعلى صوته بذهابهم، فلما رأى المؤمنون ذلك أمنوا وناموا، وبقي أناس من المنافقين يظنون أن القوم يأتوهم فطار عنهم النوم، ولم يركنوا إلى قول النبي ﷺ وما أخبرهم به: أنهم لا ينزلون المدينة قال أبو طلحة: كنت أنعس حتى يسقط سيفي من يدي. ثم أخبر عز وجل نبيه ﷺ أن هؤلاء المنافقين يخفون في أنفسهم ما لا يبدون للنبي ﷺ، وأن الذي يخفون منه قولهم: ﴿لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا﴾ وأمر نبيه ﷺ أن يقول لهم: ﴿لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ﴾ قدر الله عليهم القتل إلى مضاجعهم التي سبق في علمه أنهم يقتلون بها. ومعنى: ﴿لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ﴾ [أي]: لصاروا إلى براز من الأرض، وهو المكان المنكشف. وقرأ أبو حياة: لبُرِّز الذين. مشدداً على ما لم يسم فاعله. * * * قوله: ﴿وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾ يعني به: المنافقين يبرزون من بيوتهم إلى مضاجعهم التي يموتون بها. وقيل المعنى: ﴿وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾ فرض عليكم القتال. وقال الطبري: معناه وليختبر الذي في صدوركم من الشك فيميزكم بما يظهر للمؤمنين من نفاقكم، فيميزكم المؤمنون. ﴿وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾ أي: يكفر عنكم سيئاتكم إن كنتم على يقين من دينكم ﴿وَٱللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما في صدوركم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب