الباحث القرآني

قوله ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ﴾ الآية. أخبر الله تعالى في هذه الآية بما كان من أسلاف هؤلاء الذين أرادوا كيد رسول الله ﷺ. (و) قوله: ﴿ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً﴾: النقيب - في اللغة - كالأمين والكفيل والعريف. قال قتادة: جعل من كل سبط (رجلاً شاهداً) عليهم. والأسباط: نسل (اثني عشر ولداً) ليعقوب، (فنسل كل ولد ليعقوب) سبط، (فجعل من كل سبط) رجل أمين عليهم. قال السدي: أمر الله موسى وبني إسرائيل بالسير إلى بيت المقدس - وفيها جبارون - فلما (قَرُبوا) بعث موسى اثني عشر نقيباً من جميع أسباط بني إسرائيل ليأتوه بخبر الجبارين، فلقيهم رجل من الجبارين - يقال له عاج - فأخذ (الإثني عشر) فجعلهم في حُجْزَته، وعلى رأسه حملة حطب، فانطلق بهم إلى امرأته (وقال): انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يقاتلوننا، فطرحهم بين يديها وقال: (ألا أطْحَنهُم) برجلي، فقالت له امرأته: لا بلْ خلِّ عنهم حتى يُخبروا قومَهم بما قد رَأوا، ففعل ذلك، فقال بعضهم لبعض: يا قوم إنكم إن أخبَرْتُم بني إسرائيل خبر القوم، ارتدوا عن نبي الله، ولكن اكتموه وأخبروه [نَبِييَ] الله فيكونان هما يَرَيان رأيهما، فأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك ثم رجعوا، فنكث عشرة منهم العهد، فجعل الرجل يخبر أخاه وأباه بما رأى من عاج، وكتم رجلان منهم، فأتوا موسى وهارون صلى الله عليهما وسلم فأخبروهما الخبر. وقال مجاهد: أرسل موسى النقباء - من كل سبط رجلاً - إلى الجبارين، فوجدوهم يدخل في كمّ أحدهم اثنان منهم، ولا يَحمِل عنقود عنبِهم إلا خمسةُ أنفس، ويدخل في شطر [الرمانة] - إذا نُزِع حَبُّها - خمسة أنفس، فرجع النقباء، كلهم ينهى سبطه عن قتالهم إلا يوشع بن نون وآخر معه فإنهما أمرا بقتالهم، فعصوا وأطاعوا أمر الآخرين، فعند ذلك قالوا: ﴿فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ٢٤]. قال ابن عباس: جاء النقباء بحبة من فاكهتهم يحملها رجل، فقالوا: اقْدُروا قوة قوم هذه فاكهتهُم. ﴿وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ﴾ أي: "ناصركم على عدوكم"، قيل: هو للنقباء. وقيل لجميعهم. (ومعنى) ﴿(وَ) عَزَّرْتُمُوهُمْ﴾ أي: نصرتموهم. وقيل معناه [وَقَّرْتُموهم] بالطاعة (لهم). وأصل التعزير المنع. * * * ومعنى ﴿وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ أي: "أنفقتم في سبيل الله". * * * وقوله: ﴿قَرْضاً﴾ خرج مصدراً على "قرض"، كما قال ﴿نَبَاتاً﴾ [نوح: ١٧] وقبله ﴿أَنبَتَكُمْ﴾ [نوح: ١٧]. وقوله تعالى ﴿لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلاَةَ﴾ وما بعده: تفسير لأخذ الميثاق كيف هو وما هو. * * * وقوله: ﴿وَبَعَثْنَا مِنهُمُ﴾ إلى قوله ﴿مَعَكُمْ﴾: اعتراض بين الميثاق وتفسيره، غير داخل في الميثاق الذي نقضه بنو إسرائيل دون النقباء، لأن الله تعالى قال للنقباء: ﴿إِنِّي مَعَكُمْ﴾، ومن كان الله معه لم ينقض ميثاقه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب