الباحث القرآني

قوله: ﴿وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ﴾ الآية. روي عن ابن عامر (زُيِّنَ) بالضم، (قَتْلُ) بالرفع: اسم ما لم يسم فاعله، (أوْلادِهِم) بالخفض على الإضافة، (شركاؤُهم) بالرفع على إضمار فعل دل عليه (زُيِّنَ)، كأنه قيل: زَيَّنَهُ شركاؤهم، وحكى النحويون أنه يجوز: "ضُرِبَ زَيْدٌ عَمْرُو"، كأنه قيل: "ضَرَبَهُ عَمْرُو"، كما قال (الشاعر): ؎ لِيُبْكَ يَزِيدُ ضارعٌ لخُصومةٍ. كأنه قال: يبكيه ضارع. وروى أبو عبيد عن ابن عامر (زُيّنَ) بالضم مثل الأول، (قَتْلُ) بالرفع، (أولادَهم) بالنصب، (شركائِهم) بالخفض على التفريق بين المضاف والمضاف اليه، وهو بعيد في الكلام، وبذلك قرأنا لابن عامر، وهي رواية الشاميين عنه، وإنما يجوز في (الظرف وحروف) الخفض. وقد روي بيت يجوز ذلك فيه وهو: ؎ فَزَجَجْتُها مُتَمَكّناً زَجَّ القَلوصَ أبي مَزادَه وهو بعيد. وقد روي عن ابن عامر أيضاً مثل القراءة الأولى، إلا أنه خفض الشركاء مع خفض "الأولاد"، فهذا يجوز على أن تبدل "الشركاء" من "الأولاد"، لأن الأولاد شركاؤهم في النسب والميراث. وأما قراءة الجماعة بفتح الزاي، ونصب (قَتْلَ)، وخفض "الأولاد"، ورفع "الشركاء" فهو ظاهر الكلام ووجهه. ومعنى الآية: (و) كما زين لهؤلاء أن جعلوا لله نصيباً، ولآلهتهم نصيباً، فحكموا فيه بما لا يجب، كذلك زين لكثير من المشركين قتلهم: أن قتلوا أولادهم خيفة العَيْلَةٍ، وهو وَأد البنات ﴿لِيُرْدُوهُمْ﴾ أي: ليهلكوهم، ﴿وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ﴾ أي: فعلوا ذلك (بهم) ليخلطوا عليهم دينهم) فيضلوا، ﴿وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ﴾: أي: لوفقهم إلى الصواب، ولكن خذلهم فقتلوا أولادهم وأطاعوا الشياطين. ولم يضطرهم إلى ذلك، إنما خَذَلَهُم وحَالَ بينهم وبين التوفيق. * * * قوله: ﴿فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ هذا تهدد وتوعد من الله لهم، أي: ذرهم - يا محمد - وما يكذبون، فإني لهم بالمرصاد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب