قوله: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ﴾ الآية.
المعنى: والله - الذي أمرتم أن تسلموا له - هو الذي خلق السماوات والأرض بالحق، وهو رب العالمين.
* * *
ومعنى ﴿بِٱلْحَقِّ﴾: أي: حقاً وصواباً، لا باطلاً. وقيل: المعنى: خلق السماوات والأرض بكلامه وقوله لهما: ﴿ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾ [فصلت: ١١]، فالحق هنا: كلامه ودليله.
(قوله): ﴿قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ﴾ الآية.
(فـ (الحق)): كلامه، خلق به (الأشياء المخلوقة)، وما خلق به الأشياء فهو غير مخلوق.
وقيل: المعنى: خلقهن (للحق)، يعني المعاد.
و ﴿قَوْلُهُ﴾ مرفوع (بـ (يكون))، و (الحق): نعته. وقيل: المعنى: فيكون ما أراد. و ﴿قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ﴾: ابتداء وخبر.
وقال الفراء: المعنى: ويوم يقول للصور: كن، فيكون، و (قولُه): ابتداء و (الحق) خبره.
و ﴿ٱلصُّورِ﴾ عند أبي عبيد: جمع صورة. وقيل: هو القرن الذي ينفخ فيه.
* * *
وقوله: ﴿يَوْمَ يُنفَخُ﴾ بدل من ﴿يَوْمَ يَقُولُ﴾. وقيل: العامل فيه: ﴿ٱلْحَقُّ﴾. وقيل: العامل فيه ﴿وَلَهُ ٱلْمُلْكُ﴾، لأنه يوم لا منازع له في الملك، فلذلك خصه بالذكر، وأن كان هو المالك في كل الأحيان، وهو مثل: ﴿مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤].
* * *
﴿عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ﴾: رفع على النعت لـ ﴿ٱلَّذِي﴾ في قوله: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ﴾. وقيل: ﴿وَهُوَ﴾ رفع على إضمار مبتدأ. وقيل: هو رفع بالمعنى، والتقدير: ينفخ فيه عالم ﴿ٱلْغَيْبِ﴾.
والنفخ في الصور نفختان: واحدة لفناء من كان حياً على الأرض، والثانية لنشر كل ميت، وبذلك أتى القرآن.
وقد تظاهرت الأخبار عن النبي ﷺ: "أن إسرافيل قد الْتَقَم الصور (وحَنَى) جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ، وأنه قال: الصور قرن ينفخ فيه
قال قتادة: ينفخ فيه من الصخرة من بيت المقدس.
والصور قرن فيه أرواح الخلق فينفخ فيه، فيذهب كل روح إلى جسده فيدخل فيه.
وروي عن ابن عباس: "أن عالم الغيب والشهادة هو الذي ينفخ في الصور" وتكون الآية بمنزلة قول الشاعر:
؎ ليبك يزيد ضارع لخصومه
ومعنى ﴿عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ﴾ أي: يعلم ما يغيب عنكم، ﴿وَٱلشَّهَٰدَةِ﴾ أي: يعلم أيضاً ما تشاهدون، ﴿وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ﴾ في تدبيره، ﴿ٱلْخَبِيرُ﴾ بأعمالكم.
* * *
وقوله: ﴿بِٱلْحَقِّ﴾: وَقْف إن نصبت ﴿وَ﴾ يوم على معنى: واذكر، و ﴿كُن﴾: تمام، (و) ﴿فَيَكُونُ﴾ تمام إن رفعت ﴿قَوْلُهُ﴾ بالابتداء، وجعلت ﴿فَيَكُونُ﴾ للصور، أو على معنى: فيكون ما أراد، و ﴿قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ﴾: تمام حسن إن جعلت ﴿يَوْمَ يُنفَخُ﴾ نصب بقوله: ﴿وَلَهُ ٱلْمُلْكُ﴾. (ويقف على ﴿وَلَهُ ٱلْمُلْكُ﴾) إن نصبت ﴿يَوْمَ يُنفَخُ﴾، بمعنى: واذكر. و ﴿فِي ٱلصُّورِ﴾ وقفٌ إن جعلت ﴿عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ﴾ على معنى ﴿هُوَ﴾ فإن جعلته نعتاً لـ ﴿ٱلَّذِي﴾ - أو على إضمار فعلٍ يدل عليه ﴿يُنفَخُ﴾ -، لم تقف على ﴿ٱلصُّورِ﴾.
وقد قرأ الحسن ﴿عَٰلِمُ﴾ بالخفض على البدل من الهاء في قوله ﴿وَلَهُ﴾.
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَیَوۡمَ یَقُولُ كُن فَیَكُونُۚ قَوۡلُهُ ٱلۡحَقُّۚ وَلَهُ ٱلۡمُلۡكُ یَوۡمَ یُنفَخُ فِی ٱلصُّورِۚ عَـٰلِمُ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ"}