قوله: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَى﴾ الآية.
قرأ أبو حَيْوَةَ ﴿فُرَٰدَى﴾ بالتنوين، وهي لغة تميم، ويقولون في الرفع "فُرادٌ" وحكى أحمد بن يحيى "فُرادُ" بغير تنوين مثل "رُباع".
قال القتبي: ﴿فُرَٰدَى﴾ جمع فَرْدٍ، كأنه جمع على "فَرْدان"، ثم جمع على "فرادى"، ككَسْلان وكُسالى.
وقال الطبري: واحد ﴿فُرَٰدَى﴾: "فَرَدٌ"، بالفتح.
ومن قرأ (بَيْنَكم) بالنصب، فمعناه: لقد تقطع (الأمر بينكم) والسبب بينكم، ونصبه على الظرف.
ومن رفع، جعله غيرَ ظرف، بمعنى الوَصْل، تقديره: لقد تقطع وصلُكم.
ومعنى الآية: أنها خبر من الله عما هو قائل يوم القيامة لهؤلاء المشركين، يقول لهم: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَى﴾ أي: وُحداناً لا مال معكم، ولا أثاث، ولا شيء مما كان الله خَوَّلَكُم في الدنيا. ومعنى ﴿كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾: قيل: منفردين لا شيء لكم، وقيل: عراة.
وروي أن عائشة رضي الله عنها قرأت هذه الآية فقالت: يا رسول الله، واسوأتاه إن الرجال (والنساء يحشرون جميعاً ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟، فقال لها رسول الله ﷺ: ﴿لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾، لا ينظر الرجال) إلى النساء، ولا النساء إلى الرجال، شُغِل بعض عن بعض
ومعنى ﴿وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾ أي: في الدنيا، ﴿مَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ﴾ أي: ليس نرى معكم مَن كنتم تزعمون أنهم (لكم شفعاء) عند ربكم يوم القيامة.
وكان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الآلهة، لأنها تشفع لهم عند الله، و [إنها] شركاء له.
قال عكرمة: قال النضر بن [الحارث]: "سوف تشفع لي اللات والعزى"، فنزلت هذه الآية.
{"ayah":"وَلَقَدۡ جِئۡتُمُونَا فُرَ ٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَتَرَكۡتُم مَّا خَوَّلۡنَـٰكُمۡ وَرَاۤءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَاۤءَكُمُ ٱلَّذِینَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِیكُمۡ شُرَكَـٰۤؤُا۟ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَیۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ"}