الباحث القرآني

قوله: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾، إلى قوله: ﴿لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾. أي: قبوح للمخسرين في كيلهم، الناقصين (الناس) إذا اكتالوا لهم أو وزنوا لهم. وقيل: ﴿وَيْلٌ﴾ معناه: الوادي [الذي] في أسفل جهنم يسيل فيه صديد أهلها للذين ينقصون الناس ويبخسونهم حقوقهم في كيلهم ووزنهم. قال ابن مسعود: ويل: (واد) في جهنم. والمطففون: الناقصون. وأصل ذلك في الشيء الطفيف وهو القليل، النَّزْرُ. والمطفف في اللغة: المُقَلِّلُ حَقَّ صاحبِ الحقِّ عَمَّا لَهُ من الوفاء في كيل أو وزن. وحكى القتبي: "إناء [طفان] إذا لم يكن ممتلأ". وطفف فلان صلاته: إذا لم يجودها. ويقال للشيء المطرح: طفيف. و [قيل]: معنى ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ و ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] عند سيبويه أنه دعاء يجري بين الناس، فخوطب العباد بما يجري [بينهم]، وجاء القرآن على لغتهم، فكأنه تعالى قال: هؤلاء ممن يجب هذا القول لهم، لأن هذا الكلام إنما يقال لصاحب الشر والهلكة. وروي عن ابن عباس أنه قال: لمَّا قَدِمَ النبي ﷺ المدينة كَانَ أهلها من أخْبَثِ الناس كَيْلاً، فأنزل الله: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ فأحسنوا الكيل. وهذا الخبر يدل على أن السورة نزلت بالمدينة. - وقوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾. أي: إذا اكتالوا من الناس ما لهم عليهم من حق استوفوا لأنفسهم وافياً. و ﴿عَلَى﴾ بمعنى "من" - في هذا - عند الطبري. وقيل: إن معنى الكلام بـِ "عَلَى" خلاف معناه بِـ "مِنْ" يقال: اكتلت عليك، بمعنى: أخذت ما عليك من حق. واكتلت منك، بمعنى: استوفيت منك. * * * - ثم قال تعالى: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾. أي: وإذا [كالوا] للناس أو وزنوا لهم ينقصون، فَـ "هم" في موضع نصب، على هذا يقال: كِلْتُكَ حَقَّكَ، وكِلْتُ لَكَ حَقَّكَ. وهو قول أكثر النحويين. ودل على ذلك أن الخط لا ألف فيه بين الضميرين. وقال عيسى بن عمر: الهاء والميم في موضع رفع فيهما، وتقديره عنده: وهم إذا كالوا أو وزنوا يخسرون. وقيل: "هم" في موضع رفع تأكيد للمضمر [المرفوع] في "كالوا" أو "وزنوا". * * * - ثم قال تعالى: ﴿أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾. أي: ألا يظن المطففون أنهم مبعوثون ليوم القيامة من قبورهم فيجازون على تطفيفهم وبخسِهم الناس حقوقهم. روي أنها نزلت في رجل من قريش كان بالمدينة معه صاعان: واف يقبض به، وناقص يعطي به، ثم هي عامة في كل من نقص الكيل إذا دفع وأوفى إذا قبض.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب