قوله: ﴿لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ﴾، الآية.
والمعنى: لا تقم، يا محمد، في المسجد الذي بناه المنافقون، ضِراراً وتفريقاً بين المؤمنين، أبداً.
ثم أقسم، فقال: ﴿لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ﴾، أي: ابتدئ أساسه وبناؤه على طاعة الله عز وجل، ورضوانه ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾، ابتدئ بنيانه، ﴿أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ﴾، أي: أولى أن تقوم فيه، مصلياً لله، عز وجل.
و ﴿مِنْ﴾ هاهنا، بمعنى: منذ.
وقيل: [المعنى]، من تأسيس أول يوم.
* * *
ومعنى ﴿أَوَّلِ يَوْمٍ﴾: أول الأيام: كما تقول: أتيت على كل رجل، أي: على كل الرجال.
قال ابن عمر، وعمر، وزيد بن ثابت، وأبو سعيد الخدري وابن المسيب، وخارجة بن ثابت، وابن جريج: هو مسجد رسول الله ﷺ، الذي فيه اليوم قبره.
وقال ابن عباس، وابن زيد، وعروة بن الزبير، وأبو زيد: هو مسجد قُباء. وقاله ابن جبير، وقتادة.
وروي عن النبي ﷺ، أنه قال: "هو مسجدي هذا
وقوله: ﴿فِيهِ رِجَالٌ﴾.
"الهاء" لمسجد النبي ﷺ وقال الشعبي: هي لمسجد قُباء. وكذلك قال شَهْرَ بْنُ حَوْشَب.
فعلى هذا يجوز أن يكون الضميران مختلفين، وأن يكونا متفقين.
* * *
وقوله: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ﴾.
مدحوا، لأنهم كانوا يستنجون بالماء من الغائط والبول، لا خلاف في هذا التفسير بين أهل التفسير.
قال قتادة: لما نزلت هذه الآية، قال النبي ﷺ، لأهل قُباء: إنّ الله قد أحسن عليكم الثناء في الطهور، فما تصنعون؟ قالوا: إنا نغسل عنّا أَثر الغائط والبول
قوله: ﴿أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ﴾ وقف، إن جعلت الضمير مخالفاً للضمير الأول: فإن جعلته مثله وقفت على: ﴿يَتَطَهَّرُواْ﴾.
{"ayah":"لَا تَقُمۡ فِیهِ أَبَدࣰاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ یَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِیهِۚ فِیهِ رِجَالࣱ یُحِبُّونَ أَن یَتَطَهَّرُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِینَ"}